المناسبة تكريم مارسيل خليفة، والكلام للوزير وائل ابو فاعور، يكرّم آذاننا بجميل الكلام بعد أن سُدَّت لكثرة الإصغاء الى كلام السياسيّين، وهو، في غالبيّته، إما فارغ المضمون أو مثقل بالحقد والشتم.

 

 

مارسيل خليفة ينشد، وعوده رفيقه الدائم، يمتشقه كما تمتشق صبيّة في قرية وردةً قطفها لها حبيبها الاول. ووائل أبو فاعور يخلع عنه ثوب السياسة وخطابها ليلقي علينا حلو الكلام وأعمقه، يخرج من ذاكرة موجوعة ووتر قلب تفتّح على دندنات مارسيل.

في هذه السطور ما قاله وائل ابو فاعور عن مارسيل خليفة... وما أجمل الاسمين بلا ألقاب.

 

 

لست نبيا، لكن عودك أخضر

 

تفوح منه حدائق الأمل

 

لست شفيعا، لا لست شفيعا، لكن الفقراء يرفعون صوتك في كنيسة فقرهم، ويطوفون بك بخورا ليتنشقه الأطفال فيسلمون.

 

لست وليا،لا لست وليا، لكن البؤساء يضيئون الشموع حول وترك.

 

 

 

قبلك كان الفقر نقيصة، على عودك استحال الفقر نشيدا.

 

قبلك كان الظلم لعنة، معك بات الظلم نغمة.

 

نطرب لها وتطرب لنا.

 

 

 

قصتنا معك طويلة، يا مارسيل خليفة

 

فأنت راوي الرواة

 

وأنت حادي العيس

 

وأنت حارس الذاكرة

 

أنت حارس آمالنا الكبيرة

 

وأنت حارس أحلامنا الكسيحة

 

وأنت حارس خيباتنا الفسيحة.

 

 

 

ورثتنا وورثناك.

 

ورثناك من أحلامنا، من عقائدنا، من احزابنا، من معلمنا، من كمال جنبلاط، وورثتنا من أهلنا ورثتنا من بيوتنا ومن أحزاننا.

 

 

 

ورثناك وما تعلمناك

 

ورثناك كالقهوة في الصباح، ورثناك كبزوغ الفجر، ورثناك كقبلة الأم قبل النوم، ورثناك كدعاء العجائز الخائفة.

 

 

 

ما خذلتنا وخذلناك.

 

وبقي صوتك وحيدا يجول في بريتنا، ولا من ينصت.

 

 

 

غنيتنا وما سمعناك

 

فعويل خيباتنا كان أقوى من أن نسمع

 

 

 

ما خذلتنا وخذلناك

 

خلعنا قضيتنا، وما خلعت عودك.

 

رمينا سلاح قضيتنا، وما رميت صوتك.

 

حملنا سلاح الضغينة، حملنا شوك التفرقة، وما حملت إلا زهر الذاكرة.

 

 

 

يعبرون الجسر في الصبح خفافا

 

أضلعي امتدت لهم جسرا وطيد

 

من كهوف الشرق، من مستنقع الشرق،

 

الى شرق جديد.

 

عبرنا الجسر، يا مارسيل، عبرناه، لكننا عبرناه عودة الى الكهوف، عبرناه وأنت ما عبرت

 

لبسنا ثوب الردة، لبسناه، وانت ما لبست.

 

 

 

أنا احمد العربي فليأت الحصار.

 

جسدي هو الأسوار، فليأت الحصار.

 

سقط الحصار، وسقطنا فقد بات العدو فينا.

 

قتلتنا الردة

 

قتلتنا الردة

 

قتلنا ان الواحد منا،

 

يحمل في الداخل ضده

 

 

 

ما شاب منك يا مارسيل إلا شعرك

 

وما شاب منا إلا أحلامنا.

 

 

 

ما شاب منك يا مارسيل إلا لحيتك

 

وما شاخ منا إلا آمالنا.

 

 

 

وبقيت تصدح

 

بقيت تصدح، وبقينا نرد.

 

بقيت تصدح، وبقينا نسمع

 

لكننا بتنا نرد من مقابرنا، من مغاورنا، من كهوفنا، يا هذا الطارق أبواب الموتى

 

ضوضاؤك تقلقنا

 

ستقض مضاجعنا

 

فارجع لا تفزعنا

 

لا تحرمنا النسيان.

 

 

 

ندين جميعا لفلسطين،

 

وتدين هي لك

 

وقد أنشدتها حتى الثمالة.

 

 

 

ندين جميعنا لكمال جنبلاط

 

ويدين هو لك.

 

وقد قصصته على مسامعنا

 

وغرسته تحت مسام جلدنا

 

 

 

وحدك والشهداء تكاد تكون ذاكرتنا

 

حكايتنا

 

شاهدا لنا

 

وشاهدا علينا.

 

 

 

مارسيل خليفة

 

من راشيا، من البقاع، من وادي التيم،

 

في زمن النشيد الزائف

 

أنت وحدك نشيدنا

 

 

 

غني قليلا يا عصافير

 

فانني كلما فكرت في حالي بكيت

 

مارسيل خليفة

 

غني كثيرا

 

غني طويلا

 

غني مديدا

 

اذا لم يكن لنا

 

فلربما لجيل يأتي من بعدنا

 

غني لجيل يستحق الغناء.