كما تتركم الفايات في شوارع لبنان , تتراكم الملفات على طاولة الحكومة التي دخلت في غيبوبة الى أجل غير مسمى

 

السفير :

لا أحد يملك الجرأة على نعي الحكومة صراحة، بدءا من رئيسها وصولا الى باقي مكوناتها. صحيح انها دخلت عمليا في حالة تقارب «الموت السريري»، بفعل تعطل انتاجيتها، لكن أيا من أطرافها ليس مستعدا لأن يتحمل مباشرة المسؤولية عن وقف جهاز التنفس الاصطناعي الذي يبقيها موصولة بالحياة، تاركا للاستحقاقات المقبلة ان تفعل فعلها.
وعلى هذه القاعدة، انفض مجلس الوزراء أمس من دون التوصل الى أي قرار، سواء في شأن حسم آلية معالجة ازمة النفايات او البت في آلية العمل او توقيع مراسيم عالقة، وذلك في تعبير عن «الغيبوبة» التي دخل فيها، بينما يبدو ان الرئيس تمام سلام الذي يعلم ان الاستقالة محفوفة بالكثير من المخاطر قد يتجه في المدى القريب نحو الاعتكاف او تعليق الجلسات، قبل ان يجازف بالخيار الاصعب الذي لا يحظى حتى الآن بغطاء إقليمي وداخلي.
أما «وباء» النفايات، فلم تتمكن، لا الحكومة، ولا اللجنة الوزارية الفرعية بعد من إيجاد «اللقاح» المضاد له، لتقتصر الخطوات العملية حتى الآن على «مسكنات» لبضعة أيام من النوع الذي استخدم في بيروت، تحت سقف خطة طوارئ وضعها المحافظ زياد شبيب، وأفضت الى إزالة غالبية النفايات في بيروت، حيث تم نقلها الى موقع الكرنتينا، فيما استمرت مناطق الضواحي في التخبط في الازمة.
ومع دنو قرار «التمديد الحتمي» لرئيس الاركان في الجيش اللواء وليد سلمان، في السابع من آب المقبل، كما هو «مكتوب» برغم اعتراض العماد ميشال عون، فان جلسة مجلس الوزراء الافتراضية الخميس المقبل، ستكون امام اختبار مفصلي قد يكون ما بعده غير ما قبله، علما ان هناك من يهمس ان الصيغة الأفضل لتجنيب الحكومة الارتطام المباشر بهذا التمديد هو تعليق عملها، الى حين مرور العاصفة.
لكن مصدرا بارزا في «التيار الوطني الحر» حذر من التداعيات التي ستترتب على خيار التمديد لرئيس الاركان وقائد الجيش، قائلا لـ «السفير»: أي قرار من هذا النوع سيكون بمثابة «زبالة سياسية» وسيؤدي الى تصعيد يتحمل مسؤوليته من يصر على مخالفة القانون والدستور.
واضاف: هناك فرصة في الجلسة الحكومية المقبلة لإصلاح المسار المنحرف من خلال تعيين رئيس جديد للاركان، ونحن ننصح بانتهازها بدل المضي في المخالفات.
وقد أعطى سلام خلال جلسة مجلس الوزراء أمس إشارة واضحة الى الاحتمالات الممكنة بقوله: اذا لم نجد مخارج وحلولا جدية لاستمرار عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، فسنصل الى عجز كبير، مكررا انه مستعد للمساعدة في تجاوز هذه المعضلة، «لكن إذا اصطدمت بحائط مسدود، فإن خياراتي مفتوحة وسألجأ اليها إذا احتجت الى ذلك، واذا استمررنا في ما نحن فيه لن يكون هناك جدوى لمجلس الوزراء أو لأي مؤسسة دستورية».
وتواصل أمس النقاش العبثي حول مفهوم التوافق في مجلس الوزراء، فيما دعا سلام الوزراء الى التعاون والمساعدة في معالجة أزمة النفايات، ما دفع الوزير جبران باسيل الى التعليق قائلا: هل الشراكة تتحقق فقط في لمّ الزبالة؟ وأضاف: الشراكة لا تكون موسمية وانتقائية، ولا تكون بان يُطلب منا ان نساهم في تحمل تبعات قرارات خاطئة اعترضنا عليها في ما خص ملف النفايات وشركة سوكلين.

النهار :

مع ان العقم الاضافي الذي افضت اليه جلسة مجلس الوزراء أمس لم يفاجئ أحداً، فان ذلك لا يقلل مدى الخطورة التصاعدية لانعكاسات الواقع الحكومي التي افاض رئيس الوزراء تمام سلام في أبرازها عبر مداخلته التي لوح فيها بالخيارات المفتوحة التي قد يلجأ اليها اذا تمادت الازمة بكل وجوهها. وقد حاول بعض الاوساط السياسية والوزارية تخفيف وقع الاثر السلبي للجلسة العقيمة باعتبارها مررت قطوع المواجهة السياسية مجدداً وأثبتت أن سقوط الحكومة أو استقالة رئيسها لا يزالان بمثابة خط أحمر ممنوع تخطيه بقرارات كبيرة داخلية وخارجية. وعلى رغم أن هذا الانطباع حمل الكثير من الحقيقة والواقعية، فان الوجه السلبي المقابل تمثل مرة اخرى في ان محاصرة الحكومة بشبكة الممنوعات تفضي بشكل منهجي واضح الى فرض واقع حكومة تصريف أعمال مقنعة، حتى ان هذا النهج لم يوفر المؤسسة العسكرية والاسلاك الامنية الاخرى التي طاولها "العقاب" أمس بحرمانها مراسيم ترقية الضباط في هذه الاسلاك وكذلك الضباط الجدد الذين سيتخرجون غداً في مناسبة عيد الجيش.
وأوجزت مصادر وزارية لـ"النهار" حصيلة جلسة مجلس الوزراء أمس فقالت "إنها كانت انعكاساً للقلوب الملآنة والحلقة مفرغة كما كانت الجلسة بمثابة محطة إنتقالية بين مرحلة تصعيدية ذات صلة بآلية عمل مجلس الوزراء ومرحلة عاصفة أخرى الاسبوع المقبل ذات صلة بالتعيينات الامنية". وأوضحت "أن إتفاقا حبيّا "مرر الجلسة امس من دون أزمة فتحولت "ديوانية" أدلى خلالها الوزراء بدلوهم من دون مساجلة ورفع الصوت على رغم أن بعض المواقف تميّز بالحدة والتحدي. ولوحظ أن الجلسة التي تجاوزت وقتها التقليدي، المحدد بثلاث ساعات بنصف ساعة تمحورت في معظمها على أزمة النفايات لكنها لم تتوصل الى حلول مما أستدعى تعليقاً من الرئيس سلام الذي قال: "إن الازمة لم تعد تقنية بل دخلت في المتاهات السياسية والاخلاقية". واسترعى الانتباه، بحسب المصادر، تأكيد الرئيس سلام أنه "صامد في تحمّل المسؤولية وعدم ترك البعض يأخذ الحكومة الى إتجاه ليس لها".وبدا أن جميع الوزراء أدركوا جدية خياره في الاستقالة فتركوا الجلسة "تمرّ بسلام ليبقى سلام".

المستقبل :

بينما الدولة تتفكّك والمعطلون ينتشون ابتهاجاً بما اقترفت أيديهم تقطيعاً في أوصال البنية المؤسساتية للجمهورية، بدأت تتجسد باكورة انعكاسات الممارسات التعطيلية التكبيلية لمجلس الوزراء على المصلحة الوطنية العليا بمؤشرات تشي بنفاد صبر الجهات الدولية المانحة جراء تعذر قيام الدولة اللبنانية بالمهام المطلوبة منها حيال اتفاقيات التمويل والمنح المقدمة لها، وهو ما عكسه القرار الصادر عن الوكالة الفرنسية للتنمية(afd) بإلغاء عرضين ماليين لتمويل دعم القطاع التربوي الرسمي اللبناني هما عبارة عن تمويل ميسّر بقيمة 45 مليون يورو ومنحة بقيمة 1,5 مليون يورو. وفي الأثناء، لا يزال التعطيل على حاله مستفحلاً ومستأثراً بالبلد على كافة الصعد والمستويات، فارضاً على رئيس الحكومة تمام سلام إبقاء خياراته «مفتوحة» في حال عدم إيجاد مخارج وحلول جدية لاستمرار عمل مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي، كما صارح أعضاء المجلس خلال جلسة الأمس.
إذاً، مشهد الأزمة الوطنية السوداوي يزداد قتامةً تحت وطأة النهج التعطيلي التكبيلي لمؤسسات الدولة، وقد حذر سلام في استهلاليته السياسية أمام مجلس الوزراء أمس من مغبة استمرار هذا النهج لا سيما وأنّ «هناك مجموعة اتفاقيات تتعلق بهبات وقروض معلقة مقدمة إلى لبنان تبلغ قيمتها أكثر من 743 مليون دولار، منبّهاً في الوقت عينه إلى وجود استحقاقات مالية داهمة يشكل عدم الالتزام بها «خطراً على لبنان» سواءً في ما يتعلق بموضوع إصدار واستبدال سندات خزينة أو في ما يتعلق بتأمين الرواتب، ونقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» عن سلام إشارته إلى أنّ استمرار الوضع على حاله سيؤدي إلى وقف الرواتب في شهر أيلول المقبل.
وإثر مقاربة رئيس الحكومة موضوع ملف أزمة النفايات في الجلسة باعتباره ملفاً حيوياً مُلحاً، فأعلن أنّ اللجنة الوزارية المختصة «تبذل جهوداً كبيرة لكنّ الصراع السياسي القائم حال دون التوصل إلى مخارج» داعياً إلى تعاون الجميع لإيجاد حل لهذه «الآفة» بعيداً عن الصراعات السياسية، طلب الوزير جبران باسيل الكلام فقال وفق ما نقلت المصادر الوزارية: «تطلبون أن نتساعد في موضوع أزمة النفايات على أساس ما تقتضيه ضرورات الشراكة الوطنية، نحن نؤيد ذلك ونرى أنه من الواجب أن نتساعد في حل الأزمة لكن هناك أيضاً شراكة وطنية في مواضيع أخرى نطالب بها لا سيما وأنكم لا تقبلون تعيين شخص واحد بالاستناد إلى هذه الشراكة» في إشارة إلى مطلب «التيار الوطني الحر» تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش.

الجمهورية :

قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس رداً على سؤال حول التطورات الجارية وحديث البعض عن سقوط الحكومة: «إنّ تطيير الحكومة يعني تطيير البلد، وهذا أمر لا يمكن ان يحصل، إنّ الحكومة خط احمر، على الاقل بالنسبة إليّ، وبالنسبة الى الاخوة في «حزب الله»، وموقفي وموقفهم ليس من باب الكلام، بل هو موقف جدّي، ومَن يرِد إسقاط الحكومة من دوننا فليجرّب، فالمسألة «ليست بالعافية»، والرئيس سلام يقوم بواجباته ويعمل لاستيعاب الامور لتستمرّ الحكومة في تحمّل مسؤولياتها».
وسُئل بري ايضاً عن الحراك الفرنسي في اتجاه ايران وغيرها، في ضوء زيارة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لطهران وإعلان الرئيس فرنسوا هولاند انه سيزور لبنان خلال الاشهر المقبلة؟
فقال: «المرحلة الآن هي مرحلة انتقالية، فالاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية يترسّخ، وهناك فترة ما بين شهرين الى ثلاثة أشهر حتى تبدأ الحلول، ولذلك علينا في لبنان ان نعمل على معالجة قضايانا، ولا سيّما منها الملِحّة لنكون مهيَّئين لاستقبال الحلول عندما يحين اوانها، لأن المرحلة الآن ليست مرحلة حلول». ولم يشَأ برّي التعليق على موضوع ازمة النفايات مبدِياً «قرفَه» من هذا الملف.
جلسة الوقت الضائع
وكان سلام افتتح جلسة مجلس الوزراء بكلمة سياسية تناول فيها ثلاثة ملفات اساسية تشكّل ازمات متلاحقة ودعا الى مناقشتها بالتدرج، فلم يعترض احد.
وكانت النفايات الملفّ الاوّل، وقال سلام في هذا الصدد: «في ظلّ هذه الكارثة الوطنية عقدت اللجنة الوزارية 4 اجتماعات وحاولت ايجاد حلول موقّتة، وهناك اماكن عدة يمكن ان تكون حلاً، لكنّ التجاذب يمنع التوصل الى مخارج».
واضاف «إنّنا حتى اليوم لم نجد الحل الكفيل بإبعاد الكأس المرّة»، مطالباً الجميع «ببذل الجهود بصدق وإخلاص»، وتحدّث عن تراجع البعض عن وعودهم، مشيراً الى «مزايدات سلبية وتطاول على الدولة». واعتبر «انّ الدولة باتت رهينة حالة عشوائية». وقال: «إمّا ان نتفرج على الخلل والعجز، وإمّا ان نعالج أزماتنا وخلافاتنا».
أمّا الملف الثاني فهو الاستحقاقات المالية، وقد تحدّث سلام عن وجود استحقاقات مالية وهبات تنتظر صدور مراسيم، وقدّم امثلة، منها مشروع للبقاع الغربي (32 مليون دولار)، النازحين ( 27 مليون دولار)، تصميم العلوم والرياضة ( 1،2 مليون دولار) مشاريع للتنمية المستدامة والمياه ( 20.9 مليون دولار) أي ما مجموعُه 98,3 مليون دولار تقريباً.
كذلك أشار الى اتفاقات قروض لمعاهد ومشاريع، من بينها الليطاني وقيمتُها 142 مليون دولار، اضافةً الى اتّفاقات اخرى تنتظر توقيعَها في مجلس الوزراء بما مجموعه 737 مليون دولار.
كذلك أثارَ سلام استحقاق سندات الخزينة (يوروبوند) ورواتبَ الموظفين والاموال المستحقّة على الدولة لمصلحة شركةIMPERIAL للطيران، عدا عن مشاريع تعود للقطاعين الخاص والعام المتوقّفة بسبب التعطيل.
الآلية
وفي الملف الثالث وهو آلية العمل واتّخاذ القرار في مجلس الوزراء، قال سلام: «ناقشنا في الاساس التوافقَ بموجب المادة 65 من الدستور وتمسّكت بالتوافق، بل ذهبنا الى الإجماع فاصطدمنا بالتعطيل، ثمّ حاولنا مواجهة التعطيل بالعودة عن الإجماع وسِرنا في مقاربة جديدة عملنا على اساسها، لكنّنا عدنا الى التعطيل وتوقّف إنتاجية الحكومة، ولذا فإنّ عدم إيجاد الحلول يعني الشلل». وحذّر من انّه امام الحائط المسدود ستكون كل الخيارات مفتوحة لديه. وقال: «إذا استمرينا في ما نحن فيه فلن يكون هناك جدوى لمجلس الوزراء، أو لأيّ مؤسسة دستورية».
شهيّب
وبعد كلام رئيس الحكومة، كانت مداخلة للوزير أكرم شهيّب قال فيها: «روائح ثم امراض ثم أمور مستعصية، ونحن كفريق قلنا سابقاً عرسال لا تسقِط حكومة إنّما النفايات تسقِطها. نحن ندور في حلقة مفرغة قدّم فريقنا أكثر من 60 في المئة من الحلّ في منطقتنا ولا حلّ قبل الساعة السابعة ليلاً ( ليل امس)». وطلب عدم تطييف الملفّ وتسييسه.

البلد :

البارز امس ما قرره مجلس بلدية بيروت بالاجماع لناحية التمني على مجلس الوزراء الاجازة لبلدية بيروت حل مشكلة النفايات في بيروت الادارية عن طريق التعاقد مع شركات مختصة لشحن النفايات خارج الاراضي اللبنانية. وبانتظار قرار مجلس الوزراء في هذا الشأن وما سيؤول اليه عمل اللجنة الوزارية فإن رفع النفايات من شوارع العاصمة يتواصل بخجل.
لقد فرضت أزمة النفايات المستفحلة منذ نحو اسبوعين، نفسها على طاولة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي امس، متقدمة على آلية العمل، وتم تخطي هذه العقدة مع اقرار الجميع بضرورة اعتماد نهج "التوافق" الذي كان سائدا حكوميا منذ شغور سدة الرئاسة وليس الاجماع، وخصّص معظم النقاش لبحث مخارج عديدة تم طرحها، للمعضلة البيئية التي تتهدد لبنان واللبنانيين. 
وطالب رئيس الحكومة تمام سلام خلال الجلسة، بوضع الخلافات السياسية جانباً والعمل بصدق لإيجاد حل لمشكلة النفايات، ورأى أن هناك قسماً كبيراً مما يجري يتم في العلن وقسماً يتم في الخفاء، لافتا الى ان "التوافق تحول الى تعطيل، لذلك اعتمدنا مقاربة جديدة للحد من ذلك لكننا لم نفلح، واذا استمر الوضع على ما نحن فيه فلن يكون هناك جدوى من مجلس الوزراء أو من أي مجلس آخر".
جلسة مجلس الوزراء شهدت ايضاً سجالا حادا بين وزير العدل اشرف ريفي من جهة والوزيرين حسين الحاج حسن وجبران باسيل من جهة ثانية على خلفية الفلتان الامني. 
مما تقدم يستنتج بسهولة أن النفايات ستظل رابضة على الصدور ما يعني أن لبنان سيتدرج في سلم الفشل من رتبة دولة موز الى رتبة دولة نفايات بعد الانجاز غير المسبوق بجعله جمهورية بلا رأس. 
واذا كان الهدوء رافق جلسة البارحة ، فإنه قد لا ينسحب على جلسة الاسبوع المقبل، حيث تتزامن مع موعد احالة رئيس الاركان في الجيش اللواء وليد سلمان الى التقاعد في 7 آب. وأشارت اوساط في "التيار الوطني الحر" الى ان "في حال التمديد له بدلا من انجاز التعيينات، فسيكون لنا كلام آخر. واذ ذكرت معطيات صحافية ان العماد ميشال عون أعطى القاعدة "العونية" تعليمات بالاستعداد للنزول الى الشارع وعدم الخروج منه في حال حصل التمديد.
في السياق، سقطت الآمال التي كانت ضعيفة اصلا بأن يتمكن وزير خارجية فرنسا من انتزاع موقف إيراني يسهل انتخاب رئيس. 
وفي المقابل تشدد أميركي تمثل في اعلان الرئيس أوباما تجديد حال الطوارئ الأميركية في لبنان بسبب ما وصفه بانتهاكات حزب الله في لبنان.
بدورها، دعت السفارة الكويتية مواطنيها إلى التريث في السفر إلى لبنان وطلبت من الموجودين فيه تجنب الأماكن المشبوهة والتواصل مع السفارة عند الضرورة.

الاخبار :

العجز. لا توجد عبارة أدق لوصف الحالة التي وصلت إليها السلطة في معالجة أزمة النفايات التي تسببت فيها. العقدة لا تزال في مكانها: النائب وليد جنبلاط يتكفل بنقل 2000 طن يومياً إلى كسارات ضهر البيدر، مشترطاً تأمين مكان لرمي 500 طن في جبل لبنان الشمالي. لكن حتى ليل أمس، عجزت اتحادات البلديات في كسروان والمتن عن الاتفاق على مكب للنفايات في القضاءين. كلما وافقت بلدة على رمي النفايات في مقلع في خراجها، اعترضت بلدية قرية مجاورة، فينتقل البحث إلى مكان آخر.

وعلى هذه النقطة يراهن القيّمون على إدارة الأزمة. يقول أحد أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة بحل أزمة النفايات: «في غضون أيام قليلة، ستعلو صرخة المواطنين في كسروان والمتن، ليشكلوا رأياً عاماً يضغط على القوى السياسية الرئيسية (التيار الوطني الحر والكتائب والقوات اللبنانية)، ما يدفعها إلى تأمين مكب يفتح ثغرة في جدار الكارثة». والرهان مبني على أن نفايات بيروت باتت تُرفع من الشوارع وتنقل إلى أماكن تجميع مؤقتة في الكرنتينا وقرب سن الفيل، فيما نفايات الضاحية الجنوبية تُجمع في المريجة قرب جدار المطار. لكن هذه المواقع المؤقتة لن تستوعب نفايات إلى ما لا نهاية، بل إن قدرتها الاستيعابية تنتهي أيضاً في غضون أيام قليلة.


من استثمر مليارات النفايات لـ30 عاماً عليه تحمل المسؤولية اليوم


هي إذاً معركة عضّ أصابع: «الاحزاب المسيحية» ترفض طمر النفايات في جبل لبنان الشمالي، فيراهن تيار المستقبل والنائب جنبلاط على هبة شعبية تفرض حلاً، قبل تفجّر الازمة مجدداً في بيروت والضاحية. حتى اليوم، مواقف الاحزاب الثلاثة موحدة. التيار الوطني الحر يرفض في اللجنة الوزارية تأمين مكب في المتن أو كسروان. حزب الكتائب رفع الصوت بالرفض. أما القوات اللبنانية، ورغم صمتها الرسمي، فإنها تتبنى الموقف نفسه. وقال مصدر قواتي لـ»الأخبار» إن من «استثمر مليارات النفايات لثلاثين عاماً عليه أن يتحمل المسؤولية اليوم ويجد حلاً للنفايات، فلا يرمها على سواه».
معركة أخرى تدور بين القوى السياسية تحت عنوان المناقصات. وقد اجتمعت أمس اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء بإدارة مناقصات النفايات، في مقر مجلس الإنماء والإعمار. وبحسب مصادر في اللجنة، ثمة توجه لعدم فض العروض التي تقدمت بها شركات لجمع النفايات وفرزها وطمرها (أو معالجتها) في المناطق (لم تتقدم أي شركة للمناقصة في قطاع بيروت والضاحيتين). وتشير المصادر إلى أن بعض أعضاء اللجنة يريدون العودة إلى مجلس الوزراء، علماً بأن من واجب اللجنة إعلان نتائج المناقصة في السابع من آب المقبل. يُذكر أن النائب وليد جنبلاط عبّر عن رفضه فوز أيّ من الشركتين اللتين تقدمتا للمناقصة في قطاع الشوف ــ عاليه ــ بعبدا. وفيما تعجز القوى الممثلة في اللجنة الوزارية المكلفة بحل الأزمة عن تقديم أي ملامح لحل جذري أو مؤقت، باستثناء رمي النفايات من دون أي إجراءات وقائية للمياه الجوفية، يجري التداول باقتراح تقدّم به رجل الاعمال غسان غندور، نيابة عن شركة فيوليا الفرنسية، يقضي بتأمين باخرتين لإحراق النفايات في البحر، سعة كل واحدة منهما 30 ألف طن من النفايات. ورغم أن اللجنة الوزارية أطاحت هذا الاقتراح بعد نقاش غير مستفيض بشأنها، تلفت مصادر إلى أن هذا العرض قد يحظى لاحقاً بنقاش جدي، تماماً كاقتراح تصدير النفايات إلى الخارج لقاء بدل مالي يُدفع للمستورِد (أكثر من 100 دولار للطن، عدا عن كلفة جمع النفايات وتوضيبها ونقلها).
وكان مجلس الوزراء قد ناقش أمس أزمة النفايات، لكن بطريقة غير جدية، بحسب وصف أكثر من وزير، ومن دون التوصل إلى أي نتيجة. كذلك ناقش مجلس الوزراء «بهدوء» آلية العمل الحكومي «والمشاركة»، ومن دون اتخاذ أي قرار أيضاً.