جيزيل نعيم

من فوق من حيث السماء قريبة... قريبة جدّاً، لدرجة "القشعريرة" وأكثر، لدرجة "نسيان الذات" والترفّع بالروح، التي "تتطهّر" بضباب أبيض، و"تُغسل" بدموع الندامة...

من فوق من هذا المكان بالذات، ولشدّة توافد المؤمنين الى محبسة مار شربل، يتراءى للكثير رسائل من القديّس الحبيس الذي ما زال ضريحه، حتى اليوم، ملجأ لملايين من حول العالم، من مختلف الاديان والالوان... فأين الـ "صحّ" وأين "الخطأ" في هذه الرسائل، وكيف نميّز بينها؟

 

 

لا يمّيز القديس بين أبنائه الملتجئين اليه وبشفاعته يلتمسون النعم التي تنهمر عليهم من السماء. لكن البعض يغوص في الايمان ليتخطى بذلك جوهر أنظمة الكنيسة المقدّسة...

فكثيرة هي "الاعاجيب" التي نسمع بها يوميّاً وآخرها "رسالة من القديس شربل" لـ"هيلانة" أعطاها في دير عنايا وقد وصلت هذه الرسالة عبر تطبيق "الواتساب" بعد ان تناقلها الآلاف، وتنصّ على الآتي:

 

"لا تخافوا على لبنان لأنّه بحمايتي

لا تخافوا على جيش لبنان فيَدي تباركه وتحميه

لا تخافوا من شرّ داعش لأنّ قوته ستضمحل وسوف تنقلب اعمالهم الشريرة عليهم، لقد قرُبت نهايتهم ولن يروا لبنان لأنّه بلدٌ مقدّسٌ للرب

كم فرح قلبي اليوم برؤيتي كل لبنان يصلّي ويحتفل معي في هذا العيد ولو تعلمون كم افضت عليكم نعماً من السماء،

 

 

فرحت بكم يا شعبي في هذا اليوم اذ رأيتكم مصلين في الكنائس بقلوب حارة وأسفت كثيراً على الذين دخلوا الكنائس دون حشمة، اذا اردتم ان تكرّموني ادخلوا بيت الله بحشمة وورع.

جيشكم مبارك وسيبسط سلطته على كل الأراضي وسينعم بلدكم قريباً بالسلام وسيستجيب الرب يسوع لصلواتكم،

 

 

لا تخافوا من المعارك الحدويدية، صلّوا وسيكون لهذه الصلاة قوّة عظيمة في ردع العدو.

ابارك البيوت التي تصلي معي وانا اصلي مع كل واحد منكم

انتم احبائي وانا احبكم كثيراً وقلبي ينتظركم في كل مرة تأتون اليّ لأقودكم نحو يسوع رب المجد.

 

سوف تنتظر لبنان ايام جميلة وسوف تنتهي المحنة التي يمرّ بها بصلواتكم التي تقدمونها لي.

ثقوا اكثر بقدر ما تحبونني بأني ارافقكم واعيش معكم في كل افراحكم واحزانكم،

انتم شعبي وانا لن اتخلّى عمّن يحبني. وبقدر ما تصلّون اكون قريباً منكم وستشعرون اكثر بعنايتي بوطنكم الذي هو ايضاً وطني. احبكم كثيراً.

انشروا هذه الرسالة في كل العالم ليعلم الجميع ان شربل حامي لبنان".

 

وصلت هذه الرّسالة الى آلاف الاشخاص، إلا أنّ الاب ايلي عازار وضعها ومثيلاتها في خانة الاعلانات غير المضبوطة ووصفها بالـ"الخرافات الشعبيّة". وقال: "أرفضها رفضا قاطعاً"، سائلا: "من هي هيلانة؟ وهل مار شربل حامي لبنان فقط؟". 

وأضاف: "مار شربل ليس مارونيا في السماء فهو قديس للجميع، وهو يحمي جميع أبنائه من "داعش" وغيرها من التنظيمات "الشيطانية" التي تهدّد المسيحيين جميعا على مختلف الاراضي وهو بالطبع لا يفكر بطريقة محدودة وضيقة".

 

 

وأوضح الاب عازار أنّ "للاعاجيب أسساً معينة وأنظمة يجب اتباعها وبالتالي، لا يمكننا التداول بها قبل ان يطّلع عليها المطران المحلي (الاسقف) كمرحلة أوليّة فهو محاط بجمعيّة كهنة اختصاصيّين يدرسون "الظاهرة" من مختلف النواحي ويتخذ قراره بناءً على دراستهم التي تميّز ما اذا كانت "ظهوراً فعليّاً أو أعجوبة أو رسالة روحيّة من قدّيس معيّن عبر انسان اختاره أو...". وبعد الاطلاع عليها واتخاذ القرار المناسب، تنتقل هذه الظاهرة الى الفاتيكان إذا كشفت الدراسة أنها فعلاً رسالة من الله. وبعدها يصادق عليها الفاتيكان كمرحلة ثانية وتعلن بعدها رسميّاً من الفاتيكان، رأس الكنيسة.

 

فيا أيها المؤمنون، سأسمح لنفسي بأن اطمئنكم... "نعم مار شربل حامي لبنان وكلّ البلدان"، نعم "نحن بحمايته"، نعم "جيشنا مبارك"... وبالتأكيد هو يحبّنا كثيراً، ولا داعي للخوف... 

فنحن لسنا بحاجة الى رسالة "واتساب" عن لسان القدّيسين لنؤمن بأنّ بشفاعتهم "الله حامينا"!