يكفي أن تقف على الحدود الجنوبية وتنظر إلى خلف الحدود حيث الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتعرف مدى إهتمام دولة العدو الإسرائيلي الغاشم بالأرض التي تحتلها وكيف تستغلها بطريقة علمية مع تخطيط ودراسات حولتها إلى جنّة ، فتجد دولة العدو الغاشم كيف تمنع البناء في الأراضي الزراعية وتبني مستوطناتها فوق التلال والجبال الصخرية التي لا تصلح للزراعة، وتعمل على إستصلاح الأراضي وتستفيد من كل حبة تراب ومن كل قطرة ماء فوق الأرض وفي جوفها وتسرق المياه من لبنان وسوريا والأردن لتلبي كل حاجات شعبها من الماء والكهرباء وتدعم المزارعين وتشجعهم وتقدم لهم كل ما يلزم لتحسين زراعاتهم وزيادة إنتاجهم وتؤمن لهم أسواق للتصريف في الداخل والخارج ، بينما نحن بني عرب أصحاب الأرض الأصليين تجد أرضنا المحررة تحكمها الفوضى بكل أنواعها، فوضى بالزراعة وفوضى بالعمران في ظلّ غياب التخطيط وغياب الدعم وغياب التصريف والسبب المباشر هو غياب الدولة الراعية والداعمة ، فتجد الكسارات تنهش الجبال بدون أي مخطط بيئي ، وعندما تنتهي الكسارات من تشويه البيئة وإحداث فجوات عميقة في الأرض، وبدل من أن تُلزم الحكومة أصحاب الكسارات على إستصلاح الأرض التي نهبهوها، تحاول أن تحوّلها إلى مطامر للنفايات، ما يهدد بتلوث  المياه الجوفية بدل أن تعمل الدولة على إستخراجها وسدّ ظمأ الكثير من أهل المدن والقرى الذين يتفرجون على المياه وهي تمرّ أمام أعينهم من النهر إلى البحر وهم عطاش .

ولكي تعرف مدى إهمال الدولة  في لبنان وغيابها وغياب التخطيط، يكفي أن تزور البقاع، وتنظر عندما تطل على السهل من ظهر البيدر، لترى بأمّ العين كيف يجتاح الإسمنت سهل البقاع ويقضم مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة والمنتجة، في حين الجبال المحيطة بالسهل والصالحة للبناء تجدها خالية جرداء قاحلة.  

هذه الدولة الغائبة ترهلّت إلى درجة أصبحت مجاري الأنهار عندنا عبارة عن مجارير ضخمة مكشوفة ومفتوحة أمام كل أنواع النفايات، هذه الدولة أصبحت عاجزة عن إزالة النفايات من الشوارع،  عاجزة عن بناء معامل لمعالجة النفايات أو بالحدّ الأدنى تأمين مطامر تعمل بطريقة سليمة لا تضرّ بالبيئة ولا بصحة المواطنين !!!

تخيلوا لو أنّ في لبنان دولة كدولة الكيان الإسرائيلي الغاصب والغاشم، كيف سيكون لبنان وكيف ستكون مجاري أنهاره وسواحله وشطآنه،  كيف ستكون جباله وسهوله ؟

هل كان لبنان بلد الينابيع والأنهر سيعاني من أزمة كهرباء وماء ونفايات ؟؟

متى نتعلم من عدونا كيف نبني دولتنا ونحلّ أزماتنا ونعالج نفاياتنا وننعم بإكتفاء ذاتي من ماء وكهرباء ونفط وغاز؟

عندها فقط نستطيع أن نعلن بأننا هزمناه، أما تحرير الأرض وحده على أهميته، لا يكفي لإعلان النصر على العدو، في وقت نقبع تحت العتمة بلا ماء ورائحة النفايات تحتل الأرض والفضاء.