إنّ العقيدة تفرض عليك أن تحمل في ذهنك بعض الأفكار من دون أن توجب عليك أعمالاً أو تنهاك عن أفعال ، إلاً أن الشريعة هي التي تفرض عليك أن تقوم بأعمال وتنهاك عن أفعال وعلى سبيل المثال لا الحصر إن الشريعة هي التي تفرض على المسلم أن يتعامل مع غير المسلم على أساس أنه نجس كالكلب والخنزير، كما يعتقد فقهاء الشيعة والسنة معاً ؟! وهذا الحكم الشرعي الفقهي هو الذي يفرض على المسلم أن يتعاطى مع غير المسلم بمشاعر عدائية وإن الشريعة وليس العقيدة هي التي أوجبت على المسلمين الجهاد ضد غير المسلمين فإن كانوا يهوداً أو مسيحيين فحتى يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، وإن كانوا غير يهود ولا مسيحيين فيجب قتالهم حتى يدخلوا في الإسلام أو القتل ولا خيار ثالث أمامهم ، والشريعة وليس العقيدة هي التي قسمت العالم إلى دارين إلى دار إسلام وإلى دار كفر وأوجبت على المسلمين قتال الكفار حتى يدخلوا في الإسلام ومع العجز وانعدام القدرة على الجهاد عليهم بالمهادنة إلى أجل محدود ؟! والشريعة وليس العقيدة هي التي حرمت الرسم ، والموسيقى ، والغناء ، وأباحت لولي أمر الطفلة أن يزوجها من رجل مهما بلغ سنه لكي يتمتع بها جنسيا من دون أن يفض بكارتها ؟!؟!؟! والشريعة وليس العقيدة هي التي أوجبت على المسلم ان يدفع 10 بالمئة من أرباح تجارته مرة كل سنة للفقراء المنحدرين من عِرقٍ هاشمي ؟! و10بالمئة للفقراء المنحدرين من عرق غير هاشمي؟! علماً أن عدد الهاشميين على وجه الأرض هو ليس بشيء مقارنة بعدد غير الهاشميين ؟!؟! إنه التمييز العرقي بالحقوق باسم الشريعة ؟!؟!؟! وهو المُسمى عند الفقهاء بالخمس ؟!؟! وإن الشريعة بلسان فقهائها هي التي تقول للمسلم إن كل عباداتك باطلة وكل معاملاتك فاسدة إن لم تكن مقلداً لفقيه من فقهاء الشريعة ولن تُحْرز رضا الله من دون معرفة فتاوى الفقهاء وتطبيقها ؟! إن فقهاء الشريعة وليس علماء العقيدة هم الذين يتحكمون بمصير المسلمين ثقافيا ودينياً منذ قرون وما زالوا حتى يومنا هذا ولا نبالغ مطلقا إن قلنا إنَّ باب الإجتهاد قد تم فتحه على يد بعض الفقهاء المعاصرين والأحزاب الإسلامية المعاصرة لكن هذا الباب لم يُفْتَح لأجل التقدم نحو الأمام نحو الأفضل نحو الحداثة بل فُتِح للإرتداد به نحو الخلف نحو الماضي باسم العودة إلى التراث المقدس للعودة إلى الفقيه ابن تيمية السني وإلى الشيخ المفيد الفقيه الشيعي حيث كان عصرهما عصر الإنحطاط بالحروب المذهبية والنزاعات الطائفيةالتي تركت وراءها إرثا ضخماً من العداوة المذهبية والبغض الطائفي ؟! لقد تم فتح باب الاجتهاد لكي يُعيد فقهاء الشريعة الشعوب المسلمة إلى التراث أي إلى الماضي إلى الوراء بكل ما في هذا التراث من فتاوى ومفاهيم يستحيل معها أن نبني دولة الحداثة التي تقوم على مبادىء حقوق الإنسان على الحرية السياسية والحرية الفكرية وتداول السلطة وعلى العدالة الإجتماعية ، إنَّ 99 بالمئة من أزمتنا في الفكر الديني هي مع الفقهاء فقهاء الشريعة وليس مع علماء العقيدة مهما حمل علماء العقيدة من خرافات وأساطير لأنها تبقى مفاهيم ذهنية تستوطن الدماغ لكنها لا تأمر بفعل شيء ولا تنهى عن فعل شيء على خلاف حال الشريعة

 

 

بقلم:الشيخ احمد عارف