قالت مصادر السراي الحكومي «واهمٌ مَن يعتقد أنّ هذه الحكومة ستحلّ الخلافات الكبيرة وستغيّر النظام وتحسم التدخّل في سوريا

 

السفير :

آلاف الأطنان من النفايات مرمية في شوارع العاصمة وضواحيها الجنوبية والشمالية والشرقية ومعظم جبل لبنان.. حتى الآن، والحبل على الجرار.
وإذا كان اللبنانيون قد أدمنوا الفراغ لكثرة ما تتكرر فصوله في مؤسساتهم الدستورية في العقد الأخير، فإن أخطر ما شهدناه في الأيام الأخيرة، عدم إبداء اللبنانيين أية ردة فعل إزاء أكوام النفايات التي حاصرتهم في منازلهم وأعمالهم وطرقاتهم.
لم ينزل عشرة لبنانيين بشكل عفوي إلى الشارع للاحتجاج على مشهد وعلى كارثة يمكن أن تصيب كل بيت بالأمراض والأوبئة. ماذا ينتظرون أكثر من ذلك؟
إنه التخدير الطائفي والمذهبي الذي يجعل زعماء لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، بمجرد إيماءة صغيرة بشفاههم أو أيديهم، تتحول «المجموعات» أو «الجماعات» اللبنانية إلى «بلوكات» طائفية ومذهبية مستنفرة بغرائزها وأحقادها من دون أن تضع قيمة لمصالحها أو للخطر على حياتها.
أي لبنان هذا الذي نعيش فيه؟ أي لبنان نورثه لأجيالنا؟ أي لبنان ندعو مغتربينا (بعد أن نسينا السائحين العرب والأجانب) لزيارته؟ وأية صدفة سنوية أن لا ننبش أحقادنا و «مطالبنا الفئوية» إلا في عز موسم يراهن كل بيت لبناني عليه، لعله يعوض عليه بعض ما فاته في أيامه السوداء، وما أكثرها في ظل الحريق الإقليمي الكبير.
لو حلم اللبنانيون، في عز مواسم توافقهم وإجماعهم الوطني، لما تسنى لهم أن يأتيهم سياسي توافقي الى رئاسة الوزارة من قماشة تمام سلام، فكيف وهو الذي احتل المنصب في أحلك أيامنا الوطنية والعربية؟
ما جرى ويجري سياسيا منذ أسبوعين ونيف، لا يجوز أن يمر مرور الكرام.
ومهما حاول تمام سلام أن يمنح فرصا زمنية وسياسية للتفاهم على آلية تحمي حكومته، فإن النتيجة التي سيصل إليها معروفة منذ الآن: لا أحد يملك وصفة سحرية لقضية «الآلية».
لن يتنازل ميشال عون عن مطالبه بعنوان «الشراكة». للرجل أن يختار الأساليب التي يعتقد أنها تناسبه وجمهوره في معركته الأخيرة في ساحات الرئاسة والدولة والبيئة المسيحية، وحتى الحزبية.
وفي المقابل، لن يتنازل تمام سلام أكثر مما تنازل حتى الآن. لقد أعطى الرجل لحظة تم تدشين الفراغ الرئاسي، قبل سنة ونيف، ما لا يمكن أن يعطيه رئيس حكومة في تاريخ لبنان، حتى كاد البعض من أبناء ملته أن يرميه بـ «الحرم السني»، وبرغم ذلك، وقع في محظور «تساهله» واستعداده المتكرر لتدوير الزوايا، خصوصا أنه ينتمي تاريخيا إلى بيت سياسي بيروتي عريق مجبول بالتسويات التوافقية و «التفهم والتفاهم»!
أما وان اللبنانيين يحترفون مهنة تضييع الفرص، فإن المناخ الذي بدأ يلفح المنطقة بعد «التفاهم النووي» يشي في أفقه البعيد المدى بتسويات للعديد من ملفات المنطقة، لكن إصرار البعض على الغرق في الحسابات الضيقة، بات يهدد الحكومة والاستقرار في آن معا.

النهار :

هل تمضي الحكومة وفق روزنامة شركة او شركات عرفت كيف تؤثر في أصحاب القرار وتدخل البلاد في ازمة، ام تمضي الشركات والبلديات بارادة حكومة تملك خطة لمواجهة النفايات المتراكمة في الشوارع، كما الكثير من الملفات والقضايا المعلقة؟.
مشهد الهدنة السياسية الذي قوبل به تلويح الرئيس تمام سلام بالاستقالة وبمواجهة كل محاولات التعطيل، لم يحجب الروائح النتنة التي تفوح في سماء العاصمة والمناطق، وتنشر معها الاوبئة والامراض. ويبدو ان ازمة النفايات لا تزال بعيدة من منازل الوزراء الذين انشغلوا امس بالبحث عن آلية لعمل الحكومة، قبل ان يتذكر وزير البيئة ان حل المشكلة من صلاحياته بالتعاون مع عدد من الوزراء خارج الطاولة الحكومية.
واذا كانت حلول مسكنة للازمة تبدأ اليوم بجمع النفايات وتكديسها في اماكن موقتة، فقد صرح الوزير محمّد المشنوق لـ"النهار": "سنعمل خلال 15 يوماً على فضّ العروض والإعلان عن الشركات الفائزة بالتلزيم، على أن تبدأ الأخيرة العمل خلال ستة أشهر، وهي المهلة التي ينصّ عليها دفتر الشروط علماً أن بعض الشركات تقول ان التجهيزات متوافرة لديها وانها جاهزة للبدء بالعمل في مهلة قد تصل إلى ثلاثة أشهر".
وطلب المشنوق في مجلس الوزراء أن يكون في كلّ قضاء مطمر صحي "وممنوع على أي قضاء أن يرفض ذلك، سوف أطلب من وزارة الداخلية إيجاد هذه المواقع وسوف أسعى إلى فرضها فمن غير المسموح ألا يتم إيجاد مطمر لبيروت، كما أن قبول المواطنين بالعيش بين 760 مكباً عشوائياً موزعاً على كل الأقضية مقابل رفض مطامر صحية تعالج نفاياتهم بشكل سليم هو أمر غير منطقي ولا هو مقنع".
ومساء اصدر مكتب المشنوق توضيحا جاء فيه "ان دعوته الى الاستعانة بالمحافظين وقوى الامن الداخلي في مسألة المطامر كانت تهدف الى تنظيم عمليات النقل ووصول الشاحنات الى المطامر ولم تكن تعبيراً عن أي تلويح بالقوة أو أي صيغة تهديدية لأي منطقة".
وأبلغ النائب محمد قباني "النهار" أنه نتيجة لقاء نواب بيروت أمس ورئيس المجلس البلدي للعاصمة بلال حمد تبيّن أن الحلول المطروحة على صعيد المطامر تتركز حاليا على صيدا وعكار مشيرا الى أن عكار، التي تمتلك قدرة مهمة على مستوى الطمر تحتاج الى اهتمام تنموي جراء الحرمان المزمن الذي تعانيه. وأوضح أنه تم الاتصال بالرئيسين تمام سلام وسعد الحريري اللذين دعما إنشاء فرع للجامعة اللبنانية في عكار.
لكن ردّ عكار لم يتأخر وصدرعن النائب معين المرعبي الذي قال: "خلصنا مسخرة من بلال حمد وجماعته، ومن المعروف ان هناك في الكرنتينا والعمروسية مكانين لفرز النفايات ويستوعبان ثلاثة الاف طن من النفايات. واذا اصروا على التشبيح وعلى السمسرات الخاصة بهم فمن المؤكد انه لن يكون على حساب عكار، والشاحنة التي ستدخل عكار ستبقى في عكار وسنستخدمها نحن كبلديات لجمع النفايات".
أما البلديات، فقد بدت مستاءة من الوضع المتفجر في مواجهتها، ولسان حالها "اخدت سوكلين مصرياتنا، وكبوا الزبالة علينا". فالبلديات جرّدت من الاموال لمعالجة قضية نفاياتها بنفسها. وانتقد رئيس بلدية سن الفيل نبيل كحالة تقاعس الدولة في القيام بمسؤولياتها. وقال لـ"النهار": "لا اعلم الى متى يمكن الصمود امام هذا الكمّ الهائل من النفايات، ولا يمكن الدولة ان تقول لنا فجأة اهتموا بجمع النفايات، لا يمكن ان يورطونا بهذه الطريقة بعدما اخذت منا سوكلين أموالنا وأموال الصندوق البلدي وكبوا الزبالة علينا، فالبلديات لا يصلها شيء من حقوقها المالية ويقولون انه لا يزال لسوكلين اموال لدينا".

المستقبل :

ما كان سؤالاً مطروحاً عشية التئام مجلس الوزراء حول توجهات «حزب الله» إزاء التأزم الحكومي الحاصل، جاء جواب الحزب عنه بإبداء المزيد من التصعيد والتصلّب في تأييد النهج المكبّل لإنتاجية المؤسسة التنفيذية حتى ولو أدى إلى تطيير الحكومة. فالحزب الذي يشكّل البيئة الحاضنة للممارسات التعطيلية المتسلّطة على الدولة والممعنة في تهشيم مؤسساتها، حرص أمس على تسجيل جملة مواقف سواءً داخل جلسة مجلس الوزراء أو عبر كتلته البرلمانية تؤكد في مضامينها السياسية المضي قدماً في سياسة تقويض المعالجات الرصينة لأزمة الحكومة ما يشي باتجاهه خلف ستار دعم المطالب العونية نحو الإطباق على آخر المؤسسات «العاملة» في الجمهورية وإلحاقها بالرئاسة الشاغرة والبرلمان المعطّل. حيال ذلك وبعد نقاش عقيم مستفيض حول موضوع «الآلية» دام على مدى أكثر من ثلاث ساعات في مجلس الوزراء، خلص رئيس المجلس تمام سلام إلى إتاحة المجال أمام تمديد فسحة المناقشات في جلسة جديدة تُعقد لهذه الغاية الثلاثاء المقبل مشدداً وفق ما نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» على كونه لن ينتظر حتى الخميس لبت النقاش، فإما يتم التوصّل إلى اتفاق حول عمل الحكومة الثلاثاء أو «لكل حادث حديث» في حال تعذر ذلك، وأردف موضحاً أنّ «عدم التوصّل إلى تفاهم يضع الجميع في موقع غير مريح ويدفع باتجاه اتخاذ مواقف غير مريحة» وألمح في هذا المجال إلى أنّه سيتخذ «القرار المناسب الذي من الممكن ألا يعجب البعض» في ما لو لم يتمّ الاتفاق على صيغة آلية عمل للحكومة تنهي مفاعيل التعطيل.
وفي وقائع جلسة الأمس، فقد استهلها رئيس مجلس الوزراء بتقديم الاعتذار باسمه وباسم المجلس من اللبنانيين عن المشهد الذي حصل في الجلسة السابقة للحكومة (إبان افتعال الوزير جبران باسيل إشكالاً علنياً في بداياتها) واصفاً ما تخلل ذلك المشهد من «تجاوز لأصول التعامل» بمثابة «صفحة وطويناها». وأفادت مصادر وزارية «المستقبل» أنّ سلام الذي استعرض في استهلاليته السياسية المقاربات التي اعتُمدت في إدارة العمل الحكومي منذ بدء الشغور الرئاسي، أكد في سياق حديثه أنه مستعد لإتاحة المجال واسعاً أمام النقاش المستجد في هذه المسألة، مع التشديد في الوقت عينه على التمسك بصلاحيات رئاسة مجلس الوزراء ورفض المساس بها أو الانتقاص منها. 
وعند خوض الوزراء في نقاش الموضوع، عبّر وزيرا «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» محمد فنيش وجبران باسيل عن موقف موحّد متناسق حيال الأزمة الحكومية تحت عنوان أنّ اعتراضهما كمكونين أساسيين على أي مسألة في الحكومة يوجب عدم بتّه، الأمر الذي علّق عليه الوزير ميشال فرعون بوصفه بالنهج «الديكتاتوري». في وقت حاول الوزير حسين الحاج حسن رمي كرة الأزمة في ملعب «تيار المستقبل» من خلال قوله: «هناك من وعَد «التيار الوطني» بأمر وهناك من منع تنفيذ الوعد». فبادر الوزير رشيد درباس إلى الرد عليه مصوّباً أنه «ليس هناك وعود إنما توجد في السياسة مصالح وموازين قوى»، مشدداً على كون المشكلة الراهنة «سياسية لا دستورية وأعادت الأمور إلى ما قبل تشكيل الحكومة».

الديار :

جلسة وزارية «هادئة بالشكل وحاسمة بالمضمون» دون اي تغيير في المواقف من اي طرف، وبالتالي تحوّلت جلسات الحكومة الى «قصص» و«حكايات الف ليلة وليلة» وقراءة «استظهار مدرسية» يرددها الوزراء، بينما الحل والربط خارج الحكومة وبيد الاقطاب السياسيين، وهذا ما دفع بمعظم الوزراء الى «تسجيل نقاشات الجلسة» كي يتم النقل الى قياداتهم حرفيا وبالصوت منعاً لاي تأويلات او اي تفسيرات وقرارات خاطئة قد تؤدي الى تقديرات خاطئة في «الموقف».
ازمة النفايات، ورغم تراكم 22 الف طن من «الزبالة» في شوارع العاصمة والضواحي والمناطق ناشرة الموت والامراض، بقيت دون علاج باستثناء تطمينات من الوزير المعني «لا تركب على بال احد، وكأن الناس مش شايفة».
دخل الوزراء الى جلسة الحكومة، مزودين بتعليمات أن تكون النقاشات «تحت سقف الاشتباك» وعدم قطع شعرة معاوية بين الرئيس تمام سلام وميشال عون وبالتالي بدأت «باعتذارات متبادلة» بين سلام وباسيل عما حصل في الجلسة الماضية وتم تجاوز ذلك، عندما طرح وزير الاقتصاد آلان حكيم موضوع النفايات مقترحاً استرداد الدولة لهذا الملف ومشيراً الى خطة الكتائب.
فقاطعه الرئيس تمام سلام «لقد اتفقنا في الجلسة الماضية ان تبدأ الجلسة بمناقشة آلية عمل الحكومة، ومن هنا ستبدأ جلسة الحكومة»، واستتبعها بكلام مطول، عن ضرورة عدم التعطيل وعدم وضع العصي امام انجاز ما هو مطلوب منها، وضرورة عدم التعطيل.
* وهنا تحدث الوزير جبران باسيل مدعوماً من الوزير الياس بوصعب عن المادة 92 من الدستور التي تنص على انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية الى مجلس الوزراء وكالة اي مجتمعاً، وهذه الصلاحية ليست لرئيس الحكومة وحده أو لأي وزير في مجلس الوزراء، وبالتالي التوقيع على القرارات الهامة من الـ 24 وزيراً، وكذلك المطلوب «التوافق المرن» بين المكونات الاساسية فيما بينها في اتخاذ القرار وبلورة قرار رئيس الجمهورية. كذلك طرح باسيل موضوع جدول الأعمال على ان يتم توزيع البنود قبل 72 ساعة على الوزراء، واذا تم الاعتراض من قبل مكون سياسي اساسي على اي من البنود يتم سحبه قبل الجلسة. وتحدث عن احترام الشراكة المتوازنة، والميثاقية، وضرورة تقرير وتكريس حقوق المسيحيين، و«بأننا المكون المسيحي الابرز ولا يمكن لاي كان ان يتجاوزنا». وقال نحن المكون المسيحي ونمثل الاكثرية في المسيحيين ولا يحق لنا ان نعين مسؤول امني، فكيف يكون ذلك.
* فرد الرئيس سلام «الشراكة مؤمنة في هذه الحكومة والحكومة تمارسها».
* كما احتج على هذا الكلام الوزيران بطرس حرب وسجعان قزي وقال حرب انتم تقولون انكم المكون المسيحي الاقوى وهذا غير صحيح مطلقاً وانتم اكثرية بأصوات غير المسيحيين، كما انتقد الوزير قزي هذا الكلام غير الدستوري.
* وتحدث وزيرا حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن فأيدا مواقف باسيل وبوصعب وطالبا باحترام «الشراكة» وان السبب في الازمة الحكومية هو عدم احترام «التفاهمات» من قبل تيار المستقبل والتي جرت مع العماد ميشال عون خارج الحكومة والحوارات التي تمت ولم تحترم.

الجمهورية :

قالت مصادر السراي الحكومي لـ«الجمهورية»: «واهمٌ مَن يعتقد أنّ هذه الحكومة ستحلّ الخلافات الكبيرة وستغيّر النظام وتحسم التدخّل في سوريا ووو..... فالجميع يعلمون أنّها غير متجانسة ووُلِدت بعد مخاض استمرّ 11 شهراً، وهي حكومة الأضداد والقوى السياسية المتنازعة، لكنّ مهمّتها هي تسيير أمور الناس والدولة، وازدادت أهمّيتها بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية».
وأضافت هذه المصادر: «إنّ الرئيس سلام لن يقبلَ بأيّ صيغة تؤدّي بطريقة مباشَرة أو غير مباشرة إلى التعطيل، كذلك لن يقبل أن يكون لأيّ وزير حقّ «الفيتو»، حتى لا يتحوّل اسم «آليّة العمل» إلى «آليّة التعطيل»، وهو يطلب تسييرَ الأمور بالتي هي أحسن». وأشارت إلى «أنّ رئيس الحكومة يجري محاولة جديدة ويأمَل في أن يتّفق الأفرقاء السياسيّون ولا يدفعوه إلى اتّخاذ قرار يدخِل البلاد في الفرغ الكامل».
ماذا دارَ في الجلسة؟
في بداية جلسة مجلس الوزراء، طرَح الوزير آلان حكيم خطّة حزبِ الكتائب لمعالجة قضية النفايات، معتبراً أنّ الملف طارئ لا يتحمّل التأجيل، ومورِداً النقاط الأربع التي بنِي عليها تصَوّر الحزب للحلّ. فرفض وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» النقاش في أيّ ملف قبل آليّة عمل الحكومة، وهذا ما حصَل، إذ فضّلَ سلام الدخول في المقاربة المتعلقة بالآليّة وتأجيل ملفّ النفايات إلى أواخر الجلسة.
وقدّم سلام في الجلسة باسمِه وباسمِ الحكومة الاعتذارَ مِن الشعب اللبناني على المشهد الذي حصَل في الجلسة الأخيرة، معتبراً أنّ ما حصل هو «صفحة طوِيَت»، وأملَ في أن لا يتكرّر هذا المشهد وأن يتمكّن مجلس الوزراء من متابعة عملِه، وقدّم جردةََ بعمل الحكومة وإدارته للجلسات في عهده.
ثمّ قدّمَ الوزير جبران باسيل بدورِه الاعتذارَ إلى اللبنانيين، مؤكّداً «أنّ هذه الصفحة أصبحَت وراءَنا». ومع بَدء نقاش آليّة العمل الحكومي، أسهبَ كلّ مكوّن سياسي في شرح موقفِه. ودار نقاش مستفيض شاركَ فيه معظم الوزراء، تركّزَ على آليّة عمل مجلس الوزراء وصلاحيات رئاسة الجمهورية المنتقلة وكالةً إلى مجلس الوزراء نتيجة الشغور الرئاسي، وحول طريقة اتّخاذ هذا المجلس قراراته.
وقد أصَرّ بعض الوزراء على التأكيد أنّه لا يمكن اتّخاذ أيّ قرار من دون التوافق بين جميع الوزراء، معتبرين أنّ جدولَ أعمال جلسة مجلس الوزراء يحتاج هو الآخر إلى توافق، ومصِرّين على أنّ «هذا ما تقتضيه الممارسة الدستورية». وفي هذا السياق قال باسيل: «نحن الذين نمثّل 95 في المئة من المسيحيّين لا نستطيع أن نختار قائداً للجيش».

البلد :

خلاصة وحيدة خرجت بها جلسة "مكانك راوح" الحكومية امس، انها ازمة مفتوحة وعرضة لمزيد من التفاقم، بعدما تحولت الشوارع الى مكبات عملاقة تضيف اليها حرارة الطقس اخطارا صحية وبيئية كارثية.
وضع سلام جميع المكونات الحكومية امام مسؤولياتها وأمهلها خمسة ايام لتحديد موقفها النهائي، فإما استمرار العمل الحكومي وإلا فإنه ليس مستعدا بعد اليوم لوضعه في موقع لا يرتضي لنفسه ان يكون فيه، رئيسا لحكومة معطلة ومشلولة غير قادرة على الانتاج في زمن الفراغ الرئاسي والشلل المجلسي. 
وكانت الجلسة التي تمحورت حولها كل الاهتمامات السياسية ، بدأت وفق ما كشفت مصادر وزارية بتقديم الرئيس سلام اعتذاره باسمه الشخصي وباسم مجلس الوزراء من الشعب على المشهد الذي ظهر في الجلسة السابقة وأعطى صورة غير مرغوبة عن المجلس، في إشارة إلى ما دار بينه وبين وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
اما ملف النفايات، فلم يحظ وفق المصادر الا بحيّز ضيق من النقاش الحكومي، حيث ان وزير البيئة محمد المشنوق، وبعد التذكير بأن قرار مجلس الوزراء السابق شدد على ضرورة إيجاد مطمر لبيروت وضواحيها وباقي المناطق خارج منطقة الناعمة، اكد السعي لإيجاد مطامر في كل المناطق ضمن آلية كاملة لنقل النفايات بمؤازرة القوى الأمنية، مطمئناً إلى أن منذ اليوم سنلاحظ انخفاضاً في نسبة تكدّس النفايات في الطرقات، وحيا رؤساء البلديات الذين أمّنوا مطامر موقتة حتى ايجاد حل.

الاخبار :

تجرّأت الحكومة في بداية جلستها أمس على تقديم اعتذار إلى الشعب اللبناني بلسان رئيسها تمام سلام، عن الصورة «غير اللائقة» التي قدمها المؤتمنون ــ من حيث المبدأ ــ على مصالح الشعب ومستقبله، بعد بثّ وسائل الإعلام شريط المناكفة والصراخ بين سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، في جلسة الحكومة ما قبل الأخيرة. لكنّ الحكومة لم تجد داعياً للاعتذار عن النسخ الجديدة المصغرة لـ«جبل نفايات» صيدا، التي باتت تحتل الآن كلّ شارع من شوارع العاصمة وتهدّد صحة المواطنين.

وبدل أن تعقد الحكومة جلسة مفتوحة لمعالجة الأزمة، وربما إعلان حالة طوارئ في البلاد لإيجاد حلول سريعة، طمأن وزير البيئة المواطنين بأنه «بعد 15 يوماً، ستتولى شركات موضوع النفايات في كل المناطق»! وتمّ تعيين جلسة جديدة لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل، مع استمرار تضخّم جبال النفايات، لتطمر معالم العاصمة!
إلّا أن تأجيل الجلسة لا يعدو كونه تأجيلاً للإشكالات والأزمات التي تنقسم القوى السياسية حولها بحدّة، تحت عنوان «آلية عمل الحكومة»، فيما يدرك الطرفان أن الانقسام الحقيقي ليس إلّا على ملفّ التعيينات الأمنية، بعدما وصل التيار الوطني الحرّ في موقفه إلى نقطة الـ«لا تراجع» وتيار المستقبل إلى نقطة الـ«لا تقدّم»، علماً بأن المشكل، كما يدرك الجميع أيضاً، هو انعكاس لإصرار الرياض على عدم التنازل للجنرال ميشال عون والمحور الذي يدعمه.
جاءت الجلسة التي دعا إليها رئيس الحكومة، بحسب مصادر وزارية، «هادئة... ولكن عقيمة، لأننا لم نتفق فيها على شيء: لا آلية ولا نفايات»، مشيرة الى أن «التهدئة تعود إلى تمنّيات وصلت إلى رئيس الحكومة من أطراف سياسية تطالبه بالتروّي».
لكن الهدوء وغياب المتظاهرين العونيين من محيط السراي وغياب المناكفات بعيداً عن التشنج الذي ساد الجلسة لا تعني، بحسب مصادر وزارية، تراجعاً عونياً عن مطلبي الآلية والتعيينات كما حاولت أن تشيع أوساط معينة، بل على العكس «لا يزال الموقف هو نفسه»، وكان لافتاً الموقف الذي عبّر عنه وزيرا حزب الله، لا سيّما الوزير محمد فنيش، الذي أكد أن «الحزب ليس مع إسقاط الحكومة، لكننا لن نتخلى عن حلفائنا»، مشيراً إلى أن «هناك فريقاً في البلد يعتبر أن هناك ظلماً وقع عليه منذ الاتفاق الرباعي عام 2005، ومطالبه محقة ومشروعة، ويجب إصلاح هذا الخلل».