من حارات طرابلس اللبنانية المظلومة منذ زمن، يخرج شابٌ يدعى (تشارلي حداد مواليد 1991) من منزله متجهاً إلى تركيا بغرض زيارة صديق أو للترويح عن نفسه، وبعدها تغيب أخباره عن أسرته المسيحية المتواجدة في حي الزاهرية، أو بالأحرى المتواجدة في خط "التوتر اللبناني" بين مؤيدي النظام السوري من العلويين ومعارضيه من المسلمين والمسيحيين.

تقول رواية الإعلام اللبناني أن " تشارلي غادر لبنان في العاشر من أيلول 14، وتوجه إلى تركيا في إجازة، لكنه لم يعد بعدما كان قد أكد لعائلته أنه سيعود إلى لبنان في بداية شهر تشرين الأول 14 أي بعد عشرين يوماً من مغادرته الأراضي اللبنانية "..

المفاجأة، حينما خرجت القنوات اللبنانية لتقول أن (تشارلي) انضم إلى تنظيم داعش، لكنها احتارت بتحديد مصيره، فرجحت إما أن يكون فجًّر نفسه في العراق، وبين أنه انضم إلى مقاتلي داعش فقط، ورأي ثالث خافت يقول أنه وقع ضحية "تجار الأعضاء البشرية".

(تشارلي) هو الاسم المسيحي الثاني بعد الشاب المسيحي الطرابلسي أيضاً( إيلي وراق)، الذي واجه نفس الاتهام، بعدما أعلنت أجهزة الأمن اللبناني في بيان مطلع العام الحالي أنها أوقفته إلى جانب كل من بسام حسام النابوش والسوري مهند علي عبد القادر، بتهمة التحضير لتنفيذ عمليات انتحارية.

يردد الإعلام اللبناني: "التكفيريون تمكنوا من غسل دماغ (إيلي) وإقناعه بالانضمام إليهم والقتال إلى جانبهم وصولاً إلى تفجير نفسه"، ثم يتعجب - أي الإعلام اللبناني- من حجم الإمكانات التي باتت تمتلكها تل المجموعات في إقناع الشباب في مبايعتها والانتماء إليها حتى أنها استطاع اختراق الطوائف الأخرى.

لايتخلى الإعلام اللبناني أيضاً عن الخطاب الذي يقول أن داعش نسفت صيغة العيش الواحد ( وكأن طوائف لبنان كانت موحدة قبل ظهور داعش.. أو أن صيغة العيش المشترك التي يقصدها الإعلام اللبناني الآن ليس له اي علاقة بالفشل في انتخاب رئيس جمهورية حتى الآن!!)، ويزيد "طين اتهامات الإعلام بلة" عندما يبرىء نفسه من تعاطيه مع الموضوع من مبدأ طائفي ، كأن يقول ". ليست القضية بأنّ شخصين من الطائفة المسيحية بدّلا دينَهما، ولمَن لا يعلم فإنّ من عادة أهل طرابلس تغيير المذهب لضرورة الزواج أو الطلاق أو نتيجة حالات خاصة، والمجتمع المحَلّي غالباً ما يتجاوز ذلك، إلّا أنّ الحرَج الذي سبَّبه شارلي حدّاد وجورج ديبة لذويهما يَكمن في أنّهما انطلقا إلى رحلة التطرّف والإرهاب في دولة «داعش» المزعومة في سوريا أو العراق".

لاتجزم وسائل الإعلام أن (تشارلي)و(إيلي) قد أشهرا الإسلام أم لا، لكنها تدلل دائماً على أنهما اتبعا طريق " رفاق السوء" في طرابلس التي يُنظر إليها من فئات عديدة من المجتمع اللبناني، وخصوصا تلك التي تؤيد النظام السوري، نظرة دونية مقرونة بالتطرف والإرهاب.

( تشارلي ) و( إيلي) ومؤخراً ( جورج ديبة) انضموا إلى داعش ، أو أٌشيع ذلك، أو أن خيوط لعبة سياسية تستخدم أسمائهم، كل هذا يترافق مع انتشار كبير للاشاعات عن اعتناق عدد من الشبان المسيحيين، الاسلام، وانتقالهم من تركيا الى سوريا، وسط غياب تام للإعلام اللبناني عن تسليط الضوء في أن مسيحيي طرابلس يقفون وقفةً واحد مع مسلميها في مواجهة " التحرشات العلوية " أو " ازدوجية الجيش اللبناني " في تعامله مع المناطق اللبنانية ، حيث أنه يعجز أن ينتزع صورةً واحدة لزعيم حالش " حسن نصر الله" في الضاحية، بينما ينصب حواجز في عموم طرابلس السنية. 

مسيحيو طرابلس هل انضموا إلى داعش ..؟ أم أنهم اتهموا بالتطرف لأن فكرهم السياسي لايتناسب مع الخط السياسي الحالي للجيش اللبناني وأجهزة الأمن هناك، ومليشيا حزب الله والتيارات المسيحية الموالية للأسد كالتيار الوطني!
سؤالٌ لابد من طرحه حالياً ، سيما أن مفهوم التطرف بات يضم الكثير من المعاني والعنواين المتناقضة، فالمبدأ العام بات " إن لم تكن معي فأنت داعشي حتى ولو كنت مسيحي" ربما على المبدأ الذي انتهجه حافظ الأسد في حربه مع الإخوان المسلمين ثمانينات القرن المنصرم " إن لم تكن معي .. فأنت إخونجي " وهو ماحصل مع الأديب السوري " مصطفى خليفة" الذي قضى سنوات في سجن تدمر بتهمة انتمائه للإخوان المسلمين، علماً أنه من مسيحيي مدينة حماة.     المصدر: اورينت نت