أخذ العيد هذا العام منحى مختلفا في مدينة النبطية، تعمد بأجواء الفرح واللهو والرقص على انغام الواقع، لم يكن في حسبان الاهالي ان يتغير مفهوم العيد عندهم، واقتصاره على زيارة المقابر صباحا والغرق في الحزن طيلة النهار.

عاشت المدينة والقرى اجواء مختلفة، خرجت من طوق الحزن، الى مزمار الفرح، ولعب الاستقرار الامني وعودة عدد كبير من المغتربين وتحويل وجهة الكثيرين نحو المنطقة دورا في تغيير لعبة العيد التي كانت سابقة ارجوحة تنصب عند بيدر النبطية يرتادها الاطفال وصاحبها يردد "ياولاد الكوشة عنا جاروشة".

مهرجان الأطفال 
باتت اليوم رقصة عفوية خرجت من داخل احد المتاجر في النبطية، حملت هموم الشباب الذين خبطوا بأقدامهم الارض وصرخوا "بيكفي انك لبناني" في مشهد واقعي تفاعلي يعبر عن روح التغيير والفرح التي تختزنها المدينة، التي توزعت داخلها الكرنفالات والكرمس وانشطة الفرح المختلفة التي اجتاحتها في تعبير واضح على رفض مقولة "النبطية مدينة للحزن فقط".
في ساحة النبطية اقامت جمعية دايز مهرجان العيد للاطفال من العاب الخفة والقفز والعاب التركيز وغيرها، ادخلت الاطفال في عالم مختلف، كانت الالعاب تحفز الاولاد على التعبير عن رغباتهم وامنياتهم. فيما كان السيرك الذي اقيم في مركز كامل يوسف جابر يأخذ الاطفال الى عالم مختلف، يحملهم الى الخيال وتمضية وقت مستقطع في اجراء الخفة والخيال والبحث عن اللعبة الضائعة، تلك اللعبة، كانت عمود العيد، العربة المزركشة بلون الفرح تجوب احياء بلدة كفررمان، تخرج منها شخصيات كرتونية وتصدح بأهازيج العيد توزع الهدايا على الاطفال، تزرع البسمة على وجوههم. وتقدم لهم لوحة مغايرة للعيد التي تحرص كشافة الامام المهدي على رسمها كل عيد.

الحدائق العامة 
بعيدا عن ضوضاء المدينة التي غصت بالوافدين اليها، كان عدد كبير من الاهالي يقصدون الحدائق العامة ويرتادون ضفاف الانهر بحثا عن الهدوء وهربا من ضجيج الواقع الاقتصادي والسياسي الذي حول يومياتهم الى "حقل تجارب لمصالحهم".
فيما فضّل جزء كبير منهم زيارة كورنيش الغازية الذي يقع عند خط وسطي بين صيدا وصور والذي تحول في الفترة الماضية الى ملاذ الباحثين عن جلسة هادئة عند شط البحر، وقد شهد الكورنيش ازدحاما خانقا لم يعتده سابقا ولم تستوعب عشرات المقاهي اعداد الاهالي الوافدين اليه للتمتع بركوب الدراجة الهوائية او اللعب بالتنس، وحتى صعود عربات الجر الصغيرة التي تشكل لعبة الفرح بنظر الكثيرين، فيما فضل كثر تناول الذرة وصحن الفول على صخور الكورنيش.

خلف الحروب 
اخرج العيد الاهالي من عالمهم، تناسوا مشاكل واقعهم، واتحدوا ولو ليوم واحد مع العيد القادم من خلف الحروب التي تجتاح الوطن من اقصاه الى اقصاه، وكان الشاعر الذي قال "يا يوم العيد اضحك فالناس ستأخذك يوما لعبة لتفرح" كان يقرأ متغيرات المجتمع واذ بما قاله اضحى حقيقة، وحدهم ساسة الوطن كانوا يغنون على ليل عيد لم يخرج دخان حلحلة ازماتهم من داخون رئاسة الجمهورية.

 

 

رنا جوني