لا يعوّل المراقبون كثيراً على جلسة مجلس الوزراء المقرّرة غداً، على رغم أنّ المعنيين يعتبرونها مفصلية، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة لم يسحَب من التداول خيارَي الاعتكاف والاستقالة.

السفير :

استمرت كارثة النفايات بالتفاعل في بيروت وضواحيها ومعظم مناطق جبل لبنان، لتتخذ امس بُعداً مأساوياً جديداً مع قطع طريق بيروت - الجنوب الرئيسية والبحرية بالاتجاهين، من قبل أهالي اقليم الخروب احتجاجا على نقل كميات من نفايات العاصمة الى منطقة سبلين، الامر الذي أدى الى محاصرة آلاف المواطنين في سياراتهم لساعات طويلة، قبل أن تفتح الطريق البحرية القديمة قبيل الحادية عشرة ليلا، في ظل وعد تلقاه وزير الداخلية نهاد المشنوق من اتحاد بلديات الاقليم بفتح الأوتوستراد قبل أن تبزغ شمس صباح الاثنين.
ولعل أقسى ما في مشهد أمس ان الضحايا صاروا يعاقبون بعضهم البعض، وان المتضررين من النفايات أصبحوا في مواجهة بعضهم البعض، بدل ان يكونوا جميعا في مواجهة المسؤولين عن هذه الازمة، وبدل ان يقطعوا جميعا الطرق أمام الوزراء والنواب الذين يحترفون الفشل والعجز، والأخطر إدارة الملف بشيء من الحنكة ومن دون تجاوز الناس.
لقد أصيب عابرو الأوتوستراد الجنوبي البارحة بـ«نيران صديقة»، في وقت لا يجوز تضييع البوصلة مهما اشتد الضغط، وبالتالي لا يصح أن يجلد الناس أنفسهم، بينما الجهات النافذة في الطبقة السياسية تحاول إنضاج صفقة معالجة النفايات، على حسابهم، فوق الصفيح الساخن للأزمة التي بدأت تفوح منها روائح المنتفعين.. بالأسماء الكاملة، وعلى رأسهم «المقاول الأول» بلا منازع في هذه الجمهورية بكل مسمياتها الطائفية والسياسية.
إن غضب أهالي إقليم الخروب مشروع، خصوصا وسط انعدام الثقة في الدولة التي اعتادت على تحويل «المؤقت» الى «دائم»، من الطائفية الى المطمر، لكن وجهة سير هذا الغضب يجب ألا تكون نحو الطريق الساحلية، بل نحو أهداف أخرى، بات كل مواطن يعرفها بالفطرة والحدس.
ولعلها لحظة نادرة للشروع في انتفاضة عابرة للطوائف والمذاهب، باتت كل أسبابها وحوافزها متوافرة، إنما تنقصها القدرة على التحرر من سطوة الانتماءات والولاءات الفئوية.
حتى أن السفير البريطاني في بيروت طوم فلتشر، الذي يستعد لمغادرة لبنان نهائيا، استفزته أزمة النفايات، وقال في مقابلة مع «السفير» ان أزمة كهذه كانت لتطيح الحكومة البريطانية كما حصل فعليا في سبعينيات القرن الفائت حين قررت النقابات العمالية الإضراب لـ3 أيام، الأمر الذي أدى الى تراكم النفايات في شوارع لندن، ما ولّد سخطاً شعبياً عارماً وتظاهرات أسقطت الحكومة آنذاك.
ولاحظ فلتشر أنّ الشعب اللبناني «مستاء من الأخطاء الموجودة ولا يكفّ عن التذمّر والشكوى لكنّه لا يتحرّك لتبديل مجريات الأمور وهذا أمر محزن» (نص المقابلة ص3).
حلول موضعية طارئة
وبينما ينشغل الجميع بالتفتيش عن حلول مؤقتة وسريعة لمحاصرة حريق النفايات، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ «السفير» ان محك الحل النهائي يكمن في مناقصة 7 آب، وما إذا كانت ستفضي الى التعاقد مع خمس شركات لمعالجة النفايات في بيروت وجبل لبنان والشمال والبقاع والجنوب.
وإذا كان نقل نفايات العاصمة الى مطامر مناطقية يواجه باعتراضات في غياب الإغراءات من جهة وعامل الثقة من جهة أخرى، فإن نفايات الضاحية الجنوبية يتم نقلها مؤقتا الى مكان قريب من شاطئ «الكوستابرافا» في خلدة، لكن هذا الحل الموضعي لا يمكن ان يدوم لأكثر من أسبوعين، خصوصا ان النفايات المنقولة لا تتم معالجتها نهائيا، وهو ما يسري على نفايات العاصمة اذا تم إخراجها منها في المرحلة الأولى.
سلام: كارثة وطنية
وليلا، قال رئيس الحكومة تمام سلام لـ «السفير» اننا نقترب من تصور للحل المرحلي، يُفترض ان ينضج في الساعات المقبلة، مضيفا: «اننا أمام كارثة وطنية، هي أخطر مما يتصور البعض، وإذا أفلت الشارع المحتقن، فإن العواقب ستكون وخيمة جدا».
ولفت سلام الانتباه الى ان جسمنا لم يعد يحتمل الازمات الحادة، كما في السابق، لان وضع المنطقة اختلف ولان واقع محيطنا تبدل، منبهاً الى مخاطر التعطيل الحكومي الذي يدفع الناس ثمنه بالدرجة الاولى.
وترأس سلام مساء أمس اجتماعا في السرايا الكبيرة حضره الوزراء نهاد المشنوق، محمد المشنوق، أكرم شهيب، وائل ابو فاعور والنائب علاء الدين ترو.
وقالت مصادر واكبت الاجتماع لـ «السفير» انه جرى التوصل الى اتفاق من نقطتين، الاولى، ضرورة الإسراع في فتح الطريق الساحلية بين بيروت وصيدا، والثانية، حصول تشاور واسع بين رؤساء بلديات إقليم الخروب للبت في إمكان الموافقة على طمر جزء من نفايات العاصمة (بين 200 و300 طن)، في سبلين لفترة محدودة.
وأوضحت المصادر ان هناك حاجة الى منح البلديات والاهالي ضمانات حقيقية بأن الطمر سيتم لفترة مؤقتة وفق المواصفات العلمية والصحية، وان الأضرار ستكون شبه معدومة، مشيرة إلى أن المهمة تبدو صعبة.

النهار :

اذا كانت استقالة الحكومة "لن تقدم او تؤخر" وفقاً للاعتبارات السياسية للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، فإنها " لزوم ما لا يلزم" وفقاً للرأي الدستوري للرئيس حسين الحسيني، السيد ايضا، الذي قال لـ"النهار" ان "هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال في ظل مجلس نواب غير شرعي. والاستقالة أو عدمها هي عينها. كما ان الاستقالة لا تعفي الوزراء من مسؤولياتهم، بما انه لا فراغ في السلطة، لأن الاستقالة لا تقبل إلا مع تأليف حكومة جديدة. فعندما يستقيل رئيس الحكومة يصرّف الأعمال الى حين تشكيل أخرى جديدة. علماً ان مرسوم تشكيلها يبدأ بعبارة "تقبل استقالة الحكومة..." ثم تعيّن حكومة جديدة. وبالتالي تصبح الاستقالة لزوم ما لا يلزم". أما الاعتكاف، في رأيه، فلا يعفي من المسؤولية "لأنه اذا حصل ضرر ما من جراء الاعتكاف يكون المعتكف، أكان رئيس حكومة أم أحد الوزراء، مسؤولاً شخصياً عن الضرر. يعني أي وزير يعتكف يكون بذلك يخلّ بواجباته ما لم يحلّ مكانه آخر".
لكن كلام السيد نصرالله ببعده السياسي ونبرته التهديدية، والذي ادخله على خط التعطيل مباشرة، بتأكيده مجددا دعم حليفه العماد ميشال عون، وعدم دخول الحزب وسيطا للتقارب، استدعى ردا من الرئيس فؤاد السنيورة، في مقابل إحجام عن التعليق من الرئيس تمام سلام الذي اجرى سلسلة اتصالات شملت الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وآخرين، ظاهرها معالجة ملف النفايات، وباطنها جس نبض حول المرحلة المقبلة، وخصوصا بعدما اتخذ ملف النفايات طابعاً مذهبياً ومناطقيا وحزبيا يهدد بانفراط أي حل مقترح.
وعلمت "النهار" أن الرئيس سلام أبلغ أحد الوفود التي زارته في دارته بالمصيطبة أن طلبا وجه الى القوى الامنية من أجل العمل على فتح الطريق الساحلية في منطقة الجيّة لكن لم يتم التجاوب معه، مما جعل مساعدي الرئيس في ريبة مما يحصل ونقلوا عنه أنه بين بقائه رئيسا لحكومة لا تعمل وحكومة تصريف أعمال يفضل الخيار الثاني.
وقالت مصادر لـ"النهار" إن "تهديد نصرالله لا ينطلق من حرص على سلام بل من تخوف من مرحلة تصريف الاعمال حيث لا يجتمع مجلس النواب من دون حكومة، ولا اجتماع لمجلس الوزراء، وتالياً لا معطل ولا تعطيل امام ما يريده الرئيس سلام".

مجلس الوزراء
وعشية جلسة مجلس الوزراء غداً، صرّحت مصادر وزارية لـ"النهار" بأن الجلسة التي ستنصرف الى البحث في الآلية الحكومية والنفايات محكومة بالدوران في الحلقة المفرغة وفق المعطيات المتوافرة، كما ان الاتصالات الداخلية والعربية والدولية التي تلقاها سلام لثنيه عن فكرة الاستقالة لم يواكبها تقديم حلول من أقصى 8 آذار الى أقصى 14 آذار في شأن الآلية والنفايات. واعتبرت أن علامة الاستفهام الكبرى ستكون حول موقف الرئيس سلام غدا، فإذا اقتنع بصرف النظر عن الاستقالة فهل يتجه الى الاعتكاف؟ علما أن الاعكتاف ليس الاول من نوعه لرئيس حكومة، لكنه سيكون الاول من نوعه في غياب رئيس الجمهورية الذي يتولى عادة إدارة الامور في هذه الحال.
وفي هذا السياق صرّح وزير العمل سجعان قزي لـ"النهار" أن البعض "يريد أن يحوّل النفايات ضد الرئيس سلام مثلما جرى تحويل الدواليب المحروقة عام 1992 ضد الرئيس عمر كرامي، لكن الرئيس سلام لن يقبل بهذا الامر وهو مستعد لقلب الطاولة في وجه الجميع".

 

المستقبل :

فيما بقيت أزمة الحكومة تراوح مكانها وسط تأييد محلي وعربي ودولي لمواقف رئيسها تمام سلام ومناشدات متكرّرة لثنيه عن الاستقالة، واجهت صيغة «الحلّ المرحلي والفوري والموقت» لأزمة النفايات التي اجترحها الرئيس سلام ليل أول من أمس بالتعاون مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي والرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط اعتراضات في منطقة إقليم الخرّوب، سرعان ما تكثّفت الاتصالات والاجتماعات لاحتوائها، فانطلقت من وزارة الداخلية نهاراً واختتمت ليلاً في بلّس بلقاء «مفيد» عقد بين رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة وقيادة «الجماعة الإسلامية».
وكانت بوشرت منذ ساعات الصباح الأولى عملية رفع النفايات المتراكمة في العاصمة وضواحيها، ونقلها الى مواقع تمّ تحديدها من قبل وزارة البيئة مثل الشويفات والمتن الشمالي (في كسارات ومقالع) ومناطق أخرى مثل سبلين الأمر الذي دفع بعض المواطنين الى قطع الأوتوستراد الساحلي في بلدة الجيّة، بالاتجاهين، وأوقفوا عدداً من الشاحنات المحمّلة بالنفايات.
على الأثر دعا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الى اجتماع عاجل عقده في وزارة الداخلية بحضور وزيري البيئة محمد المشنوق والزراعة أكرم شهيب والنائب علاء ترّو والأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري واتحاد بلديات إقليم الخروب.
المشنوق
وأكد وزير الداخلية بعد الاجتماع أنه «لن يحصل أي شيء في الاقليم بشأن المطامر أو المحارق أو أي شيء له علاقة بالنفايات، من دون موافقة أهل الاقليم أو رضاهم»، مشدداً على انه «لا يجب على أحد أن يستغلّ الموضوع في السياسة ويضعه على الطرقات».
وأوضحت مصادر المجتمعين لـ»المستقبل» أنه تمّ التوافق خلال الاجتماع على ثلاث نقاط أساسية: 

1 عدم دخول أي شاحنة محمّلة بالنفايات الى الإقليم دون موافقة أهل الإقليم، وفتح الطريق الساحلية (وقد بدأت اتصالات ليلاً لهذه الغاية).

2 اقتراح بناء على عرض من وزير البيئة لمضمون «الخطة الوطنية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة»، ويقوم على إجراء تجربة طمر جزء من نفايات بيروت والإقليم (200 طن) في سبلين لمدة ستة شهور يبدأ خلالها بناء محرقة للتفكك الحراري ستُفض مناقصتها في السابع من الشهر المقبل.

3 تقديم تعويضات مالية لاتحاد بلديات الإقليم (25 دولاراً للطن) توزع على البلديات وفقاً لعدد السكان.
واتفق على أن يحمل رئيس اتحاد البلديات هذه النقاط الى الاتحاد في اجتماع يعقد اليوم يليه اجتماع ثانٍ في وزارة الداخلية مساء.
وفي السياق نفسه عقد مساء اجتماع بين الرئيس السنيورة وقيادة «الجماعة الإسلامية» وصفته أوساط رئيس كتلة «المستقبل» بأنه «مفيد وجيّد ويفتح الطريق أمام تقدم على مسارات إيجاد حلول». أضافت الأوساط أن الاجتماع تخلّله «تحليل واحد واقتراحات حلول واحدة وأنه سيتابع في الأيام المقبلة».

الديار :

شهد نهاية الاسبوع، مزيدا من التشنج في المواقف التصعيدية بين رئيس الحكومة تمام سلام والتيار الوطني الحرّ، محورها الظاهري ازمة النفايات «المفتعلة» التي تراوح مكانها مع تحركات ميدانية شهدتها بعض المناطق على خلفية هذه الازمة القديمة - الجديدة.
وبما ان الرئيس سلام ما زال يلوّح بالاستقالة وقد نقل زوّاره عنه قوله ان كل الاحتمالات مفتوحة، واجهه التيار الوطني الحرّ على لسان الوزير الخارجية جبران باسيل ان «التيار لن يتراجع عن حق تحت اي تهويل»، فهذا التصعيد الكلامي بين سلام و«الوطني الحرّ» ينذر بأن الامور متجهة نحو التأزم اكثر فاكثر، خصوصاً ان كل المعلومات تشير الى ان لا بوادر حل وان الامور متجهة الى مزيد من التعقيد.
جلسة الحكومة ستعقد الثلاثاء، والجميع بانتظار المشهد الوزاري داخل السراي، هل ستنفجر؟ هل يقدم سلام استقالته؟ هل سيتم البحث في آلية عمل الحكومة؟
النفايات ستتربع على طاولة مجلس الوزراء مع روائح الصفقات والمحاصصة، هل سيتخذ قرار بيئي واضح لقضية «الزبالة» المنتشرة على طرقات لبنان من اقصى جنوبه الى اقصى شماله؟ والأهم اين ستطمر؟

 

 

 

زوار سلام

نقل زوار رئيس الحكومة تمام سلام عنه، أنه تم التوافق على اعتماد مطمر جديد للنفايات في سبلين ومواقع أخرى في كسروان والمتن، وأماكن حددها وزير البيئة.
الرئيس سلام ترك الاحتمالات مفتوحة بشأن استقالته أو عدمها، لكنه أكد العمل لمصلحة الناس.
وقال الزوار نقلا عن سلام: «كل الاحتمالات مفتوحة لما فيه خدمة البلاد وانا في ظل تحملي لمسؤوليتي لم أكن يوما من الايام بعيدا عن مطالب المواطنين وأي اجراء سأتخذه يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الناس خصوصا في ظل الفراغ الرئاسي».
قالت مصادر سلام انه لم يعرف بتهوره او تسرعه وبالتالي فإن تمسك اللبنانيين بعدم استقالته هو لأنهم يشعرون بالمخاطر التي تواجه البلد.
وقال سلام، بحسب زواره: «انا ما أزال أفسح في المجال لتوفير مستلزمات عمل مجلس الوزراء الى هذه اللحظة ولم ألمس أي انفراج حتى الآن».
ورفض سلام الرد على هجوم أمين عام حزب الله حسن نصرالله عليه، مكتفيا بالقول: «حرصت دائما أن لا أخوض في سجال سياسي مع اي قيادي، فأنا اقوم بعملي كما يجب».
وعن أزمة النفايات، لفتت مصادر سلام الى انه تم التوافق على اعتماد مطمر جديد في سبلين ومواقع اخرى في كسروان والمتن وأماكن حددها وزير البيئة.

 

الجمهورية :

لا يعوّل المراقبون كثيراً على جلسة مجلس الوزراء المقرّرة غداً، على رغم أنّ المعنيين يعتبرونها مفصلية، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة لم يسحَب من التداول خيارَي الاعتكاف والاستقالة.
وقالت مصادر معنية بالأزمة الحكومية لـ«الجمهورية» إنّ توَجّه سلام إلى الاستقالة أو الاعتكاف جدّي، لكنّه يتعرّض لضغوط كثيرة مصدرُها مرجعيات دولية رفيعة من مستوى رؤساء وديبلوماسيّين وأمَم متّحدة، لثَنيِه عن هذه الخطوة، لأنّ الوضع لا يتحمّل استقالة الحكومة في هذه المرحلة، ليس فقط بسبب الشغور الرئاسي، وإنّما أيضاً لأنّ البلاد مقبلة على تطوّرات تفرض أن يكون حضور لبنان فاعلاً، ولو بالحدّ الأدنى، لمواكبة التطوّرات الإليمية، لكي لا تأتي أيّ حلول على حسابه، على خلفية الاتفاق النووي بين إيران والدوَل الغربية.
وتحدّثَت هذه المصادر عن أنّ كلّ هذه التحرّكات الهادفة لإنهاء الأزمة الحكومية لا تزال بلا بركة، ما يَعني أنّ ملفَّي آليّة اتّخاذ القرار في مجلس الوزراء والتعيينات الأمنية والعسكرية ما زالا جامدَين بسبَب تمسّك الأفرقاء المعنيين كلٌّ بموقفه ولم يتزحزح قيدَ أنملة عنه.
ولفتَت المصادر إلى أنّ الرئيس سعد الحريري ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط دخلا بقوّة على خط الأزمة وأجرَيا اتّصالات عدّة بسلام، في الوقت الذي فهمَ الجميع ما بات عليه موقف رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون مِن خلال ما عبَّر عنه السيّد نصر الله في دعوته تيّار «المستقبل» إلى النزول «من برجه العاجي» والتحاور مع «التيّار الوطني الحر»،
سلام: يدٌ واحدة لا تصَفّق
وجزَم سلام أمام زوّاره أمس في أنّه ما يزال يُعِد العدّة لجلسةِ مجلس الوزراء المقرّرة غداً لتكونَ مثمرة، على أمل أن تنتهي المناورات الجارية على «حدّ السكّين» مخافة أن تتطوّر المواقف في اتّجاه تطيير الحكومة وشَلّها نهائياً على الرغم من حجم الملفّات المطروحة على اللبنانيين والتي يجب مقاربتُها بكثير من العناية والاهتمام.
ولفتَ سلام إلى خطورة المرحلة، مؤكّداً أنّه لن يتأخّر دقيقة واحدة عمّا هو مطلوب منه، أيّاً كانت التضحيات، «لكنّ الأمر لا يستقيم من طرَف واحد، فيَدٌ واحدة لا تصَفّق، والمطلوب أن تتضافرَ الجهود لمواجهة التطوّرات، وإلّا سنكون أمام مأزق حقيقي يهدّد ما تبَقّى مِن مظاهر الدولة».
وأشار سلام إلى أزمة النفايات، فقال: «أمامنا ساعات لترجَمةِ المخارج التي تمّ التوصّل إليها بجهدِ المعنيين في وزارة البيئة والأطراف التي تضامنَت وعملَت للوصول إلى حلول موَقّتة لإنقاذ المواطنين من هذه الكارثة الحقيقية. وفي وقتٍ قياسيّ يمكن أن تعطيَنا فسحةً لنقرّر في ما يمكن القيام به للوصول إلى حلول طويلة الأمد».
وأضاف: «بعد الوصول إلى طيّ مرحلةِ ترجمةِ التفاهمات الأخيرة في شأن النفايات سنَصل إلى جلسة الحكومة نهار الغد، وفي انتظار ما ستحمله من وقائع يمكن أن نتّخذَ القرار المناسب في حينِه، ولكلّ حادث حديث».
وتابَع سلام: «يقال إنّهم يخافون أن تُشَلّ الحكومة، فالحكومة مشلولة ولم تتّخذ قراراً منذ فترة طويلة. لقد طوَينا ما اعتبَرناه ملفّات خلافية لفترةٍ طويلة، واعتمَدنا التوافق في كلّ قراراتنا فتطوّرَت الأمور الى شَلّ كلّ شيء.
يقال لنا لا للاستقالة منعاً لشَلّ آخِر المؤسسات الدستورية، فيما الواقع القائم يقول صراحةً إنّ الحكومة مشلولة منذ زمن ولم نبحَث في أيّ بندٍ مِن بنود جدول الأعمال منذ ما قبل جلسة 4 حزيران الماضي بأسبوع وإنّ كلّ الاتّصالات الجارية لا تدلّ على احتمال الخروج من هذا الواقع ولكن لمصلحة مَن؟».
وقال سياسيّون التقوا سلام لـ«الجمهورية» أمس «المشكلةُ أنّ الجميع يصِرّون على سلام للمضيّ في تحَمّلِ المسؤوليات الملقاة على عاتقه كرئيسٍ لآخر مظهَر مِن مظاهر السلطة والمؤسسات الدستورية في ظلّ الشغور الرئاسي، ولكنّ أحداً لم يحمل صيغةَ حلّ أو مخرّج لأيٍّ مِن الملفات العالقة.

«14 آذار»
وفي موازاة ذلك استغربَت مصادر قيادية في قوى 14 آذار التهويلَ على رئيس الحكومة لثنيِه عن ممارسة حقّه بالاستقالة في حال إصرار الفريق الآخر على التعطيل والابتزاز ومحاولة كسرِ إرادة رئيس الحكومة والحكومة مجتمعةً.
ودعَت المصادر الطرفَ المعطّل إلى الالتزام بالنصوص الدستورية التي تقول بحكمِ الأكثرية، وأكّدَت أنّ التلطّي خلفَ هذه الآلية أو تلك من أجل التعطيل مرفوض، وقالت إنّ دورَ «أمّ الصبي» إمّا يَنطبق على الجميع أو لا ينسحب على أحد، وقالت إنّ الاستقالة لا تعني الدخولَ في المجهول، لأنّ حكومة تصريف الأعمال ستكون أفضلَ مِن الوضع الحالي بعشرات المرّات، وذكرَت بما قاله المرجع الدستوري الدكتور حسن الرفاعي لـ«الجمهورية» بأنّ «حكومة تصريف الأعمال في حالتنا الحاضرة يمكنها أن تجريَ استشارات لاختيار رئيس الحكومة»، ما يَعني أنّ الأمورَ غير مقفَلة كما يحاول البعض تصويرها.