رسالة المشهد الاحتجاجي لقطاعات الإنتاج وقواها الحيّة من «البيال» أمس، بعنوان «صرخة 25 حزيران ضد الانتحار»، كانت جلية جلاء الشمس: ثمة من يعطّل انتخابات الرئاسة عن سابق تُصوّر وتصميم، والمجتمع الإنتاجي لن يقبل بتعطيل مؤسسات البلد وشل التشريع وحرمان الدولة من مليارات الدولارات المرصودة من قبل المؤسسات المالية الدولية كقروض ميسرة إلى لبنان، تحتاج إلى اتفاقيات تقرّ أصولاً في مجلس النواب وفي المؤسسات الدستورية الأخرى، في بلد تنتظم فيه الحياة السياسية والدستورية، في ظل استقرار يحسد عليه لبنان، لو توفرت مستلزمات الانتظام العام.
من تلقى الرسالة هو الشعب اللبناني كلّه، ومن اعتبر التحرّك موجهاً ضده بوصفه المسؤول عن التعطيل لم يتأخر بالخروج شاهراً سيفه بوجه التجار الذين كادوا أن يكونوا تجاراً أو «هواة للعار» (والتعبير لمحطة O.T.V) التي لم تقتصر على اعتبار التحرك موجهاً ضد التعطيل العوني لمؤسسات الدولة، بل ذهبت إلى الاستشهاد برئيس جمعية الصناعيين السابق الوزير السابق فادي عبود للإعلان أن عدم انتخاب رئيس للجمهورية لم يمنع من أن تكون نسبة النمو 2.5 في المائة.
المعطّلون لانتخابات الرئاسة هم المعنيون برسالة الهيئات الاقتصادية والمدنية والنقابية، والمتهمون بأنهم المسؤولون عن جرّ البلاد إلى الانتحار.
اتخذت صرخة الهيئات بُعداً وطنياً جامعاً، على حدّ تعبير الوزير السابق عدنان القصّار، وهي احتجاج على ارتفاع معدلات البطالة والتدهور الاقتصادي وتراجع النشاط السياحي والتجاري وبلوغ الدين العام معدلات غير مسبوقة (70 مليار دولار) فضلاً عن أزمات النزوح السوري والتكلفة الهائلة لتغطية نفقات مليون ونصف مليون لاجئ، بالإضافة الى الحاجة إلى تعليم وتأهيل أكثر من 300 ألف لبناني يعيشون بأقل من دولارين في اليوم الواحد.
تحرّكت الهيئات الاقتصادية بوصفها «أم الصبي» بتعبير رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل، وهي المرة الأولى بتاريخ لبنان، إلا أن النداء الذي صدر بعنوان «نداء 25 حزيران» باعتباره خطوة أولى تحتاج إلى متابعة، لاحظ أن «الدولة تحوّلت إلى شبح معطّل ومعطلاً، ومؤسساتها معلقة على العجز الداخلي وانتظار المعجزة الخارجية».
من هنا جاءت مطالبته بضرورة الانتقال «من الصراع حول الدولة والسلطة إلى التنافس في إطار الوطن والدولة والعيش المشترك وتدعيم المصالحة بالمصلحة الاقتصادية والحياتية».
وعاهدت القوى المجتمعة في «البيال» أنها «لن ترضخ للأمر الواقع ولن تستسلم للموت البطيء وهي ستقاوم سلوك النحر والانتحار والانتظار»، ودعت اللبنانيين إلى مؤازرتها في الضغط لإعادة إحياء المؤسسات وفي مقدمتها رئاسة الجمهورية.
وختمت الهيئات نداءها: «إن المراوحة تعني التراجع القاتل فلنكمل مسيرة الحياة» (راجع التفاصيل صفحة 7).
مشهدية رائعة عاشتها بيروت أمس، والكلام لرئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس، لكن لا المشهدية ولا الصرخة المدوية التي لم تتمكن من خرق الآذان الصمّاء كافية لتعديل الأداء السياسي، والخروج من حالة المكابرة والاصرار على التعطيل بذرائع شتى، ليس أقلها التوصّل إلى اتفاق مسيحي - مسيحي على تسمية ميشال عون رئيساً للجمهورية بمباركة بكركي التي نفت علمها بذلك، وهي لن تعيد مرّة ثانية تجربة أن «يلدغ المؤمن من الجحر مرتين».
وإذا كانت الهيئات الاقتصادية أعلنت البيان رقم 1 للمقاومة الاقتصادية، أو ما يمكن وصفه بصفارة التحذير من الانهيار الكبير، فإن هذه «الصرخة ضد الانتحار» لم تعد وحدها تكفي لتغيير الأمر الواقع.
 وبقدر ما عبّر بيان الهيئات عن حسّ وطني لا ريب في صفائه وحسن طالعه، فإن تحميل المسؤولية للمعطلين للانتخابات الرئاسية الوصول إلى حالة الانتحار، تحتاج إلى آلية للمتابعة، وتجميع اللبنانيين حول برنامج نهوض سياسي ووطني يجنبهم محنة الوقت القاتل، والرهان على مغامرات حكم التاريخ عليها بالفشل..
ولعل اللبنانيين الذين تابعوا باهتمام تحرك الهيئات ونداء 25 حزيران، أو «نداء البيال»، يتطلعون لأن تكون صرخة أمس أول الغيث في انتفاضة إعادة الروح إلى الدولة ومؤسساتها.
جلسة قبل العيد
وإذا كانت الرابية صمّت آذانها عن سماع نداء البيال الذي يقصدها من دون تسمية، فإن هذه الصرخة ستكون حاضرة في اللقاء المرتقب خلال الساعات المقبلة بين رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه برّي في عين التينة، حيث أنهما من هذه الزاوية بالذات، سيناقشان مصير جلسات مجلس الوزراء، في ضوء إصرار فريق ميشال عون الوزاري على تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش قبل أي أمر آخر، وفي ضوء الطلب الذي بات معروفاً بأن حزب الله قدّمه إلى الرئيس سلام بضرورة عدم عقد أي جلسة لمجلس الوزراء قبل الثلث الأخير من تموز، انسجاماً مع الموقف العوني ومنعاً للاحراج في مجلس الوزراء، باعتبار أن الحزب تربطه علاقة جيدة مع رئيس الحكومة، لكنه ليس بوارد التخلي عن حليفه عون وتركه وحيداً في الساحة، بعد أن انفضّت عنه مختلف الكتل المسيحية، وحيث أن لا وزن ولا تأثير لحزب «القوات اللبنانية» في الحكومة.
وبحسب مصدر نيابي، فإن وزير شؤون مجلس النواب محمّد فنيش، كرّر أمام الرئيس سلام الذي استقبله في السراي الكبير أمس، تمنيه أن لا يكون هناك كلام في شأن الحكومة قبل نهاية شهر رمضان، وتزامن هذا الطلب مع معلومات مستقاة من مصادر في 8 آذار تقول أن العطلة الحكومية مرجحة للتمديد إلى نهاية الصيف.
لكن أوساط رئاسة الحكومة نفت بشدة هذه المعلومات لـ«اللواء»، رغم اقتناعها بأن لا مخارج حتى الآن للأزمة، وأن الاتصالات ما زالت تراوح مكانها.
وقالت: «صحيح أن الرئيس سلام يمتاز بالصبر وطول الأناة، لكنه حازم في اتخاذ القرارات والمواقف، وهو إن كان يساير الفريق الذي يضع الشروط لكنه لا يستطيع في النهاية أن يخضع لهذه الشروط.
وفي السياق، لفت وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ«اللواء» إلى أن الكلام عن جلسة بعد أسبوع أو أسبوعين، أو حتى دخول الحكومة في إجازة طويلة يقع في إطار التكهنات، معلناً في الوقت نفسه أن المؤشرات تدل أن ما من اجتماعات قريبة للحكومة، مع العلم أن لا شيء يحول دون توجيه الرئيس سلام الدعوة للاجتماع ساعة يشاء، لأن ذلك من صلاحياته الدستورية.
وأعرب حكيم عن اعتقاده أن وتيرة الجهود المبذولة للوصول إلى مخرج معيّن، والتي تتم بشكل يومي لا تزال ضئيلة، مذكراً بموقف حزب الكتائب الرافض للتعطيل في المرحلة الراهنة، باعتبار أن الضغط بهدف العمل على إدراج بند معيّن لا يجوز أن يعطل الحكومة. 
وهذا الموقف الكتائبي نقله، أمس، وزير العمل سجعان قزي للرئيس سلام، مؤكداً أن الصبر الذي يتمتع به رئيس الحكومة، وهو في محله، يجب أن يبقى سلاحاً في يده، لا أن يتحوّل سلاحاً في يد الذين يريدون أن يعطلوا عمل الحكومة.
وأعرب قزي عن اعتقاده بأن الرئيس سلام يتجه إلى دعوة مجلس الوزراء، إلا أنه لم يُحدّد بعد لا الساعة ولا اليوم بانتظار الاتصالات التي سيجريها خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة.
أما الوزير فنيش الذي زار بدوره السراي فقد لاحظ أن المهم ليس عقد جلسة للحكومة، بل أن تكون الجلسة منتجة، مشيراً إلى أن أهم مانع يحول دون عقد الجلسة هو إمكانية اتخاذ قرارات.
تعذيب السجناء
في ملف شريط تعذيب السجناء في رومية، توقعت بعض المعلومات أن تتحوّل صلاة الجمعة في مساجد العاصمة وطرابلس وبعض المناطق إلى «يوم غضب إسلامي» على تعذيب السجناء الإسلاميين، في حين أظهرت التحقيقات التي أجراها أمس قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا تورط 4 أسماء جديدة بين عسكريين ومدنيين، تقرر أن يستدعيهم للاستماع إلى إفاداتهم الاثنين المقبل حول علاقتهم بهذه القضية.
وكان أبو غيدا استجوب أمس عناصر قوى الأمن الخمسة الموقوفين وأصدر مذكرات توقيف وجاهية في حقهم بتهمة الاعتداء بالضرب على موقوفين إسلاميين في سجن رومية وتعذيبهم وإيذائهم ومخالفة التعليمات العسكرية.
وإذا كانت الإجراءات القضائية أخذت مسارها القانوني الطبيعي، والتي لا بدّ أن تكشف كل المتورطين، وبالتالي الجهات التي حاولت من خلال تسريب الشرائط المصورة، توظيفها لغايات سياسية وضرب الاستقرار في طرابلس وغيرها من المناطق، فقد كان لافتاً للانتباه دخول حزب الله مجدداً على الخط، من خلال مواقف أطلقتها كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الدوري في حارة حريك، حيث شددت على «ضرورة التحقيق الجاد في تلك التجاوزات لمعرفة المتورطين فيها والمسؤولين عنها والمسربين لافلامها»، داعية إلى «التنبه من عواقب ردود الفعل المتفلتة، وإلى الحذر من لعبة الشارع وإثارة غرائز الجمهور لإسقاط منطق القانون والعدالة المرتجاة».
ودانت الكتلة ما وصفته بـ«المواقف الانتهازية الرخيصة التي تذرعت بإدانة التجاوزات لتحرض طائفيا ومذهبياً وتلوح بخيارات تقسيم البلاد أو التفرد في حكمها، وهي خيارات تستعيد منطق الحرب الأهلية وشعاراتها قبل اتفاق الطائف.
وسبق بيان الكتلة مواقف أخرى للوزير فنيش الذي أدان بعد زيارة الرئيس سلام في السراي الممارسات المشينة في حق بعض المساجين، مطالباً بأن يصل التحقيق إلى معرفة من الذي سرب الشريط، ومن أراد توظيف واستغلال هذا الحادث لغايات تدخل البلاد في أجواء من الفوضى وتوفر المناخ الملائم للاتجاهات المتطرفة، للعودة مجدداً إلى إثارة العصبيات والعبث بأمن المواطنين والمناطق».
إلى ذلك، أفادت قناة «المنار» ان حزب الله والجيش السوري دخلا معبر شحاده ي جرد الجراجير في القلمون وسيطروا بالنار على معبر وادي المغارة، بعد اشتباكات بالاسلحة الرشاشة والصاروخية مع مسلحي المعارضة السورية.
وبثت القناة مشاهد لهذا المعبر الذي تكمن أهميته بأنه يتصل بمعبر الزبداني ومنه إلى قلعة الحصن في جرود عرسال.