رفض رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري الضغوط التي مورست عليه من قبل نواب ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نائب رئيس الجمهورية المقال نوري المالكي بحذف اسمه من تقرير لجنة سقوط الموصل إثر تصويت البرلمان أمس بإحالة الملف برمته إلى القضاء.
وقال الجبوري في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان إنه أبلغ «الكتل السياسية بعدم استثناء أي اسم من تقرير لجنة سقوط الموصل»، مبينًا أنه «ليس لدينا حق أن نحذف اسم شخص ورد بالتقرير». وأضاف الجبوري: «هذا التقرير بالمجمل بما فيه من وقائع وحيثيات وإجابات وأسماء لا يُستثنى منه أحد وسيحال إلى القضاء والادعاء العام ليأخذ مداه»، مشيرًا إلى أن «كل الأسماء التي تم ذكرها في هذا التقرير لن يحذف اسم منها وستحال جميعها إلى القضاء وستجري عملية التحقيق والمتابعة والمحاسبة لكل من كان سببا في سقوط الموصل».
ودافع الجبوري عن الآلية التي تم بموجبها إحالة الملف إلى القضاء، قائلا: «عملنا بما يؤشر به النظام الداخلي بشأن تقرير التحقيق بسقوط الموصل وأمرنا بطبع هذا التقرير وتوزيعه على النواب بشكل واضح». وأوضح الجبوري أن «مجلس النواب صوت على إحالة الملف بما فيه من وقائع وحيثيات وأسماء وأدلة إلى الأجهزة المختصة وفق السياق الطبيعي والنتيجة المرجوة من مجلس النواب أنه لم يستثن فقرة من هذا التقرير ولم يستثن شخصا ما»، مبينًا «كانت هناك مراهنة أن تُمارس ضغوط لم يخضع لها مجلس النواب ولا ينبغي له أن يخضع، كما أن اللجنة المعنية لا تخضع للضغوط السياسية حينما وصلت إلى النتائج التي وصلت إليها»، مؤكدا أن «التقرير كتب بحيادية وسيأخذ مداه وسنراقب النتائج وما يترتب على ذلك».
وكان أعضاء ائتلاف دولة القانون قد هددوا بتعليق عضويتهم أو الاستقالة من البرلمان في حال لم يحذف اسم المالكي وهو ما لم يحصل، حيث تمت إحالة الملف بكامل الأسماء التي وردت فيه إلى القضاء. وفي هذا السياق أكد المستشار القانوني أحمد العبادي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حال تم تطبيق القانون بشكل صحيح فإن أقل عقوبة يمكن أن يحصل عليها المالكي هي السجن المؤبد»، مضيفًا أنه «في حال تمت محاكمته بتهمة الخيانة العظمى في حال تم تثبيت أن سقوط الموصل تم بناء على تراخيه بصفته قائدًا عامًا للقوات المسلحة فإن الحكم يصل إلى الإعدام». وأضاف العبادي أنه «بعد إحالة الملف إلى القضاء فإن الآلية التي ستتبع هي إحالته إلى الادعاء العام من أجل تحريك دعاوى جزائية ضد من وردت أسماؤهم من قبل القاضي المختص الذي ستوكل إليه المهمة وبالتالي يفترض أن يتم رفع حصانة من له حصانة وبعدمه ستتم محاكمة المتهمين».
وبشأن ما إذا كان المالكي سيلقى محاكمة عادلة أم لا، قال العبادي إن «الأمور ملتبسة الآن بسبب أجواء المظاهرات وهذا يعني في حال تصاعد الغضب الشعبي فإن القضاء سيكون أكثر حزما، أما في حال حصل نوع من التراخي فإن الكثير من القضاة كانوا تحت تأثير المالكي، وبالتالي فإن الإجراءات ستكون ترقيعية». وردا على سؤال بشأن الخيارات المتاحة للمالكي الآن، قال العبادي إن «المالكي يحاول الضغط على الجبوري من زاوية أخرى وهي استقالة بديلة في عضوية البرلمان حسن السنيد لكي يعود المالكي عضوا في البرلمان وبالتالي يتمتع بالحصانة التي تحميه من المحاكمة إلا في حال رفع الحصانة».
ويتهم تقرير لجنة التحقيق المالكي بأنه «لم يمتلك تصورا دقيقا عن خطورة الوضع الأمني في نينوى لأنه كان يعتمد في تقييمه التقارير المضللة التي ترفع له»، و«اختيار قادة وآمرين غير أكفاء مورست في ظل قياداتهم كل أنواع الفساد»، و{عدم الالتزام ببناء قدرات الجيش العراقي الجديد}، وبأنه «لم يتخذ قرارا حاسما بعد انهيار القطعات العسكرية (..) وإعادة التنظيم للقطعات المنسحبة وترك الأمر مفتوحا للقادة بأن يتخذون ما يرونه مناسبا».
على صعيد متصل، أعلن ائتلاف «متحدون» الذي يتزعمه أسامة النجيفي رفضه لنتائج تقرير الموصل وذلك لجهة ورود اسم محافظ نينوى أثيل النجيفي في التقرير. وقال الائتلاف في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إنه «منذ البدء قلنا وأكدنا أن لجنة التحقيق الخاصة بسقوط الموصل سياسية غير مؤهلة للوصول إلى نتائج حقيقية تؤشر أسباب السقوط وتحدد المقصرين فعلاً»، عادًا أن «العدد الكبير لأعضاء اللجنة وطبيعة انتماءاتهم وولاءاتهم واختصاصاتهم جعل الانحراف واضحًا باتجاه البحث عن ضحايا وليس عن حقائق». وأضاف الائتلاف أنه «بعد سنة من البحث والتحقيق والاستقصاء، دخلت اللجنة في متاهة البحث عن خلاص لورطتها كونها غير مؤهلة، وهشة، خضعت لإملاء شروط وتوجهات تبتعد كل البعد عن وصايا الخالق العظيم لتقترب من توجهات شيطانية غارقة في الإمعان على معاقبة الموصل ورموزها الشرفاء»، متسائلاً: «ما معنى أن تتجاهل اللجنة كل الحقائق والأرقام والأحداث والتوقيتات والجداول التي زودها بها، أثيل النجيفي عبر جلسة استغرقت أكثر من سبع ساعات». ومضى ائتلاف النجيفي، في تساؤلاته قائلاً: «كيف يكون أثيل مسؤولاً وقد سلبت صلاحياته كلها حتى أنه لا يستطيع نقل أو تحريك شرطي واحد، وكيف وهو المسؤول الإداري يستطيع منع انهيار وهروب عشرات الآلاف من منتسبي القطعات العسكرية والشرطة الاتحادية».