كتبت صحيفة "المستقبل" تقول : بعد مدّ وجزر إعلامي وسياسي وتضارب في الأنباء الصحافية تحليلاً وتأويلاً للأزمة الحكومية على مدى الأسابيع الماضية، بين نبأ يؤكد تارةً إرجاء انعقاد مجلس الوزراء إلى ما بعد انتهاء رمضان، وآخر يتوقع انعقاد المجلس "إذا ما الاثنين الخميس"، عاد المركب الحكومي ليرسو على برّ المعلومات التي كانت "المستقبل" سبّاقة في نشرها لناحية توجّه الرئيس تمام سلام إلى دعوة مجلس الوزراء للالتئام بحلول الأسبوع الرابع من عمر التعطيل الحكومي بعدما يكون قد استنفد مشاوراته واتصالاته مع القوى السياسية بالتنسيق والتعاون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأمس دعا سلام الحكومة إلى عقد جلسة بعد غد الخميس ستكون وفق ما نقل زواره لـ"المستقبل" جلسة "عادية بجدول أعمال عادي" سبق أن تم توزيعه على الوزراء قبل بروز أزمة التعيينات العسكرية، مع تأكيده في الوقت عينه عدم ممانعة الخوض في أي نقاش يطرحه الوزراء على قاعدة "نستمع ونناقش ثم نكمل بنود جدول الأعمال". في وقت سيشهد الخميس أيضاً استئناف حوار عين التينة جلساته بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" لاستكمال النقاش حول المسائل الحوارية المطروحة على طاولة البحث في مقر الرئاسة الثانية

إذاً، لفت سلام أمام زواره إلى أنه أعطى فرصة كافية لإنهاء الشلل الحكومي بشكل توافقي، قائلاً: "ما فيّي ضلّ ناطر"، ويشير الزوار في هذا الإطار إلى أنهم خرجوا من اللقاء بانطباع مفاده أنّه عازم على استيعاب الأمور خلال جلسة الخميس، وأنه سيتيح كامل المجال أمام طرح وزراء "التغيير والإصلاح" وجهة نظرهم حيال بند التعيينات العسكرية، لكن في حال عدم التوصّل إلى قرار بشأن هذا البند فلا بد عندها من إرجاء الموضوع إلى وقت لاحق والانتقال إلى بحث وإقرار سائر بنود جدول الأعمال تسييراً لأمور الدولة وتيسيراً لمصالح الناس، وهو ما تطالبه به أكثرية 18 عضواً من أعضاء مجلس الوزراء، مع الإشارة في هذا المجال إلى أنّ الرئيس بري داعم لتوجّه سلام "100%". 

وبُعيد دعوة الحكومة إلى الانعقاد، استطلعت "المستقبل" عدداً من الوزراء والنواب لاستيضاح آرائهم وتوجهاتهم السياسية بالنسبة إلى جلسة الخميس (ص 2)، ففي وقت جزم النائب حكمت ديب بأنّ "وزراء التيار الوطني الحر ليسوا في وارد القبول بأي تأجيل لبت بند التعيينات" العسكرية، أكد الوزير محمد فنيش بدوره أنّ "حزب الله" سيقف في الجلسة "إلى جانب وزراء التيار الوطني" قائلاً: "لن يكون هناك اعتكاف في حال عدم البت بملف التعيينات لكننا لن نقبل بمناقشة أي بند آخر قبل إيجاد حل لهذا الملف". في حين أكد وزير الثقافة ريمون عريجي أنّ "وزراء 8 آذار متمسكون بطلب بت بند التعيينات" مع إبداء عدم إمكانية "التكهن مسبقاً بمجريات الجلسة". 

وفي المقابل، شدد النائب ياسين جابر على أنّ "وزراء "التنمية والتحرير" باقون في مجلس الوزراء مهما كان مسار النقاش" حول بند التعيينات، مشيراً إلى أنّ "المخرج" المتاح لهذا البند يقضي بتأجيل مسألة البحث في تعيين قائد للجيش حتى انتهاء ولاية العماد جان قهوجي في أيلول المقبل. 

أما وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس فقال: "لا خيار أمامنا سوى إبقاء الحكومة حيّة تُرزق"، متوقعاً أن تسير جلسة الخميس وفق "معادلة لا تعطيل للدولة ولا خضّة سياسية في البلد، وهذا ما سيقوم بإخراجه الرئيس سلام بطريقته الخاصة". 

تفعيل الدعم الكويتي 

تزامناً، علمت "المستقبل" أنّ رئيس الحكومة والوزير درباس ومجلس الإنماء والإعمار تسلّموا أمس كتاباً من المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عبد الوهاب البدر يبلغهم أنّه بموجب التعليمات الصادرة من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح والتي يوعز فيها بعدم انتظار الإجراءات لتفعيل التبرع الكويتي للبنان، قررت الحكومة الكويتية الاتصال مباشرةً بالجانب اللبناني الرسمي "لتقديم ما يلزم للمجتمع اللبناني المضيف للنازحين السوريين"، ووضع الدعم الكويتي للبنان موضع التنفيذ. 

وكانت الكويت قررت إبان استضافتها المؤتمر الدولي للمانحين في آذار الفائت التبرّع للبنان بمبلغ 500 مليون دولار من الدولة الكويتية بالإضافة إلى 500 مليون دولار من المجتمع الكويتي، وعلى الأثر تولى مستشار الأمير وزير العدل الكويتي السابق الدكتور عبدالله المعتوق عملية التواصل المباشر مع الجانب اللبناني سواءً خلال انعقاد المؤتمر أو من خلال الاتصالات المتواصلة التي أجراها فيما بعد مع المسؤولين اللبنانيين سيما منهم الوزير درباس، الذي علّق أمس على القرار الكويتي بالقول لـ"المستقبل": "لأول مرة أشعر بالتفاؤل بأنّ قضية النازحين السوريين أصبحت قضية قومية يتولاها العرب، ولأول مرة أشعر أنّ جهودنا أثمرت"، مضيفاً: "ما قامت به دولة الكويت الكريمة، أميراً وحكومةً وشعباً، إنما هو فاتحة لباقي الدول العربية كي تتصدى لأهم قضية قومية وتصونها