تأهُّبٌ أمنيّ واستنفار ديبلوماسي وسياسي بعد يوم إرهابيّ دمَوي بامتياز، حيث تنَقّلَ الإرهاب أمس في فرنسا وتونس والكويت حاصداً مزيداً من القتلى والجرحى، فيما رفعَت إسبانيا وإيطاليا مستوى الإنذار من هجمات إرهابية.

 

السفير :

في يوم واحد ضرب إرهاب «داعش» مسجداً يعج بالمصلين في الكويت، وفندقاً يستقبل سياحاً أجانب في تونس، فضلاً عن ملاعب جرائمه المفتوحة في سوريا والعراق ومصر وصولا الى اليمن.
يوماً بعد يوم، يوسع الإرهاب بالشعار الإسلامي مجال نشاطه الإجرامي، نسفاً وتقتيلاً وسبياً وتدميراً، متمدداً من أقصى المشرق في اليمن مع مركز ممتاز في العراق الذي اتخذ من بعض أرضه مقرا ومنطلقا الى سوريا التي يجتاح بعض شرقها وبعض شمالها، فضلاً عن اقترابه من لبنان واتخاذه من السلسلة الشرقية مركز تموين وتدريب واسترهانه عرسال بأهلها وجوارها، من غير أن نغفل ميادين جرائمه باتساع ليبيا مرورا بمصر فضلا عن سينائها وصولا الى تونس والصومال... وها هو الآن يضيف الكويت الى قائمة ضحاياه بعدما كان قد توسع في شبه الجزيرة العربية من أقصى جنوب اليمن الى قلب السعودية.
وإرهاب «داعش» وأخواته، لا يميز بين المشرق والمغرب. ولا بين السنة والشيعة. لا بل انه يقتل من السنة أكثر مما يوغل في دماء الشيعة وغيرهم من أبناء الطوائف الإسلامية والمسيحية والقوميات المتأصلة في هذه الارض منذ مئات وآلاف السنين.
تبني «الخلافة» في الذكرى السنوية الاولى لإعلان قيامها في الموصل، عرشها بجماجم ضحاياها، أوطانا وشعوبا، إسلامية ومعها أقليات مسيحية وايزيدية، ولا تميز بين العرب والكرد والكلدان والسريان... وقبل أيام، توعد المتحدث باسم «داعش» ابو محمد العدناني بتصعيد الهجمات خلال شهر رمضان في أكثر من دولة عربية.
ومع ذلك، تأخذ الخصومة والأحقاد بعض الأنظمة العربية الى «التحالف» مع «داعش» أو تسهيل حركته ضد أنظمة عربية اخرى، وتحاول توجيه حركة هذا التنظيم الإرهابي، أو الإفادة منه ضد خصومها، كما هي الحال في سوريا واليمن والعراق. لا بل ان بعض هذه الأنظمة يبرر في مواقفه وسياساته وبعض إعلامه جرائم الارهابيين وأهدافهم. أما التمويل، فمتواصل بلا توقف بملايين الدولارات عبر التبرعات والتحويلات المشبوهة من رموز دينية وقيادات متطرفة تدّعي الحرص على الإسلام والمسلمين وقنوات تلفزيونية تنشر رسائل الكراهية والبغض في أنحاء الوطن العربي، بل الامة الاسلامية في مشارق الارض ومغاربها.
أما تركيا فيزداد افتضاح دورها، فهي تارة «الراعي» و «المشجع» والمسهل، مشتري النفط المنهوب، وتارة فاتح الحدود أمام «داعش» نحو العراق وسوريا، كما حصل منذ يومين في عين العرب (كوباني) التي عبر اليها مسلحو «داعش» من داخل الاراضي التركية.
أما لبنان، فيعيش أيامه في ظل خطره المتقدم نحوه لولا تصدي الجيش والقوى الامنية مع اندفاع «حزب الله» الى مواجهته في جبال عرسال ـ القلمون، وقبل ان تصل جحافل القتل فيه اليه، خصوصا وقد جرب عبر التفجيرات - المجازر، في الضاحية والبقاع، وهو يهدد بالمزيد من أعمال القتل في لبنان.
أما الغرب، فهو «رسمياً» في حالة حرب مع «الإرهاب». لكنه يمارس، كعادته، تناقضاته الكاملة. فهو تارة يعلن أنه متحالف ضد «الإرهاب» في العراق، لكنه يساند الإرهاب ذاته في سوريا. وأحيانا يتبين انه يميز بين «إرهاب» وآخر. فهذا «إرهاب» جيد، كما بالنسبة مثلا الى ما يسمى «جيش الفتح» المؤلف أساسا من «جبهة النصرة»، فرع تنظيم القاعدة في سوريا، والآخر سيئ تجب محاربته، بحسب ما تقتضي مصلحة كل دولة من دول «التحالف» الغربي، المسنود من بعض العرب.
فالحلف في العراق، يختلف عن الحلف في سوريا. والخصم في اليمن، قد لا يكون الآن «إرهابيا» من أفرع تنظيم «القاعدة» اذا كان في مواجهة «أنصار الله» والجيش اليمني. وفي ليبيا، كان عملا ثوريا مدعوما بالمطلق من الغرب، وصار إرهابيا بعد مقتل السفير الاميركي قبل ثلاثة أعوام.
ان إرهاب «داعش وأخواته» مقبول أحيانا، ما دامت قد التقت جرائمه مع مصالح البعض. مثلما أظهرت المرحلة الاخيرة أكثر من مرة، اذ كان إضعاف أنظمة العراق واليمن وسوريا وغيرها، مصلحة غربية في لحظة مؤاتية لحصد المكاسب الاقليمية، فكان الارهاب محمودا!

النهار :

فرغ المشهد السياسي الداخلي امس من كل تحرك وسط تهيب واسع غلب على الاوساط الرسمية والسياسية ليوم الهجمات الارهابية التي تنقلت بين ليون في فرنسا وتونس والكويت وترجم في التنديدات اللبنانية لهذه الهجمة الدموية المخيفة العابرة للحدود والقارات. ولم يكن لبنان في اي حال بمنأى عن التحديات الارهابية اليومية التي يواجهها الجيش على الحدود الشرقية مع سوريا والتي تبقيه في حال استنفار قصوى تمكن بفضلها فجر الجمعة من الانقضاض على مجموعة من المسلحين كانت تحاول التسلل من جرود عرسال الى داخل الحدود. وكمن الجيش للمجموعة وهاجمها في نقطة تقع جنوب شرق عرسال بين مركزي وادي عطا والحصن موقعا عددا من القتلى والجرحى في صفوفها وسحب جثتين من المهاجمين.
اما على الصعيد السياسي، فلم تترك معالم الانسداد التي تتحكم بالازمة الحكومية اي شك في ان مسارب المخارج قد اقفلت حتى اشعار آخر وسط تسلل المخاوف من أزمة طويلة ومفتوحة أسوة بأزمتي الفراغ الرئاسي وتعطيل جلسات التشريع لمجلس النواب. وعلمت "النهار" أن الساعات المقبلة ستشهد تحركات بحثا عن حلول لإخراج الوضع الحكومي من دائرة المراوحة، ومن بين هذه التحركات لقاء يجمع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام. وتدور المشاورات حول مفهوم تريث الرئيس سلام في توجيه الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء والذي لا يعني التنازل عن صلاحياته التي تتطلب الانصراف الى متابعة مصالح الوطن.
وفي إطار متصل، لم تبلّغ الامانة العامة لمجلس الوزراء أعضاء الحكومة أمس بموعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء كما لم توزع عليهم أي جدول للاعمال، في حين أوضحت مصادر وزارية أن لا داعي لتوزيع جدول أعمال باعتبار أن جدول آخر جلسة الذي لم يناقش لا يزال قائماً.
وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" إنه امام تصاعد المأزق الحكومي الذي تمثل في الشروط التي نقلها الوزير محمد فنيش الى السرايا اول من امس، عاد رئيس الحكومة الى دورة جديدة من التريٰث، وذلك على رغم مواجهته ضغطاً من الفريق الحكومي الآخر من اجل عقد جلسة وعدم السماح لأي فريق بتعطيل الحكومة. لذلك، يتوجٰه الرئيس سلام الى رئيس المجلس للاستئناس بموقفه الداعم مبدئياً للحكومة باستئناف جلساتها. ولكن يستبعد أن يتمكن الرئيس بري من تأمين الغطاء لجلسات مجلس الوزراء ما لم يحصل من فريق "المستقبل" وحلفائه على الغطاء المطلوب لـ"تشريع الضرورة" في مجلس النواب. وهو أعلن اخيراً انه "صائم"، بعدما أيقٰن أن الأزمة السياسية باتت شاملة وتفرض عطلة مفتوحة ما لم يؤدِّ الحوار الى تسوية لا تقتصر على المجلس والحكومة، بل تبدأ من التعيينات الأمنية. وبما أن آب واستحقاقاته الأمنية على الأبواب، وبما أن عطلة رمضان، ليست سوى رماد يوضع على نار الأزمة الحكومية، فيتوقع ان يحين موعد تسريح رئيس الأركان في الجيش فيما الحكومة في عطلة، مما يفرض تأجيل تسريحه بقرار من وزير الدفاع، فيخرج الحريق الحكومي عندها الى العلن.
في غضون ذلك، لوحظ ان السفير الاميركي ديفيد هيل عاد امس الى بيروت بعد اجازة سريعة أمضاها في واشنطن وذلك خلافا للتوقعات التي تركها سفره لإمكان انتقاله في وقت قريب الى باكستان وتعيين بديل منه في الاسابيع المقبلة.

المستقبل :

لم يفرق الإرهاب امس بين منتجع ومسجد ومصنع عندما ضرب في يوم واحد مواقع عدة في القارات الثلاث الآسيوية والافريقية والأوروبية. فسالت دماء أبرياء من مختلف الجنسيات والأديان والأعراق على أيدي ارهابيين جهلة نفذوا ضرباتهم تحت راية إسلام هو منهم ومن امثالهم براء.
ففي تونس حصد ارهابي بسلاح «كلاشينكوف» ارواح 37 شخصا على الاقل واصاب 36 آخرين بجروح بعدما اخفى السلاح في شمسيته على الشاطئ حيث كان السياح يستجمون في فندق ومنتجع «ريو امبريال مرحبا» الفخم على شاطئ مدينة سوسة. 
وتمكنت قوى الأمن التونسية من قتل الارهابي بعد تبادل لاطلاق النار لدى محاولته الفرار من الموقع. ومن بين الضحايا الذين سقطوا في هذا الاعتداء الارهابي، الاضخم في تاريخ تونس، سياح من بريطانيا وايرلندا والمانيا وبلجيكا، فضلاً عن مواطنين تونسيين.
وفي الكويت استهدف تنظيم «داعش« الارهابي مسجد الامام الصادق في منطقة الصوابر في الكويت حيث فجر ارهابي، يدعى خالد الشمري، نفسه عند مدخل المسجد خلال تأدية المصلين الشيعة صلاة الجمعة ما ادى الى مصرع اكثر من 25 شخصا واصابة اكثر من 200 بجروح. وتبنى الهجوم ارهابيو «ولاية نجد» الشق الناشط من «داعش« في دول الخليج.
بدورها وجدت فرنسا نفسها للمرة الثانية هذا العام على موعد مع الارهاب الذي هز صباح امس منطقة «سان كانتان فلافييه» قرب مدينة ليون، عندما اقدم الفرنسي من اصول جزائرية ومغربية ياسين صالحي (35 عاماً) على قتل رئيسه في العمل (صاحب احدى شركات النقل في المدينة) وتقطيع جثته ونقلها الى مصنع للمواد الغازية تابع لشركة «اير بروداكتس» الاميركية، حيث حاول الارهابي على ما يبدو ان يفجر سيارته بالمبنى ربما لإحراق الموقع وفيه جثة الضحية بهدف اخفاء معالم الجريمة. والجاني كان مدرجا على لائحة التطرف لدى الشرطة الفرنسية عام 2006 قبل ان يزال اسمه عنها عام 2008 لعدم ثبوت اي علاقة له بنشاطات ارهابية في حينه. والقت الشرطة القبض على صالحي في موقع الجريمة بعد تدخل رجال الاطفاء لدى سماعهم صوت انفجار لقوارير غاز. وفي وقت لاحق داهمت شرطة مكافحة الارهاب منزل الارهابي واقتادت زوجته وشقيقته واولاده الى الحجز للتحقيق معهم. واوردت وسائل اعلام فرنسية مساء امس ان صالحي هذا كان على علاقة برجل دين سلفي متطرف يدعى علي، كان غادر قبل سنوات الى اندونيسيا ومنها الى المغرب ويعتقد ان الاثنين كانا دائما على اتصال«

الديار :

الارهاب يتمدد ويضرب في اوروبا وافريقيا وفي الخليج ويقتل 27 مصلياً شيعياً و227 جريحاً في الكويت، و37 قتيلاً و215 جريحاً في تونس، وقتيل و8 جرحى في فرنسا، حتى ان مآثر تنظيم الدولة «داعش» امتدت الى معظم الدول ويبتدع يومياً اساليب جديدة، في القتل والذبح والتفجير. وقد تعرضت ثلاث دول هي تونس والكويت وفرنسا لهجمات دامية خلفت عشرات القتلى والجرحى تبنى اثنان منها تنظيم الدولة الإسلامية، واستهدفت الهجمات منتجعا سياحيا في مدينة سوسة التونسية ومسجدا للشيعة في مدينة الكويت ومصنعا للغاز جنوبي فرنسا.
ففي تونس أفيد بأن 37 شخصا على الأقل قتلوا في هجوم بسلاح رشاش، استهدف أحد الفنادق في مدينة سوسة الساحلية. ولم تتبن أي جهة الهجوم حتى الآن.
وأكد المتحدث باسم الداخلية محمد علي العروي مقتل أحد المهاجمين واعتقال مشتبه به آخر. مشيرا إلى أن الوحدات الأمنية تدخلت وتبادلت إطلاق النار مع المهاجمين، دون أن يحدد هوية المصابين أو جنسياتهم. في حين أفادت مصادر سياحية تونسية بأن ضحايا الهجوم ينتمون إلى جنسيات بريطانية وألمانية وبلجيكية.
وفي الكويت أعلنت وزارة الداخلية الكويتية مقتل 27 شخصا على الأقل وإصابة العشرات بتفجير استهدف مسجد الإمام الصادق للشيعة، في الكويت. وذكر إن التفجير يرجح أن يكون «انتحاريا».
وقد تفقد أمير دولة الكويت وكبار المسؤولين الكويتيين مكان التفجير في منطقة الصوابر بالعاصمة الكويت. وقد أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في بيان أن أحد عناصره، ويدعى أبو سليمان الموحد نفذ التفجير.
وسبق هجومي تونس والكويت هجوم على مصنع أميركي للغاز الصناعي في جنوب فرنسا، مما أسفر عن هجوم فرنسا عن مقتل شخص بعد فصل جسده عن رأسه واصيب اخرون بجروح.
وقد أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية أنها تعرفت على هوية منفذ الهجوم ويدعى ياسين صالحي (35 عاما) وله علاقة بالتيار السلفي. وأوضحت أنه يتحدّر من منطقة «إيزير»، القريبة من محافظة ليون في جنوب شرق فرنسا، حيث وقع الهجوم. ونفت زوجة صالحي اي علاقة له بالأمر واكدت ان لا علاقة لنا بالارهاب ونحن مسلمون نصلي ونصوم.
وحسب شهود، فإن شخصين مجهولي الهوية استخدما سيارة في عملية اقتحام مصنع للغاز، مما تسبب في تفجير عبوات صغيرة داخل المصنع. وفي تصريح مقتضب لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، تحدث عما قال إنه بصمة من وصفهم بالجهاديين، وأن الجثة التي عثر عليها قرب مكان الانفجار هي لأحد منفذَي الهجوم.
وقالت مصادر في الشرطة ووسائل إعلام فرنسية إنه تم العثور على جثة مقطوعة الرأس عليها كتابات عربية في شركة أميركية للغاز بجنوب شرق فرنسا امس بعد أن داهم مهاجمان مبنى الشركة بسيارة فانفجر عدد من عبوات الغاز.
ووصف الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند خلال حضوره قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل الهجوم «بالإرهابي» مشددا على اتخاذ جميع الإجراءات لوقف أي هجمات مستقبلية على البلاد التي ما زالت تعاني آثار هجمات المتشددين في كانون الثاني.

الجمهورية :

تأهُّبٌ أمنيّ واستنفار ديبلوماسي وسياسي بعد يوم إرهابيّ دمَوي بامتياز، حيث تنَقّلَ الإرهاب أمس في فرنسا وتونس والكويت حاصداً مزيداً من القتلى والجرحى، فيما رفعَت إسبانيا وإيطاليا مستوى الإنذار من هجمات إرهابية.
وتوقّفَت مصادر أمنية دولية عبرَ «الجمهورية» أمام تزامنِ العمليات الإرهابية في يوم الجمعة في رسالةٍ دينية بامتياز، ورأت أنّ هذا التزامن ليس وليدَ الصدفة، بل هو مخطّط له وعن سابق تصَوّر وتصميم، وتوقّعَت أن تشهد الأيام المقبلة مزيداً من العمليات الإرهابية في أماكن عدّة في شهر رمضان، تلبيةً للنداء الذي وجّهه المتحدّث باسم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني أخيراً ودعا فيه المسلِمين «في كلّ من العراق ولبنان والسعودية، إلى الثورة على حكّامهم»، قائلاً إنّ «أفضل القربات إلى الله الجهاد.. ولا يعدل الجهادَ في رمضان جهادٌ في غيره»، وأضاف: «هبّوا أيّها المجاهدون.. إجعلوا شهرَ رمضان شهر وبالٍ على الكافرين.» وقد توَعّدَ العدناني في ندائه الرئيسَ الأميركي باراك أوباما، بمزيدٍ مِن «النكسات».
مصادر ديبلوماسية
من جهتِها ذكرت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ العمليات الإرهابية التي حصلت أمس في فرنسا وتونس والكويت جاءت بعد التراجع العسكري الذي منِيَت به «داعش» وجبهة «النصرة» في الأيام الماضية في سوريا أمام الأكراد، بعدما كانت توسّعَت على حساب التنظيم السوري في الأشهر الماضية، وبالتالي فإنّ هذه التنظيمات الإرهابية تستهدف الغرب على خلفية اتّهامه بدعم الأكراد.
كذلك لفتَت المصادر إلى أنّ «داعش» هدفَت مِن أعمالها التفجيرية أمس والتي تأتي عشيّة الاتفاق المزمَع عقدُه بين دوَل الغرب وإيران في شأن برنامجها النووي، توجيهَ رسالةٍ إلى العالم بأنّ توقيع الاتفاق لا يعني أنّ مشاكلَ الغرب قد انتهت مع تراجعِ الخطر النووي، بل إنّ الأمن والاستقرار في مجتمعاته والمنطقة، في يد التنظيم.
وأكّدت المصادر الديبلوماسية أنّ ما حدثَ ليس مفاجئاً، لأنّ الأجهزة الغربية تملك معلومات مفادُها أنّ «داعش» وتنظيمات متشدّدة وتكفيرية أخرى تحَضّر لعمليات إرهابية في أوروبا، وهي قد قبضَت على عدد كبير من أفرادها.

3 تفجيرات في يوم واحد
وكان مسَلسل الإرهاب شملَ أمس فرنسا التي لم تنسَ بعد هولَ جريمة «شارلي إيبدو»، فقُتِل شخصٌ وسَقط عدد مِن الجرحى في هجوم نفّذَه إرهابيّ يَحمل راية «داعش» في مصنعٍ للغاز قربَ ليون شرق البلاد قبل توقيفه، مروراً بالكويت حيث تبَنّى «داعش» مسؤولية تفجير انتحاريّ استهدفَ مسجد «الإمام الصادق» للشيعة بمنطقة الصوابر أثناءَ أداء صلاة الجمعة، أوقعَ حوالي 25 ضحيّة و202 جريح، كما ذكرَت وكالة «كونا» مساءً، وصولاً إلى تونس التي قتِل فيها 37 شخصاً من بينِهم سيّاحٌ أجانب، وأصيبَ آخرون بجروح في هجوم إرهابي نفّذَه مجهولون على فندقَين متجاورَين في ولاية سوسة الساحلية، وهو الهجوم الإرهابي الثاني الذي تشهَده البلاد بعد الهجوم المسَلّح على متحف «باردو» في شهر آذار الماضي والذي تبنّته «داعش» وأسفرَ عن مقتل 21 سائحاً.
وندَّد البيت الأبيض بالهجمات التي وقعَت في فرنسا وتونس والكويت، معرباً عن تضامنِ الولايات المتحدة مع هذه الدوَل والوقوف إلى جانبها لتقديم كلّ مساعدة ممكنة، وأكّد أنّ «الإرهاب لا مكانَ له في أيّ مجتمع، والولايات المتحدة ستواصِل العملَ في شكل وثيق مع شركائها الدوليّين للتصدّي لمرتكبيه واحتواء التشَدّد العنيف في كلّ أنحاء العالم».

اللواء :

ارتفعت المخاوف من مخاطر الضربات الإرهابية، في ضوء تنفيذ تنظيم «داعش» سلسلة من الهجمات الإنتحارية، تنقلت بين الخليج (الكويت) والمغرب العربي (تونس) وفرنسا (مدينة ليون).
ووسط هذه المخاوف، كشف الجيش اللبناني عبر موقعه الجديد على «تويتر» أنه تمكن من صدّ محاولة تسلل في جرود عرسال كانت تستهدف الدخول إلى البلدة، فأوقع في صفوف المسلحين قتيلين وعدداً من الجرحى، فيما اقتصر «يوم الغضب الإسلامي» الذي دعت إليه الجماعات السلفية على تظاهرة لا تتجاوز العشرات، ولم تتعدّ «ساحة النور» في طرابلس.
ولعل هذه التطورات، فضلاً عن «صرخة 25 حزيران»، والحاجة إلى فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي، ستكون من العوامل التي ستحضر بقوة في اللقاء الذي يعقد بين الرئيسين نبيه برّي وتمام سلام خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة، واللذين يتفقان على أنه من الواجب استئناف جلسات مجلس الوزراء، ولكن في حضور كافة المكونات السياسية ومشاركتها ضمن صيغة تراعي الصلاحيات ولا تضرب عرض الحائط بالأفكار والإقتراحات المطروحة.
وعشية اللقاء، جرى التداول في مجموعة من الصيغ للخروج من المأزق، ولم يُؤكّد مصدر مطّلع ما إذا كان الفريق العوني أبلغ موقفاً ما للرئيس برّي ليتمكّن من التداول به مع الرئيس سلام وبالمخارج التي يمكن أن تؤدي إلى استئناف جلسات مجلس الوزراء، وأن تصدر عنها قرارات وفقاً لتصوّر رئيس الحكومة.
وفي المعلومات، أن فريق عون اقترح سلّة متكاملة للخروج من الحالة الراهنة تضمنت الأفكار التالية:
1- القبول بتشريع الضرورة وإبداء الاستعداد للمشاركة في أي جلسة لإقرار الموازنة وتمرير اقتراحات ومشاريع قوانين واتفاقيات مالية، على أن يدرج قانون الانتخاب في جلسات أخرى.
2- مقابل ذلك، تقرّ الحكومة التعيينات في المراكز العسكرية من قيادة الجيش إلى رئاسة الأركان، إلى المجلس العسكري والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وتشكيل مجلس القيادة.
3- لا مانع من تعديل طريقة عمل مجلس الوزراء، بما يؤدي إلى اتخاذ قرارات.
ولم تشأ مصادر في 14 آذار أن تبدي أي موقف إزاء هذه الأفكار المتداولة، بانتظار لقاء عين التينة، والذي تحتل الدورة الإستثنائية للمجلس بنداً رئيسياً على جدول أعمالها، في حين نفى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«اللواء» وجود مخرج أو تسوية في الشأن الحكومي، أو أن يكون وزراء «المستقبل» أو قوى 14 آذار يفكرون بالضغط في اتجاه انعقاد جلسات الحكومة، لافتاً إلى أن هناك ثقة كبيرة بما يقوم به الرئيس سلام الذي يعود إليه وحده تحديد موعد الجلسة.
وإذ لوحظ أن الرئيس سلام امتنع أمس عن توجيه الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء للأسبوع الثالث على التوالي، في وقت ما تزال الاتصالات «مكانك راوح» على حدّ تعبير مصدر في السراي الكبير، نفى عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري لـ«اللواء» ما أعلنه العماد ميشال عون بأن هناك اتفاقاً مع «المستقبل» على تأييد تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، وأكد أن هذا الكلام غير صحيح، فهناك الكثير من ضباط الجيش الذين يصلحون لتبوؤ القيادة، وليس صحيحاً أن هناك ضابطاً واحداً يعتبر من القديسين، وغيره من الشياطين.
وقال: في مطلق الأحوال، سيكون موقفنا عندما يحين الأوان لهذا الاستحقاق في أيلول، أن لا تعيين لقائد الجيش في ظل الشغور الرئاسي، مبدياً اعتقاده أنه حتى الآن لا أفق لانتخاب رئيس للجمهورية.
لقاء عين التينة
وفي انتظار أن يُشكّل اللقاء المرتقب بين الرئيسين برّي وسلام خلال عطلة نهاية الأسبوع مؤشراً لما يمكن أن تسلكه الأمور على المستوى الحكومي، ظلت الاتصالات لتأمين انعقاد جلسة منتجة لمجلس الوزراء من دون أفق، بسبب العقبات الموضوعة أمام التئام المجلس، فيما لا يزال الرئيس سلام على تريثه، بحسب الطريقة التي يتبعها في إدارة الأزمات، والتي لا تقوم على المجابهة بل على الامتصاص والإحاطة ومحاولة استيعاب الأزمة لحلّها، على حدّ تعبير وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي يعتقد أنه إذا بقيت المساعي تصطدم بحائط مسدود، فلا بدّ آنذاك للرئيس سلام من دعوة المجلس للانعقاد.
ولفت درباس إلى أن سلام قد يكون استجاب لتمنيات الرئيس برّي بعدم توجيه الدعوة هذا الأسبوع، باعتبار أنهما يلعبان سوياً دور صمّام الأمان.
وأشارت مصادر نيابية إلى أن الرئيسين برّي وسلام متفقان على أن الحكومة مجتمعة قادرة وبالغالبية المتوافرة فيها والميثاقية أن تقرّ أي مشروع، لكنهما حريصان على أن تكون القرارات بالتوافق قبل الاحتكام إلى الغالبية، وللرئيس سلام حق طرح مشاريع من خارج جدول الأعمال في خلال الجلسة.
وأكدت أنه (أي سلام) والرئيس برّي متفقان على حتمية فتح دورة استثنائية للمجلس، لأن الأوضاع في البلاد بلغت مرحلة الخطورة، وتداعياتها السلبية تخطت وجوب تشريع الضرورة، وأن المأزق يطال الجميع ولا يقتصر على فئة أو مذهب أو طائفة أو فريق.