"الناس بالناس والقطة بالنفاس " الشارع اللبناني يغلي احتجاجا على الفساد والحكومة وأحزابها تقعد صفقات التعيينات

 

السفير :

انشغلت القوى السياسية خلال الساعات الماضية في كيفية إيجاد تسوية لمسألة «المراسيم السبعين»، فيما بدت هموم الناس في واد آخر يزدحم بالازمات الاجتماعية والمعيشية «المسيّلة للدموع».
وأغلب الظن ان أحدا من المواطنين لا يشعر بأن السجال حول المراسيم يعنيه أو يهمه، وهو العالق بين مطرقة النفايات المتكدسة وسندان التقنين الكهربائي المتمادي، من دون أن تظهر في الأفق أي حلول سريعة لهذه المعاناة المتفاقمة.
ولعل مشهد عودة النفايات الى التراكم في شوارع بيروت هو الدليل الاكبر على استمرار دوران الحكومة في الحلقة المفرغة، واستفحال عجزها عن ابتكار المعالجات العاجلة للأزمات المتمادية، وفي طليعتها فضيحة النفايات التي تنتظر مطمرا، لا يزال التجاذب حوله قائما في عكار.
وإزاء انسداد شرايين الحلول المؤسساتية، يبقى الشارع المتنفس الوحيد للمواطنين اللبنانيين المعترضين على سياسة «التعذيب الجماعي»، والذين لا تكف القوى الامنية عن قمعهم بحدة، وتوقيف بعضهم، كما حصل ليل أمس الاول، بحجة ملاحقة المندسين، وهي ذريعة مطاطة باتت تستخدم في كل وقت لتبرير العنف المفرط المستعمل ضد المعتصمين والمتظاهرين.
صاعق المراسيم
وعشية انعقاد جلسة مجلس الوزراء اليوم، فوق بركان الاحتقان الشعبي، تحرك الوزير علي حسن خليل امس على خطوط عدة، لمحاولة تفادي تفجير الجلسة بـ «صاعق» المراسيم العادية المتنازع عليها، والتي تحمل في العادة تواقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص.
وتواصل خليل مع الرئيس تمام سلام و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، سعيا الى إيجاد مخرج يعيد لمّ شمل الحكومة، بعد انسحاب وزراء «تكتل التغيير والاصلاح» و«حزب الله» من الجلسة السابقة.
وعلم أنه جرى التمني على سلام المبادرة الى استرداد المراسيم السبعين وتجميد نشرها، من أجل إعطاء فرصة للمعالجة، وبالتالي لإفساح المجال امام وزراء «تكتل التغيير والاصلاح» و«حزب الله» كي يعيدوا التدقيق فيها تمهيدا للتوقيع عليها.
ويبدو أن سلام أبدى تجاوبا مع هذا الطرح من حيث المبدأ، لكن بعض تفاصيله بقيت موضع نقاش حتى ساعة متأخرة من ليل أمس.
وعلمت «السفير» ان «التيار الحر» أبلغ المعنيين انه لا يقبل فرض أمر واقع عليه، من نوع ان يتم ربط استرداد المراسيم وإعادة عرضها، بالتوقيع الإلزامي لوزراء «تكتل التغيير والاصلاح» عليها.
وأكدت مصادر بارزة في «التيار الحر» لـ«السفير» ان استرداد المراسيم السبعين يجب ان يحصل على قاعدة ان من حق وزراء «التكتل» و«حزب الله» عدم توقيع المراسيم التي توجد ملاحظات عليها، من دون التلويح بسيف «النشر الحتمي»، مؤكدة ان «التيار» لن يقبل الخضوع الى «مراسيم الإذعان».
وحذرت المصادر من خطورة استسهال اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء بالأكثرية العادية في ظل غياب رئيس الجمهورية، مشددة على ان المطلوب العودة الى آلية «التوافق المرن»، الذي يعني ان اعتراض مكونين من مكونات الحكومة على أمر ما، يجب أن يفضي الى تجميده.
وشددت المصادر على ان الخروج من المأزق الحالي يتطلب استعادة المراسيم وربط نشرها بتوقيع الوزراء الـ24، واعتماد «التوافق المرن» في اتخاذ القرارات، وإقرار التعيينات الامنية استنادا الى هذه الآلية، منبهة الى ان التفريط بهذه الفرصة سيضع العماد ميشال عون امام خيارات التصعيد خلال مؤتمره الصحافي غدا.
وقال الوزير علي حسن خليل لـ «السفير» ان مراجعة تتم للمراسيم العادية التي تشكل اختصاصا لصيقا لرئيس الجمهورية، مشيرا الى ان التحرك الذي يقوم به بتكليف من الرئيس نبيه بري «ينبع من قناعة لدينا بأن الامر جدير بالبحث، وان الحزب والتيار محقان في موقفهما القائل بضرورة توقيع الوزراء مجتمعين على المراسيم المفترض ان تحمل توقيع رئيس الجمهورية، الذي حل مكانه الوزراء الـ24 بحكم الشغور الرئاسي».
ولفت خليل الانتباه الى ان المسعى الذي يبذله يتعلق حصرا بإشكالية المراسيم ولا علاقة له بأي ملف آخر، «وبالتالي ليس معروفا ما إذا كان نجاح المسعى يمكن ان ينعكس إيجابا على مسائل خلافية أخرى في الحكومة».
وقال الوزير محمد فنيش لـ«السفير» ان المطلوب إعادة الاعتبار الى الشراكة في اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء، والامر لا يتعلق فقط بالمراسيم، وإنما يشمل كل المسائل التي يمكن ان تطرح على طاولة الحكومة، لافتا الانتباه الى انه «من غير المقبول تجاوز الآلية التي كنا قد توافقنا عليها لتنظيم عمل مجلس الوزراء على قاعدة الشراكة المستندة الى نص الدستور الذي يلحظ ان مجلس الوزراء يحل مكان رئيس الجمهورية وكالة، في حال شغور موقعه».
وأوضح ان حضور أو عدم حضور جلسات مجلس الوزراء يتوقف على مدى الاستعداد لاحترام هذه الآلية والتقيد بها.
بيروت.. والنفايات

النهار :

عوامل عدة تضافرت عشية جلسة مجلس الوزراء اليوم وأملت التوجه الاضطراري الى تسوية استباقية لاحت طلائعها فجأة وكان من علاماتها الظاهرة ارجاء رئيس "تكتل التغيير والاصلاح " النائب العماد ميشال عون مؤتمره الصحافي الذي كان يزمع عقده أمس الى غد وكذلك لقاء وزير الداخلية نهاد المشنوق وعضو "التكتل" الوزير السابق سليم جريصاتي في تطور يؤشر لإحياء التواصل بين الفريقين.
وأبرز العوامل التي أدت الى تحريك قنوات الوساطات تمثّل في بلوغ الازمة الحكومية حداً من التأزيم الخطير بعد جلسة الثلثاء لمجلس الوزراء التي ختمت على نذير انفجار مع انسحاب وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" والطاشناق وتأييد "المردة" هذه الخطوة، فيما لم يبق من ممثلي 8 آذار سوى وزراء حركة "أمل". وبدا واضحاً ان فريق العماد عون وحلفاءه تعاملوا مع القرارات التي اتخذها المجلس على رغم انسحابهم باعتبارها "انقلاباً" من حيث المراسيم التي لم يوقعها الوزراء المنسحبون. كما أن معلومات توافرت لدى "النهار" عن رسائل ضاغطة أبلغت الى الافرقاء المعنيين مباشرة أو مداورة تحذّر من انه في حال عدم تجميد المراسيم الـ70 العادية التي أحيلت على النشر مع تواقيع 18 وزيراً وعدم ايجاد مخرج لموضوع التعيينات العسكرية، فإن عصا التظاهرات الجارية على أيدي مجموعات من المجتمع المدني لن تبقى دون اسناد سياسي، الامر الذي استشم منه تهيؤ "التيار الوطني الحر" وحتى "حزب الله" للانخراط في التظاهرة التي دعت اليها حملة "طلعت ريحتكم" مساء السبت المقبل بما يعنيه ذلك من تحشيد كبير لهذه التظاهرة.
وفي أي حال، كان "حزب الله" تحرّك بقوة قبل بلورة ملامح التسوية التي جرى العمل عليها والتي اضطلع فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء تمام سلام بدور محوري. وتفيد معلومات لـ"النهار" أن مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في "حزب الله" وفيق صفا، الذي تواصل مع الرئيسين بري وسلام ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط، أبلغهم بوضوح "اننا لن نترك العماد ميشال عون ونحن متضامنون معه وندعمه الى الآخر فاذا نزل الى الشارع سننزل أمامه واذا خرج من الشارع نخرج وراءه"، داعياً هذه المراجع الى ايجاد حل مع عون.
وتسارعت الاتصالات منذ مساء الثلثاء من اجل احتواء التداعيات السلبية المحتملة في جلسة اليوم التي ستكون على جدول أعمالها ثلاثة بنود ملحة هي رواتب القطاع العام والتقديمات لوزارة الدفاع والهبات فضلاً عن استكمال البحث في أزمة النفايات. وتولى الرئيس بري والنائب جنبلاط الاتصالات مع الرئيس سلام والعماد عون و"حزب الله" توصلاً الى مخرج ينقذ الحكومة من الانفجار. وفي معلومات "النهار" ان تسوية المراسيم تلحظ تجزئتها بحسب تصنيفها، اذ ان المراسيم العادية لا تحتاج الى تواقيع 24 وزيراً باعتبار أنها ليست ذات طابع ميثاقي، أما المراسيم غير العادية فتستعيدها الحكومة لاعادة درسها ثم يوقعها جميع الوزراء لتصير نافذة.
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إنه في ضوء الحركة الكثيفة من الاتصالات التي شملت أمس مختلف الاطراف، استجاب "حزب الله" مع الرئيس بري في شأن مخرج لموضوع المراسيم التي لم يوقعها وزراء الحزب و"التيار الوطني الحر"، كما استجاب التيار مع الحزب في شأن المشاركة في جلسة اليوم. وإذا لم تطرأ أية مفاجآت، سيوقع وزراء الحزب والتيار هذه المراسيم ليكتمل إجماع الوزراء عليها. ورأت في هذه التطورات مخرجاً من شأنه أن يحافظ على التوافق داخل الحكومة ويؤمن استمراريتها، ولكن من دون معرفة ما هو الثمن الذي يجب دفعه مقابل هذا المخرج.

المستقبل :

غداة جلسة «النفايات» وعشية جلسة «الأولويات»، تسارعت الاتصالات بهدف تنفيس الاحتقان الحكومي واحتواء منسوب التشنج المتعاظم على طاولة مجلس الوزراء، بحيث فُتحت الخطوط الساخنة في أكثر من اتجاه لتبريد الأجواء وتركزت المشاورات والمبادرات في هذا الإطار بين كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط، على وقع حركة مكوكية نشطة قام بها الوزير علي حسن خليل بين عين التينة والسرايا وكليمنصو. وأوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّه بنتيجة الاتصالات لاحت في الأفق بوادر حلحلة توافقية لإشكالية السبعين مرسوماً، يُرتقب أن تنعكس أجواؤها الإيجابية على مجلس الوزراء خلال الجلسة التي ستُعقد اليوم في السرايا على نية اختبار «حسن النوايا»، موضحةً أنّ التسوية التي اقترحها بري ووافق عليها سلام وأيّدها كل من الحريري وجنبلاط تقضي بإعادة عرض هذه المراسيم على وزراء «حزب الله» وتكتل «التغيير والإصلاح» لتوقيع ما يريدون توقيعه منها، تمهيداً لتجاوز الإشكالية والمضي قدماً في بحث وإقرار البنود ذات الأولوية على جدول أعمال الجلسة وفي مقدّمها بند الرواتب.
وإذ توقعت المصادر الوزارية أن تمر جلسة مجلس الوزراء اليوم «على خير» ولم تستبعد أن يبادر وزراء الحزب والتكتل إلى توقيع مرسوم نقل الاعتمادات المالية لدفع الرواتب، أكدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«المستقبل» على «إيجابية الأجواء» عشية انعقاد مجلس الوزراء، مشيرةً في هذا السياق إلى كون «الاتصالات التي حصلت خلال الساعات الماضية ساعدت على تخفيف التشنّج وتعبيد الطريق أمام عقد جلسة حكومية هادئة (اليوم) تشمل حلّ مسألتي المراسيم والرواتب».
وبينما عاد الحديث مجدداً عن موضوع ترقية عشرة ضباط إلى رتبة لواء من بينهم العميد شامل روكز وسط التشديد على وجوب أن يقترن ذلك بإعادة تفعيل العمل الحكومي، أعربت مصادر «التيار الوطني» عن قناعتها بضرورة عقد «سلة تفاهم مثلثة الأضلاع»، متوقعةً أن تشمل هذه «السلّة»، إلى موضوع الحكومة، ملف ترقية الضباط وفتح باب التشريع في المجلس النيابي».
تحقيقات الشغب
أمنياً، أكدت مصادر موثوقة لـ«المستقبل» أنّ عدداً من الموقوفين في أحداث الشغب التي حصلت خلال الأيام الماضية في وسط العاصمة جاهروا خلال التحقيقات معهم بكونهم «من مناصري «حزب الله» ومؤيديه»، الأمر الذي تقاطع مع المعلومات الأمنية التي كانت قد أكدت أمس الأول لـ«المستقبل» أنّ معظم مثيري أعمال الشغب والتخريب في محيط السرايا الحكومية هم من العناصر المعروفين بانتمائهم العلني إلى ما يُعرف باسم «سرايا المقاومة» التابعة للحزب.
من جهتها، أوضحت مصادر قضائية لـ»المستقبل» أنّ القضاء العسكري أنهى «فرز» المتورطين في أعمال الشغب والاعتداء على القوى الأمنية، سواءً عبر التحقيقات القضائية أو نتيجة استعراض أفلام التسجيلات المصورة التي توثّق ارتكاباتهم، كاشفةً في هذا الإطار عن تورّط «سودانيين وفلسطينيين وسوريين» في هذه الاعتداءات، وقد توافرت للسلطات الأمنية والقضائية معلومات مفصّلة عن هوياتهم وأماكن انطلاقهم وتواريهم والأدوار التي قاموا بها في عمليات التخريب والتكسير التي طاولت الممتلكات العامة والخاصة.

الديار :

التحركات الشبابية المدنية تكبر كـ«كرة الثلج» وصولاً الى التظاهرة الكبرى نهار السبت والتي دعت اليها حملة «طلعت ريحتكم» ضد الطبقة السياسية وفسادها ومحاصصاتها، من النفايات الى الخلوي الى النفط الى كل الامور الحياتية.
التحضيرات متواصلة لانجاح تحرك السبت في ظل مشاركة كل المنظمات الشبابية، فيما دعا التيار الوطني الحر جماهيره وطلابه ورؤساء البلديات الى المشاركة السبت. هذا لا يغني عن التحركات الشعبية التي ينظمها التيار الوطنيّ الحر الاسبوع المقبل وسيعلن عنها العماد ميشال عون في مؤتمر صحافي غداً.
ورغم ما يتعرض له «المجتمع المدني» عبر تحركاته الشعبية على الارض وتحديداً في رياض الصلح، من «شائعات» من قبل الطبقة السياسية عن «غوغائية» المنظمين وجهات تقف وراء تحركاتهم لهز الاستقرار بالاضافة الى تصدي القوى الامنية للمشاركين وحملة الاعتقالات في صفوفهم والتي وصلت الى 90 موقوفاً افرج عن معظمهم وبقي شخصان قيد التحقيق، فان المنظمين مصرون على استمرار تحركاتهم وصولاً الى تحقيق مطالبهم، ولن ينسحبوا من الشارع قبل تراجع السلطة عن قرارتها في المحاصصات، فيما الطبقة السياسية تسد اذانها، وتصر على أن الاوضاع في البلاد في احسن «احوالها» و«المحتجين» سيتراجعون غداً او بعد غد.
الطبقة السياسية تؤكد ان الاوضاع مستقرة، والبلاد بافضل حالاتها، لكن الناس يسألون عما فعلته هذه الحكومة منذ تشكيلها سوى المناكفات وتعميم اليأس على الناس وضرب الشراكة، والطامة الكبرى كانت في ملف النفايات والمحاصصة المكشوفة وعلى «عينك يا تاجر» ودون اي مراعاة لمشاعر الناس والاستخفاف بعقولهم ومشاعرهم من اجل ارضاء الطبقة السياسية لنزواتها.
ممارسات الحكومة وهذه الطبقة السياسية هي السبب في وصول البلاد الى المشهد الذي نعيشه، لان «صبر الناس نفذ» ولم يعد امام الناس الا الشارع لانتزاع حقوقها.
وقد نجحت منظمات «المجتمع المدني» امس من تنظيم مسيرة من رياض الصلح حتى الجامعة الاميركية واطمأنوا الى صحة الجريح محمد قصير الذي اصيب في مواجهات السبت الماضي. كما تفقدوا باقي الجرحى وتابعوا اوضاع الموقوفين لدى القضاء حتى الافراج عنهم، وعادوا الى رياض الصلح رافعين الشعارات ضد الطبقة السياسية وفسادها، وقاموا بتنظيف ساحة رياض الصلح واضاؤوا «الشموع» تأكيدا علي سلمية تحركاتهم.
وفي المقلب السياسي فان جهود «الاستاذ» استمرّت على مدار الساعات الماضية مباشرة عبر الاتصالات التي شملت العديد من القيادات والرئيس تمام سلام أو عبر وزيره علي حسن خليل وشملت العماد عون وحزب الله، فان هذه الجهود لم يكتب لها «النجاح الشامل» وان كانت نجحت باقناع الرئيس تمام سلام بتجميد نشر المراسيم السبعين في الجريدة الرسمية اليوم. لكن العماد ميشال عون اصر على عدم المس بصلاحيات رئيس الجمهورية والوصول الى توافق حول الية عمل مجلس الوزراء، وعدم الموافقة على البحث بجدول اعمال يتضمن نقل اعتمادات لوزارة المالية لدفع رواتب موظفي القطاع العام، بالاضافة الى قضية التحكيم المقام على الدولة اللبنانية من قبل احدى شركات الطيران، وكذلك القروض الميسرة والهبات الممنوحة للبنان قبل ان يخسرها. واصر العماد عون على البحث بالآلية قبل جدول الاعمال وهذا ما رفضه الرئيس سلام وحلفاؤه، حيث يصر الرئىس سلام حسب اوساطه على انتاجية الحكومة واقرار البنود المطروحة والتأكيد على ضرورة تجاوز التعطيل والا لا جدوى من بقاء الحكومة.

الجمهورية :

كلّ الأضواء مسلطة اليوم على السراي الحكومي حيث تُعقد جلسة عادية لمجلس الوزراء يمكن وصفها بالمفصلية، وسط ترقّب ما سينتج عنها من قرارات، وساحة رياض الصلح التي استمرّ فيها الحراك المدني أمس وقد غابت المواجهات وأعمال الشغب، في ظل توقعات بأن يبلغ ذروته السبت.

مصادر سلام
وأكدت مصادر رئيس الحكومة تمام سلام لـ«الجمهورية» انّ الجلسة قائمة في موعدها وبجدول الأعمال الذي وجّهت على اساسه الدعوة اليها. ولم تنفِ المصادر أهمية وحجم الإتصالات الجارية منذ ايام والتي سبَقت وأعقبت جلسة الثلاثاء الماضي لإمرار جلسة اليوم بالحد الأدنى وبتّ عدد من الملفات والقضايا الأساسية التي لا تنتظر توافقاً سياسياً ما زال صعباً. وقالت «انّ سلام منفتح على كل حوار لا يؤدي الى الخروج عن الآليات الدستورية ولا يمس الصلاحيات ولن يقفل الباب على اي حوار من هذا النوع».
بداية حلحلة
وعشية الجلسة التي سيحضرها وزراء «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، نشطت الاتصالات التي انطلقت من عين التينة بمبادرة حملها وزير المال علي حسن الخليل بتكليف من رئيس مجلس النواب نبيه بري، الى رئيس الحكومة مباشرة بعد جلسة امس الاول تقضي بإعادة النظر بآلية توقيع المراسيم وسحب المراسيم السبعين العادية التي كانت في طريقها الى النشر في الجريدة الرسمية، فتجاوب سلام مع هذا المطلب واعداً بإعادة هذه المراسيم الى طاولة مجلس الوزراء، وقاد خليل حركة اتصالات واجتماعات باتجاه «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» وُصِفت بالايجابية والمثمرة. وتُرجمت اولى بوادرها بإرجاء عون مؤتمرَه الصحافي الذي كان مقرّراً ان يعقده امس الى غد الجمعة، إفساحاً في المجال لهذه المساعي.
وعلمَت «الجمهورية» أنّ الاتفاق الذي سوّق له خليل مع وزراء «التيار» والحزب يقضي بأن تعود آلية توقيع المراسيم العادية الى ما كانت عليه سابقاً، أي موافقة وتوقيع 24 وزيراً نيابةً عن رئيس الجمهورية، على ان تصدر قرارات مجلس الوزراء بموافقة الغالبية.
وفي المعلومات انّ سلام وقبلَ طرح جدول اعمال الجلسة، ولا سيّما منها البنود الملِحّة سيفتح النقاش على آلية توقيع المراسيم والعمل الحكومي للاتفاق عليه قبل الشروع في مناقشة الجدول.
أوساط الرابية
وقالت اوساط الرابية لـ«الجمهورية» انّ جلسة مجلس الوزراء اليوم ستكون مؤشراً الى الاتجاه الذي ستسلكه الامور، وتؤكد انّ لدى عون كلاماً كثيراً وكبيراً سيقوله في مؤتمره، إذ إنّ المشكلة لا تتعلق بالمراسيم فقط بل هناك مواضيع اساسية سيسلّط الاضواء عليها ويعلن موقفه منها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ عون كان أوفدَ أمين سر «التكتل» النائب ابراهيم كنعان الى بكركي صباح امس الاوّل، حيث اجتمع مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لساعة ونصف الساعة بعيداً من الاعلام، وناقش معه مسألة المراسيم. وقد أكّد الراعي اهتمامه الشديد بمتابعة الموضوع مع الجهات المعنية، وقد أجرى لهذه الغاية اتصالاً هاتفياً به.
كذلك ارسلَ كنعان نسخة عن هذه المراسيم الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الذي وعد بدوره بمتابعة الموضوع.

الاخبار :

هل فُتِحَت ثغرة في جدار الأزمة الحكومية؟ وزير المالية علي حسن خليل كان يؤكد طوال يوم أمس لسائليه أن «تفاهماً ما» بات قريباً من التحقق. وهذا التفاهم سيسمح بتجنّب الأسوأ. فرئيس الحكومة تمام سلام مصرّ على التوصل إلى قرار في مجلس الوزراء يمنح وزارة المال «تغطية قانونية» تتيح لها دفع رواتب موظفي الدولة. وهو هدّد بالاستقالة إن لم تتمكن الحكومة من دفع الرواتب.

وتجنباً لذلك، بادر الرئيس نبيه بري إلى الاتصال بمختلف مكونات مجلس الوزراء، سعياً إلى تفاهم يبقي الحكومة على قيد الحياة. لكن هذا التفاهم يصطدم بإصرار تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله على التراجع عن نشر مراسيم لا تحمل تواقيع وزرائهما. وبحسب مصادر قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأخرى قريبة من الجنرال ميشال عون، فإن سلام تعهّد بإعادة هذه المراسيم إلى وزراء التكتل والحزب، للاطلاع عليها. وما لا يوقع عليه الفريقان لن يُنشَر. تعهّد رئيس الحكومة أتى استجابة لمبادرة بري، وبعد الكلام الواضح والعالي النبرة الذي أدلى به الوزير محمد فنيش على طاولة مجلس الوزراء أول من أمس، لناحية تأكيده أن نشر المراسيم من دون توقيع وزيري حزب الله يعني أنه لا داعي لوجودهما في الحكوم

 


ومبادرة برّي شكّلت أحد أسباب تأجيل عون لمؤتمره الصحافي الذي كان مقرراً أمس، إلى يوم غد الجمعة. وبناءً على أداء تيار المستقبل ورئيس الحكومة في مجلس الوزراء اليوم، سيقرر عون وجهة تحركه في مؤتمره غداً. ومن المنتظر أن تحدد وجهة عون طريقة تعامل حزب الله مع الحكومة.
في مقابل تفاؤل أوساط كل من بري وعون، تؤكد مصادر في فريق 8 آذار أن الاتصالات لم تتوصل إلى أي نتيجة إيجابية، وأن وزراء حزب الله والتكتل سيشاركون في جلسة مجلس الوزراء اليوم، ثم سينسحبون منها بهدوء.
وبين الروايتين، يبدو أن لمبادرة بري جزءاً ثانياً. فرئيس المجلس بدأ مشاوراته مع القوى السياسية، بهدف عقد «طاولة مشاورات» في عين التينة، أو في مجلس النواب، يستعيد بها طاولة المشاورات عام 2006. وتؤكد مصادر من فريقي 8 و14 آذار أن مختلف القوى التي اتصل بها بري ردّت بإيجابية على اقتراحه، باستثناء تيار المستقبل الذي لا يزال يرفض هذا الاقتراح.
سلّة المبادرات السياسية أضيفت إليها واحدة من عوكر. السفير الأميركي ديفيد هيل أجرى سلسلة اتصالات بقوى 14 آذار، تحت شعار الحفاظ على الحكومة. ويسوّق هيل مبادرته على قاعدة ضرورة تهدئة الجنرال ميشال عون، من خلال تحقيق جزء من مطالبه، وعلى رأسها ما يتصل بالتعيينات الأمنية. ويقترح هيل في هذا الإطار ترقية عشرة عمداء في الجيش إلى رتبة لواء، بينهم قائد فوج المغاوير في الجيش شامل روكز، ومدير المخابرات إدمون فاضل. ويأتي هذا الاقتراح بعد اقتراحين سابقين بترقية ١٢ عميداً أو ٢٤ إلى رتبة لواء. وأشارت المعلومات إلى أن النائب وليد جنبلاط وافق على الاقتراح ولم يمانعه أيضاً الرئيس سعد الحريري. وفيما أبدى العماد ميشال عون رفضه لهذا الاقتراح إذا لم يقترن بتحقيق مطالب أخرى، ترفض المصادر كشفها، ذكرت المعلومات أن هيل مستمر في مسعاه لأجل إقناع عون به لتهدئة الأوضاع الداخلية وحل الأزمة الناجمة عن التمديد لقائد الجيش.
في موازاة ذلك سيوقع وزير الدفاع سمير مقبل قريباً قرار استدعاء فاضل من الاحتياط، بعدما تدخل هيل مجدداً لدى مقبل ولدى الرئيس تمام سلام لإبقاء مدير الاستخبارات في منصبه، إذا لم يتحقق اقتراح ترقيته إلى رتبة لواء مع روكز وعمداء آخرين.