تعززت فرص الهدنة الإنسانية في اليمن بعد ستة أسابيع من الغارات الجوية للتحالف العسكري بقيادة السعودية، إذ أعلنت جماعة الحوثي أمس الأحد قبولها هدنة إنسانية مدتها 5 أيام اقترحتها الرياض عقب المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، قبل أيام في العاصمة السعودية الرياض مع نظيره السعودي خالد الجبير. والهدنه تخضع لشروط محددة، أبرزها عدم استغلال المتمردين للهدنة لأغراض عسكرية.

وقال العميد شرف لقمان، الناطق باسم القوات العسكرية المتمردة والمتحالفة مع الحوثيين، في بيان أمس، إنهم موافقون على الهدنة التي جاءت في ضوء جهود «بعض الدول الشقيقة والصديقة»، وأضاف أنه من الضروري «العمل على فك الحصار عن الشعب اليمني والسماح للسفن التجارية والمواد الغذائية والدوائية والمشتقات النفطية العالقة في البحر بالوصول إلى اليمن والسماح للمنظمات الإنسانية وكل من يريد مساعدة اليمن في توفير كل ما يحتاج إليه الشعب سواء في إطار هدنة إنسانية أو في فتح ممرات دائمة للأمم المتحدة والمنظمات العاملة في هذا الجانب».

وأبدى الحوثيون خضوعهم وتعاطيهم مع جهود «رفع المعاناة» عن الشعب اليمني بعد استهداف معسكراتهم ومقراتهم، وفق ما نقلته فضائية «المسيرة» التابعة لهم، فيما وافق حلفاؤهم والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح على الهدنة التي ستؤدي إلى تعليق الضربات الجوية المستمرة منذ 26 مارس (آذار) الماضي بهدف إعادة الشرعية للشعب اليمني وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وستسمح الهدنة بوصول الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاج إليها اليمن بشكل كبير. ويأتي ذلك بعد ساعات على قصف طائرات التحالف منزل الرئيس السابق في صنعاء بعد ليلة ثانية من الضربات المكثفة على مواقع الحوثيين في معقلهم الرئيسي في صعدة في شمال البلاد.

ومن جهته وجه صالح أمس الأحد دعوة إلى كل القوى السياسية للعودة إلى طاولة الحوار عقب استهداف منزله الكائن في شارع صخر. وطالب علي صالح، في منشور عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، بالبحث عن حل للأزمة، داعيا إلى «حل الخلافات بالحوار». وعلى الرغم من تخليه عن السلطة في فبراير (شباط) 2012 إثر سنة من المظاهرات الدامية ضد حكمه، يتمتع صالح بتأثير على القوات المسلحة، وهو متهم بتسهيل سيطرة الحوثيين على صنعاء وأنحاء أخرى من اليمن خلال 2014 و2015. وكان مجلس الأمن الدولي فرض عقوبات على صالح وابنه بسبب دعمهما للمتمردين وتقويض المرحلة الانتقالية منذ تخليه عن السلطة.

وقبول الحوثيين للهدنة يأتي في وقت نفذت فيه قوات سعودية ضربات جوية وأطلقت نيران مدفعية وعشرين صاروخا على الأقل على محافظة صعدة معقل الحوثيين على حدود السعودية الجنوبية.

وأعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن الهدنة الإنسانية الجمعة الماضي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي جون كيري في باريس الجمعة، أكد الجبير أن «الهدنة ستنتهي في حال لم يلتزم الحوثيون وحلفاؤهم بالاتفاق».

أما كيري فشدد على أن الهدنة ستبدأ الثلاثاء «شرط أن يوافق الحوثيون على عدم حصول أي قصف أو إطلاق نار أو تحرك للقوات أو مناورات لإعادة التمركز، أو أي نقل للأسلحة الثقيلة». وأكد أنه «التزام قابل للتجديد»، وفي حال صموده فإنه «يفتح الباب أمام احتمال تمديده».وكانت اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه الرئيس المخلوع صالح، أصدرت بيانا السبت رحبت فيه بالهدنة على اعتبار أن «من شانها التخفيف من أعباء الشعب اليمني».

ومن جانبه حذر المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العميد الركن أحمد عسيري ميليشيا الحوثي إن لم يتجاوبوا مع الهدنة التي من المقرر أن تبدأ غدا الثلاثاء فإنها ستعتبر لاغية. وقال عسيري في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن ميليشيات جماعة الحوثي تمنع المدنيين في محافظة صعدة من الخروج من منازلهم وإخلاء المناطق السكنية حول مخازن الأسلحة ومقرات القيادة. وجدد عسيري دعوته لليمنيين بمغادرة صعدة بشكل عام ومنطقة «مران» بشكل خاص «كونهما أصبحتا هدفا عسكريا للقصف من قبل طيران التحالف». إلا أن العسيري قال إن «ميليشيات الحوثي تسعى لاستخدام المدنيين دروعا بشرية».

وفي سياق متصل، قال المجلس السياسي للحوثيين إنهم سيتعاطون إيجابيا مع «أي جهود أو دعوات أو خطوات إيجابية وجادة من شأنها رفع تلك المعاناة والسماح للمساعدات والإمدادات والسفن بالتحرك بسلاسة من وإلى اليمن وبما يمكن من توفير متطلبات الشعب اليمني من غذاء ودواء ومشتقات نفطية ومستلزمات إصلاح خطوط الطاقة وشبكات الاتصالات وغيرها».