كارثة تحُل في لبنان على كافة الصعُد , تحذيرات جنبلاطية من الاسوأ , وإشارات غربية تحمّل الشعب اللبناني مسؤولية الرئاسة

 

السفير :

يوم ثالث أمضاه أحمد الأسير في «ضيافة» الأمن العام. الحصيلة تشي بأن الرجل، بعد تواريه، تحول الى عبء على معظم داعميه أو المتضامنين معه محلياً، بدليل أن الأسماء اللبنانية التي اعترف بأنها كانت تموّله في زمن «إمارة مسجد بلال بن رباح»، ظلت بمعظمها في السنتين الماضيتين، أي أثناء فترة التواري، تقدّم اليه أموالاً «لتسهيل أموره وعائلته وبعض المقربين»، وهي معادلة لم تقنع المحققين، خصوصاً أنه كان لا يكتفي بالأموال لهذه الغاية، بل قدم دعماً لمجموعات إرهابية بغرض شراء أسلحة وذخائر ووسائل اتصال، وأبرزها مجموعة الموقوف الشيخ خالد حبلص في بحنين في قضاء المنية في الشمال.
وفيما واصل محققو الأمن العام، أمس، استجوابهم الأسير، بالتزامن مع توقيفات ومداهمات، فمن المتوقع أن يستمر التحقيق، اليوم وغداً، وأن يتمحور حول الشق السياسي قبل حوادث عبرا وبعدها، ومن ضمنه طبيعة علاقاته السياسية والأمنية داخلياً وخارجياً، وذلك استناداً الى خريطة تعقب للاتصالات عمرها أكثر من أربع سنوات، وتشمل ليس الأسير وحده بل معظم المقربين منه.
وكان لافتاً للانتباه أن الأسير أمضى، غداة فراره من مسجد بلال بن رباح، معظم وقته في منزل استأجره قرب «مسجد النور» في حي حطين في مخيم عين الحلوة، على مقربة من مركز لأحد التنظيمات السلفية، فيما كان يقيم فضل شاكر في منزل آخر في الحي نفسه، وذلك بسبب خلاف اندلع بين الاثنين، خصوصاً بعد أن حاول الأخير فتح قنوات أمنية تفاوضية بعث خلالها رسائل متعددة الى أجهزة أمنية لبنانية أقسم خلالها اليمين أنه لم يطلق رصاصة أثناء معركة عبرا وأن دوره اقتصر على التحريض، وطلب ضمانات قبل تسليم نفسه، وهو الأمر الذي أثار غضب الأسير وجعله يبتعد عنه نهائياً!
وأظهرت خريطة تنقلات الأسير، أنه زار منطقة الشمال مرتين على الأقل (مرة بضيافة حبلص في بحنين ومرة ثانية بضيافة شخصية شمالية ثانية تكتمت الجهات الأمنية حول اسمها)، وكان يتردد على منطقة شرحبيل وتحديداً على منزل لأحد معاونيه هناك (نصب له أكثر من كمين بالقرب منه، وكان الأخير في شهر تموز المنصرم)، كما زار جدرا مرة واحدة، حيث أقام ليلتين في منزل عبد الرحمن الشامي قبل توجهه الى المطار.
وما توقفت عنده الجهات الأمنية المعنية، هو تعامل بعض المرجعيات الرسمية اللبنانية مع توقيف الأسير بطريقة مرتجلة، اذ إنها فور تبلغها نبأ توقيفه، سارعت فوراً الى تسريب النبأ، الأمر الذي قطع الطريق على المجموعات التي كانت في طريقها الى جدرا لإلقاء القبض على الشامي وعدد من المتوارين الذين أقر الأسير بأسمائهم سريعاً بصفتهم كانوا يسهلون عملية دخوله الى عين الحلوة وخروجه منه.
وكان واضحاً من خلال أجوبة الأسير أنه لم يكن ينوي بعد وصوله الى نيجيريا القيام بأية حركة توحي بأنه قد غادر الأراضي اللبنانية، وذلك مخافة أن يرتد ذلك سلباً على فلوله في لبنان، بل هو كان يريد الاستفادة من قدرته على الحركة في نيجيريا بحماية مجموعة لبنانية ـ فلسطينية، لأجل تعزيز حضوره الإعلامي محلياً والإيحاء للأمن اللبناني، أنه برغم تضييق الخناق عليه، يستطيع أن يتحرك إعلامياً وخصوصاً عبر مواقع التواصل والبث الدوري للرسائل الصوتية.
وتوقف المحققون عند النبرة القاسية التي تميز أجوبة الأسير خلال حديثه عن «تيار المستقبل» وآل الحريري، وهي لغة شبيهة بتلك التي استخدمتها إحدى زوجتيه أمام إعلاميين زاروها، أمس، إذ قالت لهم إن النائبة بهية الحريري «وفت بوعدها لأهالي موقوفي أحداث عبرا عندما وعدتهم بالإفراج القريب عن معظم أولادهم وكذلك بصدور أحكام مخففة بحق البعض الآخر، وذلك مقابل تعهدها لهم بتعليق المشنقة للأسير»!
وفي انتظار الأجوبة السياسية التي ستميط اللثام عن «أسطورة الأسير» التي أظهرت التحقيقات أنها «كانت كرتونية في معظم فصولها»، على حد تعبير جهة أمنية معنية، فإن مخابرات الجيش والأمن العام واصلا حملة المداهمات في صيدا ومحيطها، وكانت الحصيلة حتى الآن توقيف ستة أشخاص مشتبه بتعاونهم مع أحمد الأسير (4 لدى الأمن العام واثنان لدى الجيش أحدهما شقيق مصعب ق. الذي تبين من التحقيق معه أن لا علاقة له نهائياً بالأسير).
جلسة عبرا تطير في «العسكرية»..

النهار :

اذا كان توقيف أحمد الأسير وفّر ازاحة الانظار نسبياً عن الازمات المتصاعدة في ظل "العطب" الحكومي الذي أملى على رئيس الوزراء تمّام سلام "التريث" في دعوة مجلس الوزراء هذا الاسبوع، فإن ذلك لا يعني ان طريق التبريد السياسي باتت مسهلة ولا كذلك ان التداعيات الشديدة الخطورة للأزمات ولا سيما منها أزمة النفايات بلغت سبل الاحتواء.
في الانسداد السياسي أولاً يكشف حديث أجرته "النهار" أمس مع رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون أن "ستاتيكو" الأزمة السياسية لا يزال يراوح مكانه. فباستثناء اشارة مقتضبة للعماد عون الى "تداول" موضوع الاستجابة لدعوة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى عقد جلسات تشريعية لمجلس النواب "والتوافق على صيغة ما"، لم يتبدّل أي أمر آخر في مواقف زعيم "التيار الوطني الحر" من الأزمة. وهو إذ رفض اتهام البعض إياه بأنه يتسبب بحراكه الاخير بتعطيل المؤسسات والحياة السياسية تمهيداً لمؤتمر تأسيسي قال: "أرفض هذا الاستنتاج مطلقاً، من يعطّل المؤسسات هو من لا يحترم الدستور والقوانين. أنا أحدّ من تعطيل القوانين والدستور لسبب اننا نفقد معالم الحكم". وشدد على "ان ما أريده هي حقوق المسيحيين الوطنية بالاضافة الى قدرتي على ممارستها. أنا لست خيال صحراء في الحكم لا أستشار في قضايا مهمة". ورد في شكل مسهب على وصف الرئيس سعد الحريري الكلام عن محاولة كسر العماد عون بأنه كذبة، فعاد الى ما قبل عودته الى لبنان "حين حاولوا مع الفرنسيين منع عودتي ثم حاصروني بعد العودة بالتفاهم الرباعي"، كما تحدث عن "محاولات تحجيمه" تباعاً وصولاً الى الظروف الحالية. غير انه أضاف: "أنا لا أريد تغيير الحكومة ولا إمكان لتأليف بديلة منها. الوضع الحالي تسمح بإصلاحه اجراءات معينة كي تكمل الحكومة وإذا اكملت عرجاء أمر أو اذا لم تكمل أمر آخر. سنكون موجودين ولا يتحدونا كي نستقيل اذا رفضنا هذه الممارسات". وختم: "نحن نتحرك وفق المضمون. الحركة تصاعدية وفي كل مرة أمر جديد". 

مجلس الوزراء
وفي غضون ذلك، علمت "النهار" من مصادر وزارية كانت أمس على اتصال مع الرئيس سلام أن الوضع الحكومي دخل مرحلة "عض الأصابع" نتيجة انعدام الاتفاق على مقاربة عمل مجلس الوزراء من زاوية بتّ القضايا الملحة ولا سيما منها أزمة النفايات وموضوع الرواتب في القطاع العام. وقالت إن الرئيس سلام يسعى الى أن يتفهم معرقلو عمل مجلس الوزراء أهمية إنهاء هذه العرقلة التي تنذر بمخاطر على المستوى العام. ولفتت الى أن هذا الاسبوع الذي لن يشهد عقد جلسة للحكومة لا يعني أنه يمهد لأسبوع آخر أفضل حكومياً، والسبب هو أن الغموض لا يزال سيد الموقف. ولاحظت ان خيار تسيير عمل مجلس الوزراء بثلثيّ أعضائه مطروح لكن دونه عقبات، خصوصاً أن المجال الوحيد المتاح أمام "حزب الله" للتعبير عن تضامنه مع حليفه "التيار الوطني الحرّ" هو مساندته في موضوع آلية عمل الحكومة بعدما ابتعد الحزب عن التيار في التعيينات وتحرك الشارع. في المقابل، يرفض الرئيس سلام العودة الى جلسات حكومية حوارية غير منتجة للقرارات والحلول وخصوصاً ما يتعلق بملفات النفايات والرواتب والقروض والهبات التي باتت وحدها مصدر تمويل المشاريع الانمائية.

 

التحذير الجنبلاطي
وفي حين أكد وزير الصحة وائل ابو فاعور عقب عودته ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط من فرنسا ان جنبلاط والرئيس سعد الحريري تفاهما على "عدم امكان الاستمرار في هذه الدوامة وان اعتبارات المواطن تتقدم على الاعتبارات السياسية"، برز التحذير الذي أطلقه جنبلاط من "تغاضي كل القوى السياسية عن الاخطار الاقتصادية المتنامية وتفاقم المؤشرات السلبية ونمو الدين العام والعجز في الخزينة بما يهدد كل مرتكزات الامن الاجتماعي الذي لا يقل اهمية عن الاستقرار الامني والسياسي". ورسم جنبلاط لوحة شديدة القتامة للمؤشرات الاقتصادية، داعياً الحكومة الى ان تتحول "خلية أزمة تتجاوز من خلالها عقد التعطيل المصطنعة وتجعلها تنكب على معالجة اكثر الملفات خطورة وتعقيداً".

كارثة صحية
وفي موازاة ذلك، دقّ أبو فاعور جرس الانذار من "كارثة صحية كبرى" تحدق بلبنان جراء أزمة النفايات، قائلاً إن "الوزراء وأنا واحد منهم كما القيادات والمرجعيات السياسية يعرفون اننا على مشارف كارثة صحية كبرى وأحذر من هذا الواقع الذي أضعه برسم جميع المسؤولين من دون تحميل أحد مسؤوليات". وأسف في الوقت نفسه "لكون خيارات الحلول موصدة إذ ان الصراحة مع المواطن تقتضي قول ذلك". وحذّر من أن "كل شيء بات مهدداً الآن الهواء والمياه والغذاء وتالياً صحة اللبنانيين مهددة". ودعا الى تشكيل لجنة طوارئ من وزارات الصحة والبيئة والاقتصاد والصناعة والداخلية "من أجل التعامل مع هذا الخطر الداهم"، مضيفاً: "اذا لم نكن قادرين على ان نكون دولة كاملة فلنكن نصف دولة لتخفيف الاخطار".

التحقيق مع الأسير
أما في ملف توقيف أحمد الأسير، فتواصلت أمس التحقيقات الاولية معه بعدما أكد النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود ثبوت نتائج فحوص الحمض الريبي النووي التي أجريت على عينات رفعت من الاسير وتطابقت مع عينات رفعت من والديه. ونقل الاسير أمس للتحقيق معه لدى مديرية المخابرات في الجيش للتوسع في التحقيق تمهيداً لاحالته على المحكمة العسكرية الدائمة لمحاكمته في ملف أحداث عبرا. وأفادت المعلومات ان ثلاثة أشخاص أوقفوا في ضوء إفادة الشيخ السلفي الموقوف وهم على صلة بحادث حنين في عكار الذي استهدف عناصر من الجيش في مكمن مسلح وسيكون هذا الملف، كما أوضحت مصادر قضائية لـ"النهار"، على حدة لعدم علاقته بملف عبرا، بالاضافة الى ملف ثالث يتصل بتشكيل مجموعات سرية. وأوقف الامن العام في صيدا حسام خضر وهو من أتباع الأسير وأحد جيرانه. وتفقد المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم أمس مكتب شؤون المعلومات في المديرية واطلع على سير التحقيقات مع الاسير، ثم جال على أقسام الامن العام في مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي مهنئا الضباط والعسكريين بالانجاز الأمني الذي تحقق بتوقيف الأسير.

 

المستقبل :

في زمن التحديات المفصلية على شتى الصعد والجبهات الإقليمية والأمنية والفتنوية حيث «العصابات المسلّحة المنتشرة في كل مكان تارةً باسم السنّة وتارةً باسم الشيعة تُسوّغ جرائمها بتأويلات دينية» كما نبّه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان من على منبر المؤتمر العالمي للإفتاء في القاهرة، تستمر في لبنان عقارب التعطيل بالدوران عكس ما تقتضيه أحداث الساعة على الساحتين الداخلية والإقليمية معيقةً كل محاولات إعادة ضبط آلية العمل المؤسساتي وفق التوقيت المحلي للمصلحة الوطنية، ما حدا برئيس مجلس الوزراء تمام سلام إلى عدم دعوة المجلس للاجتماع هذا الأسبوع باعتبار أنه «لا يرى جدوى من انعقاد جلسة جديدة تتكرر فيها المواقف نفسها ويتجدد فيها الاشتباك نفسه من دون الوصول إلى أي نتيجة» بحسب ما أكدت أوساط سلام لـ«المستقبل» مشيرةً إزاء ذلك إلى أنّ «رئيس الحكومة آثر التريث في الأمر وإعطاء فسحة جديدة من الاتصالات عسى أن تتبدّل الأجواء». وعلى خط الاتصالات والمشاورات البينية الجارية في هذا الإطار، تبرز الحركة المكوكية النشطة التي يقوم بها الوزير وائل أبو فاعور بين السرايا وعين التينة موفداً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط لطرح «أفكار» هادفة إلى إخراج الحكومة من عنق زجاجة التعطيل.
وإذ وصف اللقاء الذي عقده جنبلاط مع الرئيس الحريري الأسبوع الفائت في باريس بـ«الممتاز»، أوضح أبو فاعور لـ«المستقبل» أنه «جرى خلال اللقاء الاتفاق على مروحة من الأفكار حول سبل إعادة تفعيل العمل الحكومي»، وأضاف: «ناقشنا هذه الأفكار (أمس) مع الرئيس سلام وسنناقشها (اليوم) مع الرئيس نبيه بري بهدف تمكين الحكومة من اتخاذ قرارات ضرورية لتسيير أمور الناس».
علماً أن بري كان قد حثّ رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة على العودة إلى نصّ الدستور والإقدام على إقرار القضايا الملحة بالتصويت في حال تعذر التوافق حولها.
ورداً على سؤال، قال أبو فاعور: «بعدما بلغ السيل الزبى لم نعد نستطيع الاستمرار على هذه الحال، وهناك مجموعة مكونات في الحكومة لم يعد بمقدورها الإكمال على هذا المنوال في ظل سياسة التعطيل المتمادية وترى وجوب اللجوء إلى اتخاذ خطوات معينة لدرء نتائج التعطيل السلبية عن البلد»، لافتاً إلى أنّ تداعيات التعطيل أصبحت تهدد المواطنين في صحتهم «بعدما بدأت الشركات بإيقاف تسليم الأدوية إلى وزارة الصحة نظراً لكون الوزارة تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء بنقل 35 مليار ليرة من احتياطي الموازنة» لهذا الغرض.

الديار :

لا تزال التحقيقات مستمرة مع احمد الاسير في ظل تكتم شديد حول المعلومات التي ادلى بها رغم بعض التسريبات التي تؤكد انه اعترف بامور خطيرة توصل الى خيوط الشبكة اللوجستية التي تساعد وتموّل الاسير، والتي ادّت اعترافاته حتى الآن الى توقيف اشخاص من هذه الشبكة.
وقد افادت معلومات انه خلال التحقيق اكد الاسير انه لم يطلق النار في عبرا على الجيش بل اطلق النار عليه ولديه صور وفيديو تثبت صحة اقواله.
واستنادا الى هذه الاعترافات سيُعاد التحقيق مجدداً معه، ويمكن ان يُسلّمه الامن العام لمخابرات الجيش اللبناني للتوسع اكثر في التحقيق ومواجهته مع خالد حبلص لمعرفة كيفية انتقاله الى الشمال وعما اذا قاتل ضد الجيش هناك.
العمليات الامنية والمخابراتية من مداهمات واعتقالات تتكثف في مختلف المناطق اللبنانية وتحديداً في الجنوب حيث كان يختبئ، وكل المؤشرات تؤكد ان اسماء المتورطين معه في معركة عبرا اصبحت في حوزة الامن العام، اضافة الى معلومات اخرى قد تؤدي الى فضح كل الخفايا الغامضة في مسيرته التحريضية.
اللواء عباس ابراهيم، تفقد امس مكتب شؤون المعلومات في المديرية العامة للامن العام واطلع على سير التحقيقات، ثم انتقل الى المطار وجال في اقسام دائرة امن عام المطار واجتمع بالضباط والعسكريين وهنأهم على الانجاز الامني الذي تحقق بتوقيف الاسير، ونوه بجهودهم التي ادت خلال السنتين الاخيرتين الى كشف (1663) وثيقة سفر وتأشيرة دخول مزورة لدول عربية واجنبية وحضهم على المضي في مهامهم الهادفة الى حفظ الامن والاستقرار وصون الوحدة الوطنية.
هذا، وفيما المواطنون لا يزالون يدفعون الثمن من صحتهم جراء جبال النفايات المنتشرة في كل شوارع لبنان، يبدو ان لا مجلس وزراء هذا الاسبوع ريثما تنضج الاتصالات والمشاورات كي لا يتكرر سيناريو الجلسة الماضية حيث خرجت الحكومة بقرارات صفر.
وكل المعطيات تشير الى ان الاتصالات تنصبّ فقط لايجاد حلّ لملف النفايات الذي يُصيب كل اللبنانيين بمن فيهم المسؤولون الذين يصرّون على تسيسه ومذهبته كل حسب مصلحته الشخصية، رغم تداعياته السلبية على الصحّة والبيئة، الا انه يبدو ان مصالح السياسيين اهمّ من صحة المواطن.

الجمهورية :

بعد فسحة أضاء فيها الامن العام شمعة أمل وثقة بالاجهزة الامنية اللبنانية في عمق مشهد سوداوي يخيّم على لبنان من رأس دولته الى نفاياته، تعود البلاد اليوم الى همومها السياسية.
امّا قطف ثمار الانجاز الأسيري فسيغيب عن التداول الى حين توقيت إعلان ما تقتضي المصلحة الوطنية والامنية إعلانه. وهذا ما اكده المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لـ»الجمهورية» مشيراً الى «انّ الحدث أخذ مساره الاعلامي ضمن المسموح به، والآن سنقفل الهواتف ونتابع الشغل بعيداً عن الضوضاء، لأنه ينتظرنا الكثير في قضية الاسير، وملفّاتنا الامنية والسياسية المرتبطة بعملنا كأمن سياسي وقومي.
وكان ابراهيم اطّلع، خلال تفقّده مكتب شؤون المعلومات في المديرية العامة للأمن العام، على سير التحقيقات مع الأسير، وجال في مطار رفيق الحريري الدولي في أقسام دائرة أمن عام المطار وهنّأ الضبّاط والعسكريين على الإنجاز الأمني الذي تحقق، «والذي يَصبّ في خانة تثبيت هيبة الدولة وعمل المؤسسات ومكافحة الإرهاب على المستويين المحلي والعالمي».
وقد ظلّ الانشغال السياسي والامني مُنصبّاً على التحقيقات التي يخضع لها الاسير، والذي يتوقع ان يحال امام القضاء المختص اليوم، وسط توالي الدعوات بأن تأخذ العدالة مجراها.
وقالت مصادر امنية وقضائية لـ»الجمهورية» انّ التحقيقات الجارية مع الأسير لدى مكتب المعلومات في الأمن العام ما زالت مستمرة، وقد توسّعت وتشعبت في عدد من الوقائع ما أدى الى استمرار التحقيق معه الى اليوم بإشراف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر.
صقر
واوضح القاضي صقر لـ«الجمهورية» انّ التحقيقات لم تنته بعد، وستستأنف اليوم بشكل متواصل بحثاً في جوانب عدة من الملفات التي كان الأسير قد تورّط فيها او كان على عِلم بوقائعها او تلك التي قادت المعلومات التي أدلى بها الى التوسّع في تفاصيلها.
واضاف، ليس ضرورياً ان تنتهي التحقيقات اليوم، وقد تمتد الى نهار الغد فليس هناك مواعيد أو مهل محددة. فالتحقيق سيأخذ مجراه الى النهاية الحتمية.
ولذلك، قال انّ هذا الامر لن يؤثر على استئناف المحاكمات المقررة اليوم لمناصري الأسير في الملف الذي بات يعرف بملف موقوفي أحداث عبرا امام المحكمة العسكرية، طالما انّ التحقيق مع الأسير لم ينته بعد وملفّه لم يُحَل الى المحكمة العسكرية للنظر في مضمونه بغية البتّ في المرحلة اللاحقة، فإمّا سيُحال الى فرع المعلومات او مخابرات الجيش لاستكمال التحقيقات إذا كان هناك داع لهذه الخطوة او يُحال الى المحكمة العسكرية للنظر فيه، وهو ما سيشكّل تداخلاً في ملفات أخرى منها ملفات موقوفي أحداث عبرا وفي ايّ ملف آخر يمكن ان يرد اسمه إذا كان له ايّ دور فيه.
واكّد صقر انّ فحوص الحمض النووي التي اخضع لها الأسير فور توقيفه جاءت مطابقة لتلك التي اجريت لوالده ووالدته، وقد تبلّغ بالنتائج النهائية عصر امس ليقفل الجدل الذي حاول البعض إثارته حول الموضوع.