كتبت صحيفة "الأخبار" تقول : على رغم عدم التوصل إلى اتفاق سياسي حول جدول أعمال الحكومة، دعا الرئيس تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل. وفيما يصرّ التيار الوطني الحرّ على بند التعيينات الأمنية بنداً أول في الجلسة، تؤكّد مصادره أن أي بحث في تغيير آلية العمل الحكومي قد يؤدي الى المطالبة بإعادة النظر بالنظام السياسي برمّته

خرق الرئيس تمام سلام أمس، بدعوته الحكومة إلى الالتئام الخميس، المراوحة السياسية التي حكمت الأسبوعين الماضيين، بعد تسريبات عن اتفاق القوى السياسية على إبقاء الحكومة في حالة جمود إلى ما بعد شهر رمضان، إفساحاً في المجال أمام الوصول إلى تسوية في ملفّ التعيينات الأمنية الذي يصرّ التيار الوطني الحرّ على وضعه بنداً أول على جدول أعمال أي جلسة مقبلة للحكومة. 


تحديد موعد الجلسة لا يعني أن هناك جديداً على مستوى الاتصالات السياسية. واعتبر أكثر من وزير، ومن بينهم وزراء التيار الوطني الحر وتيار المستقبل في اتصالات مع "الأخبار"، أن "دعوة سلام مفاجئة، ولم نكن في أجوائها"، فيما تقول مصادر سلام إن "الرئيس استخدم صلاحياته". 


زوّار سلام أمس، نقلوا عنه كلاماً نفى فيه أن يكون الرئيس نبيه برّي قد طلب منه تأجيل الدعوة إلى جلسة للحكومة. وأكّد أحد زوّار رئيس الحكومة أن "سلام أكد أنه لم يتمّ تحديد موعد لعقد الجلسة مع رئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس كرر موقفه أكثر من مرة عن حضور وزرائه الجلسة في أي وقت تُعقد فيه". وأشار المصدر إلى أن "رئيس الحكومة يقول إن عليه أن يأخذ في الاعتبار كل المواقف، لكنه لا يستطيع إغفال قضايا حسّاسة تتعلق بشؤون المواطنين". وقال سلام لزوّاره إنه "يدرك أن وزراء التيار الوطني الحر سيعطلون الجلسة التي يُمكن أن تكون الأخيرة قبل الأعياد، لكن الأمور لم تعُد تحتمل"، ولا سيما أن "هناك بندين أساسيين يفترض أن يطرحا على طاولة مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال، هما فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي وترسيم الحدود البحرية"، بالإضافة إلى البند الذي تمّ تأجيله منذ الجلسة الماضية بشأن الملفّ الزراعي، المطروح من قبل الوزير أكرم شهيّب. 


أكثر من مصدر وزاري لمّح إلى أن "دعوة سلام تحظى بمباركة من الرئيس برّي" خصوصاً أنها جاءت بعد يومين من زيارة رئيس الحكومة لعين التينة. ولفت أحد المصادر إلى أن "الرئيس برّي يريد البدء بورشة ملفّ النفط". في المقابل، أشار مصدر وزاري إلى أن "دعوة سلام بمثابة ضغط على الجميع للوصول إلى حلول قبل نهاية رمضان، ولإعادة الحراك إلى الحكومة". 


وسألت مصادر أخرى عن مصير المرسوم العادي بترقية الضباط، الذي يصدر سنوياً بتاريخ الأول من تموز من كلّ عام، مشيرةً إلى أن "المرسوم لا يحتاج مجلس الوزراء، لكنّه يحتاج توقيع رئيس الجمهورية، والآن يحتاج توقيع 24 وزيراً في ظلّ الفراغ الرئاسي مكان توقيع الرئيس". ولفتت المصادر إلى أن "من المفترض أن يصدر المرسوم في أول تموز، إلّا أن سلام دعا إلى الجلسة بتاريخ 2 تموز". 


وزير التربية الياس بو صعب، الذي صرّح بعد لقائه وزير الداخلية نهاد المشنوق تعليقاً على الدعوة بأنها "من صلاحيات رئيس الحكومة تمام سلام، ونحن سنحضر الجلسة"، قال لـ"الأخبار" إن تكتل التغيير والإصلاح "يتفهّم دعوة سلام إلى عقد جلسة، لكونه عرضة لضغوط من الطرف الآخر"، معرباً عن اعتقاده بأن "لا قطبة مخفية وراءها". وأكّد "أننا وحلفاءنا سنلبّي الدعوة ونناقش وفق موقفنا الذي لم يتغيّر، وهو أولوية بند التعيينات الأمنية على ما عداه على جدول الأعمال"، مشبّهاً الوضع بـ"أننا في غرفة مغلقة يمكننا مناقشة ما نريد لكن مفتاح باب الخروج منها في يدنا".
مصادر أخرى في التيار الوطني الحرّ أكّدت أن "موقفنا من جدول الأعمال من حقّنا الدستوري ويتوافق مع آلية العمل الحكومي التي اتفقنا عليها"، مشيرةً إلى أن "حديث 14 آذار عن أن إصرارنا على جدول الأعمال سيقابله إصرار على إعادة النظر بآلية العمل الحكومي، قد يستدعي إعادة النظر بصيغة النظام السياسي برمّته". 


استطلاع التيار: العقدة عند الكتائب
إلى ذلك، جال موفد رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، النائب إبراهيم كنعان، على رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، من أجل "وضعهم في إطار المبادرة التي أطلقها التكتل، الهادفة الى إجراء استطلاع لتحديد الخيارات بالنسبة إلى الرئاسة الأولى". وافتتح كنعان جولته من بنشعي حيث أوضح أن "التيار هو من قام بهذه المبادرة، والاستطلاع غير مُلزم، بل لتحديد خيارات المسيحيين". 


مصادر تيار المردة أشارت لـ"الأخبار" إلى أن "الاستطلاع لا يعني انتخاب رئيس... ونتيجته معروفة"، واعتبرت أن "هدف عون من طرحه، إحراج تيار المستقبل". وتربط المصادر بين كلام القوات اللبنانية، التي "تأتي تصاريح مسؤوليها لتوضح أن الجنرال هو من طرح هذه المبادرة، وتؤكد وجهة نظرنا. نحن لن نقف ضد عون، ولكن لن تكون نتيجة الطرح أكبر من ذلك". وأكد فرنجية بعد لقاء كنعان أنه يوافق على الاستطلاع، ولكن "مُلتزمون بأن الجنرال 


وانتقل كنعان إلى البيت المركزي الكتائبي حيث التقى الجميّل، فكانت "جلسة مفيدة وصريحة"، استناداً إلى مصادر المجتمعين. وبرر الجميّل رفض الحزب للمبادرة بأنه "لو كان لجميع المرشحين المشروع عينه، لكنا سنستطلع الرأي العام لتحديد شعبية كل منهم. ولكن الخلاف هو على نقاط وطنية وخيارات مُختلفة". وتسأل المصادر: "هل سيقبل حزب الله انتخاب جعجع رئيساً أو تيار المستقبل سيُصوت لمصلحة عون؟". الاستطلاع بالنسبة إلى الكتائب، بحسب مصادر الحزب، " تضييع للوقت. لن يُقدم ولن يؤخر في الحياة السياسية".
أمّا في معراب، فوضع كنعان جعجع في أجواء اللقاءات، وأشار بعد الاجتماع إلى أن "جعجع أكد لي مجدداً تأييده إجراء الاستطلاع". 


مصادر "التغيير والإصلاح" أكدت لـ"الأخبار" أنه "منذ البداية لم يطلب التيار أن يُنتخب الأول في الاستطلاع، بل كان الهدف أن نعرف من هما الأكثر شعبية لدى المسيحيين قبل أن ينزل النواب إلى المجلس وينتخبوا رئيساً". وأضافت أنه "لا أحد مضطر إلى أن ينتخب عون أو جعجع. كنعان أوضح هذه النقطة لفرنجية والتيار مُستعد لتلبية كافة شروط فرنجية لأنها مقبولة". وبحسب المصادر، فإن "المطلوب بالنسبة إلى التيار هو النزول إلى ساحة النجمة، ولكن ليس بخيار هنري حلو". 


وتصف المصادر لقاء كنعان بالجميّل بـ"رفع العتب، بعد أن وصل إلى التكتل كلام بأن الكتائب تشعر بأنها مُغيبة ولم يقف أحد عند خاطرها، علماً بأن حليفهم يؤكد أنه وضعهم في أجواء ورقة النيّات". وتقول المصادر: "أكثر من ساعتين أمضاهما كنعان في الصيفي، وهو اللقاء الأطول أمس. لو فعلاً الأجواء سلبية، لما كان أمضى كل هذا الوقت". وتؤكّد أن "التكتل سيعرض اليوم في اجتماعه الاسبوعي نتائج الجولة ويضع تصوراً للاستطلاع، لكن لنكن واضحين، بات معلوماً أن العقدة عند الكتائب". 


بدوره، أعلن الوزير السابق جان عبيد أنه "غير معني بالترشيحات والترجيحات والاستطلاعات المتصلة بالمعركة الرئاسية"، مؤكداً أنه لم يعلن ترشيحه حتى الآن للرئاسة "بسبب غياب الفرصة لمرشح مستقل وتوفيقي وحدة التنافس والصراع في البلاد".