سبعينية الجيش وعود واهية , وإتصالات فاشلة , وحلول ليس لها مكان , وطبقة سياسية تمعن في الفساد

 

السفير :

كلما اتسعت دائرة الفراغ تشريعا وسلطة تنفيذية، كبرت مسؤوليات الجيش اللبناني، لكن هل للمؤسسة العسكرية أن تكون جزيرة في بلد تبدو السياسة فيه مأزومة، كما الاقتصاد والاجتماع والثقافة والإعلام.. وحتى النفايات؟
طوال سبعين عاما من عمره، واجه الجيش الكثير من الاستحقاقات والتحديات، من مشاركته في «حرب فلسطين» وسقوط عدد من ضباطه وجنوده شهداء في «معركة الكرامة»، إلى انخراطه غير المسبوق في الحرب ضد الإرهاب، سواء عبر الحدود أو في مواجهة خلايا تكفيرية نائمة، مرورا بتحدي التعامل مع السلاح الفلسطيني في لبنان والاحتراب الأهلي بكل فصوله من مطلع السبعينيات حتى نهاية الثمانينيات.
لم تكن سبعون الجيش إلا اختزالا للأزمة الوطنية التي عمرها من عمر هذا الكيان، لا بل أن سبعين الجيش هي حكاية بلد لطالما كانت تتوالد الأحداث فيه، على وقع أحداث المنطقة، وخصوصا الجوار القريب.
يكفي أن استقلال لبنان عن سوريا كان مشروطا بأن ينأى بنفسه عن محاور الإقليم، وعندما قرر أن يخالف وظيفته التاريخية، دفع الثمن. هذا ما حصل في العام 1958، عندما صار حكم كميل شمعون جزءا من «حلف بغداد» في مواجهة جمال عبد الناصر، فكانت ثورة العام 1958 التي انتهت بتسوية أتت بقائد الجيش فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية..
ولم تكن تجربة لبنان مع سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية ومع دول ومحاور المنطقة، إلا العنصر الأول المتحكم بمسارات الجمهورية الأولى. هذه الجمهورية سقطت نظريا في لحظة دولية (انهيار الاتحاد السوفياتي وحقبة «الحرب الباردة») وعمليا في لحظة إقليمية ـ دولية، عندما «لزّم» الأميركيون إدارة ملف لبنان للرئيس الراحل حافظ الأسد، فكان اختيار إميل لحود قائدا للجيش اللبناني، أحد تعبيرات تلك المرحلة التي انتهت مع الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003.
ومنذ أن ولد القرار 1559، بمندرجاته الثلاثة: استهداف سوريا (مطلب فرنسي وتحديدا شيراكي)، استهداف سلاح «حزب الله» (مطلب أميركي إسرائيلي) وانتخاب رئيس جديد للجمهورية (مطلب فريق لبناني على رأسه رفيق الحريري)، أصبح لبنان مجددا أسير لعبة المحاور، مخالفا بذلك الوظيفة التاريخية التي انوجد على أساسها.
ولقد زاد الطين بلة أن سوريا التي كانت تقوى كلما كانت متحكمة أكثر من غيرها بالقرار اللبناني، صارت هي نفسها مأزومة، لا بل تشهد حربا تتداخل فيها الأبعاد الخارجية مع الأبعاد الداخلية، لكأنها الممر الإجباري لخرائط الدم الجديدة التي ترتسم في المنطقة منذ أربع سنوات ونيف على أنقاض دول ومدن وشعوب مدمرة ومهجرة ومنكوبة وغارقة في الفوضى.
كيف أمكن للجيش اللبناني أن يبقى صامدا وموحدا وواقفا على قدميه، كما الليرة اللبنانية، منذ أكثر من عقد من الزمن، برغم الاختبارات اليومية التي خضع ويخضع لها، على طول الحدود من الشمال الى الجنوب مرورا بالدواخل اللبنانية التي لا تستطيع كل جيوش العالم أن تواجهها؟
ليس خافيا أن قيادة الجيش اللبناني حاولت تعويض الفشل الرسمي بوضع كتاب مدرسي موحد للتاريخ نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني، بأن طلبت بعد العام ألفين من مجموعة من الباحثين والضباط والخبراء تأريخ مسيرة الجيش اللبناني، وبرغم الخلاصات التي وضعها هؤلاء، لم يصدر سوى الجزء الأول من هذه السلسلة (1920ـ 1945)، أي ما قبل التأسيس الرسمي بعد الاستقلال، لكأن سيرة الجيش التي هي جزء من سيرة الوطن، ليست موضع اتفاق بين المؤرخين، إلا إذا اتخذ قائد الجيش الحالي قرارا شجاعا بالإفراج عن باقي أجزاء هذه السلسلة، لتصبح ملك الجمهور اللبناني كله، في أقرب وقت ممكن.

النهار :

يحل الأول من آب هذه السنة بمجموعة مفارقات ومحطات تُكسب العيد السبعين لتأسيس الجيش اللبناني دلالات ومعطيات بالغة الاهمية، وخصوصا وسط تعمّق الأزمة السياسية التي يشهدها لبنان، والتي لم توفر الجيش في الكثير من تداعياتها وانقساماتها وصراعاتها. حتى ان أحد هذه الوجوه المباشرة لهذه التداعيات طاردت الجيش عشية عيده من خلال مراسيم ترقية الضباط في الاسلاك العسكرية والامنية المختلفة التي لم تقترن بتواقيع الوزراء الـ 24 وظلت رهن أزمة آلية عمل مجلس الوزراء. لكن تطورا حصل بعد ظهر امس وتمثل في توقيع جميع وزراء قوى 8 آذار ولا سيما منهم وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" و"حزب الله" مرسوم ترقية التلامذة الضباط الذين سيتخرجون اليوم من الكلية الحربية بما يسمح باكتمال اجراءات تخريجهم فيما لم تكتمل التواقيع على مراسيم الترقيات العادية للضباط والتي تصدر في الاول من تموز من كل سنة.
تحل ذكرى عيد الجيش اذاً للمرة الثانية وسط استمرار الفراغ الرئاسي ولذا فان الضباط المتخرجين لن يتسلموا سيوفهم من رئيس الجمهورية وسط تفاقم الازمة السياسية. كما تتزامن والذكرى السنوية الاولى للاعتداء الاول الذي شنته التنظيمات الارهابية على مواقع الجيش في عرسال واختطاف عدد من العسكريين لا تزال قضيتهم تثقل الوضع الداخلي ناهيك بآثار الحملة السياسية التي يخوضها فريق سياسي في ملف التعيينات الامنية والعسكرية والتي تتركز على استهداف القيادة العسكرية بدعوى أنها "غير قانونية وغير شرعية".
وفي المقابل، أبرزت المعارك الدفاعية على الحدود الشرقية التي خاضها الجيش طوال العام الماضي، بالاضافة الى العمليات الامنية الاستباقية التي نجح فيها في ضرب أعداد كبيرة من الخلايا الارهابية في الداخل، الدور المتنامي للجيش في حماية البلاد ووسعت رقعة التأييد العارم لهذا الدور والتعاطف الشعبي والسياسي معه وكذلك زيادة الدعم الدولي والعربي له.
ولعل الكثير من المواقف التي صدرت امس عكست هذه المعاني وكان أبرزها لرئيس الوزراء تمام سلام الذي وجه "التحية الى قيادة الجيش والى ابنائنا العسكريين جنودا ورتباء وضباطا، تقديرا لدورهم في خدمة الوطن وحمايته وتفانيهم في صون وحدته واستقراره" مجددا الدعوة الى انتخاب رئيس للجمهورية "في أسرع وقت، لإعادة التوازن الى مؤسساتنا الدستورية وبث الروح في حياتنا السياسية ودورتنا الاقتصادية". وإذ حيا "ذكرى شهداء الجيش الذين سقطوا دفاعا عن الارض والسيادة على كامل التراب الوطني، توجه بالتحية ايضا "الى العسكريين المحتجزين لدى الجماعات الارهابية الذين نأمل في إنهاء مأساتهم في أقرب وقت".
كذلك أسف الرئيس سعد الحريري لحلول عيد الجيش ولبنان بلا رئيس للجمهورية، ونوه باظهار الجيش "قدرة لافتة في تماسكه وترفعه عن الانقسامات والتجاذبات السياسية الحادة، وبقائه أمينا على رسالته في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب أينما وجد". وقال: "نكرر دعمنا القوي للجيش اللبناني في مهماته، وكلنا أمل أن يشكل عيد الجيش هذا العام بمعانيه الوطنية ووحدة المؤسسة وتضحية أفراده الغالية، مثالا للبنانيين جميعا كي يتجاوزوا انقساماتهم وخلافاتهم ويعملوا على إعادة العافية الى مشروع الدولة، وذلك من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت".
أما قائد الجيش العماد جان قهوجي، فشدد مجددا في "أمر اليوم" على الثوابت التي تحكم مسار المؤسسة العسكرية مخاطبا العسكريين بقوله: "انكم تصنعون في كل يوم عيد الشرف والكرامة والعنفوان، وضعوا نصب العيون ان قوة مؤسستكم تكمن في وحدتها وتماسكها وفي بقائها على مسافة واحدة من الجميع كما في التفاف الشعب حولها والتزامها مبادئ وثيقة الوفاق الوطني". وفي ذكرى معركة عرسال الاولى دعا قهوجي العسكريين الى "أتم الاستعداد لمواجهة الارهابيين كما الاطماع الاسرائيلية"، مشيرا الى ان الجيش "بلغ في مواجهته التنظيمات الارهابية وبشهادات العالم مستوى من الاحتراف يرقى الى مستوى الجيوش الكبرى".
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" أن توقيع وزراء "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" أمس المراسيم المتعلقة بالتلامذة الضباط عشية تخريجهم بعدما امتنعوا عن ذلك في جلسة مجلس الوزراء أول من امس، جاء نتيجة مشاورات بين الفريقين وخصوصا أن التيار له أصول في المؤسسة فيما يعاني الحزب إلتباسا في العلاقة معها فكان لا بد من تدارك الاحراج من خلال توقيع هذه المراسيم.

المستقبل :

في زمن الملمّات والمهمات الصعبة حيث تتهافت أيادي السوء والمكر والإجرام للنهش في جسد الدولة مؤسساتياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً وبيئياً محاولةً إغراق المركب الوطني في رمال التعطيل المتحركة في كل الاتجاهات وعلى كافة المستويات من الرئاسة حتى النفايات، لم يعد أمام اللبنانيين خشبة خلاص يلتفون حولها ليستنشقوا ريح الدولة المنشودة عزةً وكرامةً ووحدة سوى المؤسسات الشرعية العسكرية والأمنية وفي مقدّمها الجيش البقية الباقية والضمانة الضامنة لجميع أبناء الوطن بمختلف انتماءاتهم السياسية والمذهبية والطائفية. وفي عيده السبعين اليوم، يحل الأول من آب وشغور الرئاسة الأولى طاغياً على امتداد ساحات الوطن وميادينه فارضاً بغياب القائد الأعلى للقوات المسلحة حسرةً تحزّ في النفوس الوطنية، كما عبّر الرئيس سعد الحريري أمس عاقداً الأمل في المقابل على أن يحتذي اللبنانيون جميعاً بالجيش «مثالاً» لتجاوز الانقسامات والعمل على إنعاش مشروع الدولة عبر المسارعة إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
الحريري، وفي بيان أصدره لمناسبة عيد الجيش اللبناني الذي يصادف اليوم، توجّه بالتهنئة للجيش قائلاً: «يحز في نفوسنا أن يحل عيد الجيش هذا العام ولبنان بلا رئيس للجمهورية، يتولى رعاية هذا العيد ويشد على أيدي المؤسسة العسكرية ويعطي الأمل للبنانيين بالمستقبل الواعد ويجسد وحدة الدولة وديمومتها». 
وإذ لفت إلى كون «عيد الجيش يصادف هذا العام، ولبنان يواجه سيلاً من التحديات والمخاطر تعصف به من كل جانب، وقد أظهر الجيش قدرة لافتة في تماسكه وترفّعه عن الانقسامات والتجاذبات السياسية الحادة، وبقي أميناً على رسالته في الحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب أينما وجد، ودفع أثماناً باهظة من أرواح العديد من ضباطه وجنوده لتحقيق هذا الهدف»، ختم الحريري بالقول: «لا يسعنا في هذه المناسبة الوطنية، إلا أن نكرر دعمنا القوي للجيش اللبناني في مهماته، وكلنا أمل أن يشكل عيد الجيش هذا العام بمعانيه الوطنية ووحدة المؤسسة وتضحية أفراده الغالية، مثالاً للبنانيين جميعاً كي يتجاوزوا انقساماتهم وخلافاتهم ويعملوا على إعادة العافية لمشروع الدولة، وذلك من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع وقت ممكن، لأنّ الدولة هي وحدها ضمان وملاذ جميع اللبنانيين من دون استثناء».

الديار :

جريمة اسرائىلية جديدة تضاف الى جرائم اسرائىل العنصرية بحق الشعب الفلسطيني بعد ان ارتكبت عصابات المستوطنين جريمة حرق الرضيع الفلسطيني علي سعد دوابشة وافراد عائلته. وقد اشتعلت القرى الفلسطينية ردا على الجريمة واشارت المعلومات عن حصول عملية طعن بالقرب من قرية دوما جنوب نابلس. وقد وصفت واشنطن قتل الطفل الفلسطيني بأنه هجوم ارهابي وحشي.
وفي التفاصيل ان الطفل الفلسطيني علي سعد دوابشة استشهد حرقا في قرية دوما جنوب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية وأصيبت عائلته بجروح خطرة بعد إقدام المستوطنين على حرق منزلهم فجر امس.
وقال شهود عيان ومواطنون من قرية دوما إن مجموعة من المستوطنين المتطرفين اقتحموا القرية قرابة الثالثة فجرا وقاموا بحرق منزلين باستخدام عبوات مولوتوف شديدة الاشتعال ألقوها داخل المنزلين.
ووصفت مصادر طبية داخل مشفى رفيديا بنابلس إصابات المواطنين من عائلة دوابشة بالخطرة، وأكدوا أنه سيتم نقلهم لمشفى إسرائيلي داخل فلسطين المحتلة، مشيرة إلى أن حروقهم تراوحت بين 50% للطفل أحمد دوابشة و70% للأب و80% للأم، بينما استشهد طفلهم الرابع متأثرا بجراحه.

ـ عصابات ـ

وأكد سمير دوابشة من قرية دوما أن مجموعة من المستوطنين المتطرفين من عصابات ما يسمى تدفيع الثمن هاجموا منازل المواطنين سعد محمد دوابشة ومأمون رشيد دوابشة وقاموا بحرقهما، وأن الدفاع المدني الفلسطيني وسيارات الإطفاء حضرت للمنزلين وقامت بإخماد النيران.
وأشار إلى أن المستوطنين طرقوا بأيديهم على نوافذ منزل المواطن سعد دوابشة (30 عاما) وعندما فتح لهم النافذة ألقوا عبوة مشبعة بمواد سريعة الاشتعال بالداخل مما أدى إلى حرق المنزل بالكامل وإصابته وزوجته رهام حسين (27 عاما) وطفله أحمد (4 أعوام) بحروق وصفت بالخطيرة، بينما استشهد طفله الرابع علي متأثرا بجروحه نتيجة الاحتراق الشديد.
وأوضح دوابشة أن المنزل الآخر الذي تم إحراقه ويعود للمواطن مأمون رشيد دوابشة لم يكن أحد بداخله وأن صاحبه يقطن مدينة نابلس، مبينا أن النيران أتت على كامل المنزلين بكل محتوياتهما، وأن المستوطنين فروا من المكان عقب تنفيذهم جريمتهم.
ولفت إلى أن جيش الاحتلال والشرطة الإسرائيلية والارتباط العسكري الفلسطيني والإسرائيلي حضروا إلى المكان وشرعوا بالتحقيق في الحادثة، وأكد أن جيش الاحتلال طوّق المنزلين وحال دون وصول المواطنين إليهما.

 

الجمهورية :

المخاوف الدولية من استقالة الحكومة تنبع من الحِرص على الاستقرار في لبنان، حيث إنّ الاعتقاد الدولي بأنّ انفراط الحكومة سيؤدي إلى عودة الاشتباك السياسي واستطراداً التسخين السياسي، الأمر الذي يُضعف المناعة الوطنية ويهدّد الاستقرار ويشكّل عملية إلهاء للجيش اللبناني الذي بدلاً من أن يركّز جهوده في التصدّي للإرهاب سيكون مضطراً إلى رفع جهوزيته في الداخل منعاً لأيّ احتكاكات في الشارع تقود إلى مواجهات وتجرّ البلد إلى ما لا تُحمَد عقباه.
وفي موازاة المخاوف الأمنية عبّرت أوساط ديبلوماسية عن مخاوف بنيوية تتصل بالنظام السياسي، وقالت لـ«الجمهورية» لا يمكن تفسير هذا التعطيل في معظم المؤسسات الدستورية إلّا بكونه متعمّداً من أجل إعطاء إشارة للداخل والخارج بأنّ المشكلة في لبنان أبعد من سياسية وخلافات سلطوية وترتبط بالنظام السياسي، أي اتّفاق الطائف، الذي يتطلب تعديلاً جوهرياً يفسِح في المجال أمام إعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية.
لا مخاوف أمنية
ولكنّ مصادر وزارية مطّلعة لم تشاطر الهواجس الدولية على الاستقرار في حال استقالة الحكومة، وقالت لـ«الجمهورية» إنّ الاستقرار لا يتصل بالحكومة مباشرةً، إنّما يتعلق بالاتفاق السعودي-الإيراني على تحييد لبنان عن صراعهما المفتوح، وكلّ المعلومات المتقاطعة تؤكّد أنّ هذا الاتفاق ما زال ساريَ المفعول، ويتفرّع منه حِرص «حزب الله» على الاستقرار لترييح بيئته في الداخل في لحظةِ تفرّغِه للحرب السورية، كما الحِرص الثابت والدائم لـ»المستقبل» على تجنيب لبنان أيّ خضّات من أيّ نوع.
إنفراط الحوار يهدّد الاستقرار
وأضافت: الخوف على الاستقرار يكون في حالة واحدة، وهي انفراط الحوار بين «المستقبل» و»حزب الله» ودخولهما في مواجهة سياسية مفتوحة، وما دون ذلك يبقى تحت السيطرة، خصوصاً أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عبّر صراحةً عن دعمه لرئيس الحكومة تمام سلامه وليس رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» ميشال عون، كما أنّ «حزب الله» وضَع أساساً لعون ثلاثة خطوط حمر: الحكومة، الاستقرار والجيش، وبالتالي الحراك العوني مهما بلغَ سيبقى مضبوطاً تحت السقف الذي رسَمه له الحزب، فضلاً عن أن لا نيّة للحزب اليوم للخربَطة عن طريق عون.

البلد :

مع تكرار جلسات العقم الحكومي في التعيينات الى إدارة ملف النفايات الى عدم البت بالرواتب والهبات وغيرها من ملفات الساعة الحيوية، تتكرس حالة الشلل في السلطة التنفيذية بأوجهها كافة، ورغم كل ذلك ستبقى الحكومة ولو كانت صورة معلقة على جدار وبرضى كل الاطراف وبدعم دولي غير مسبوق لحكومة الرئيس تمام سلام.
وامس استمرت جرعات الدعم الحكومية الدولية وتمثلت بزيارة الشفير الاميركي في بيروت دايفيد هيل والمغادر قريباً الى بلاده لتؤكد بقاء المظلة الدولية فوق الحكومة، ففي اول موقف اميركي من لبنان بعد توقيع الاتفاق النووي والقلق العربي من تداعياته على السياسة الاميركية في المنطقة، اعلن هيل بعد زيارته الرئيس سلام في السراي إلتزام بلاده الدائم بلبنان، مؤكداً أن التطورات الإقليمية لم تغيّر سياسة أميركا تجاه لبنان وأمن المنطقة. واعتبر ان "في وسع اللبنانيين وحدهم وقف التمزّق في مؤسسات الدولة، والبدء في إصلاحها". 
في غضون ذلك، تراوح أزمة النفايات مكانها وسط عجز رسمي عن ايجاد الحلول، بعد أسبوعين على اقفال مطمر الناعمة. واذا كانت الكارثة انفرجت جزئيا في عدد من المناطق، الا انها الى تفاقم في مناطق أخرى، في وقت ترتفع الصرخات الرافضة استقبال النفايات في أكثر من بلدة.
وفي انتظار الحل الذي قد يتمخض عن الخلية الوزارية المكلفة درس الموضوع والتي التأمت أمس الاول من دون تحديد موعد جديد لاجتماعها، رأى رئيس لجنة الأشغال العامة النائب محمد قباني، ان "موضوع النفايات يدور حتى الساعة في حلقة مفرغة عنوانها التنفس المؤقت وأدواتها "أسبيرين وبانادول"، والحل المعتمد اي نقل النفايات الى الكرنتينا، يكفي اياما قليلة، سنعود بعدها الى المشكلة نفسها"، مضيفا "مسألة تسفير النفايات الى الخارج، يجب ان يدرس سريعا عله يحمل حلا".

الاخبار :

لا تخرج أزمة النفايات التي تعيشها البلاد، عن سياق الأزمات التي يعيش لبنان في خضّمها منذ انتهاء الحرب الأهلية. فعقلية الحلول المؤقتة و«تمشاية الحال» التي أوصلت آلاف أطنان النفايات إلى التكدّس في الشوارع، وإعلان القوى السياسية والحكومة الحالية إفلاسها في إيجاد الحلول، هي نفسها تلك التي لم تجد حلّاً لأزمة الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات والمهجرين وقوانين الانتخاب والضرائب وتنظيم شؤون النازحين السوريين، وغيرها من الأزمات المالية والاجتماعية، فضلاً عن تلك المصيرية، في الحرب والسلم ومكافحة الإرهاب وتحديد الأعداء والأصدقاء. والفارق بين أزمة النفايات والأزمات الأخرى، هو أن النفايات لها «رائحة» كريهة لدرجة لا يمكن تخدير الناس لتجاهلها كما يتجاهلون المصائب الأخرى، وسوقهم خلف القوى السياسية التي تحتكر تمثيلهم.

أسبوعان على الأزمة التي يدرك «من بيدهم الأمر» منذ أشهر أن البلاد مقبلة عليها، و«لا حلّ حتى الآن»، يقولها الوزراء بلا خجل، يصرّح بها السياسيون، فيتناقلون كرة النار من يدٍ إلى يدٍ، من زعامة إلى زعامة، من طائفة إلى طائفة.
يوم أمس، ظهرت مؤشرات جديّة على نية رئيس الحكومة تمام سلام، طيّ صفحة إنشاء مطامر للنفايات على أي بقعة من الأرض اللبنانية. والإقلاع عن فكرة المطامر لا علاقة له بعبقرية الحكومة، بل جاء لعجز القوى السياسية عن إيجاد بقعة أرضٍ واحدة لإنشاء مطمر «صحي»، من بيروت إلى الشوف وعاليه، إلى المتن الشمالي وكسروان وجبيل، إلى النبطية وصور، إلى الحدود مع سوريا في عكار، وسط غليان في الشارع، تعبّر عنه سرعة انتقال أهالي القرى إلى الاعتراض بقطع الطرقات واتهام زعاماتهم السياسية بالتآمر عليهم. إلّا أن الأهالي الذين يعترضون على إقامة مطامر في خراج بلداتهم أو البلدات المجاورة، لعدم ثقتهم بأن المطمر سيكون «صحياً»، لا يعترضون على المكبات التي ترمي بها البلديات نفاياتها بطريقة عشوائية ومن دون طمر، ومن دون معرفة المصير الذي ستؤول إليه المزابل، كلما تراكمت النفايات، في ظلّ دولة «التسويف». وبدورها الدولة، التي لا يلام المواطن على فقدانه الثقة بها، وصلت إلى حالة الإفلاس، ضمن حالة العجز التي وصل إليها النظام اللبناني برمته.