لم يخف نائب الرئيس السوري السابق عبدالحليم خدام، أنه كان على علم بنية النظام السوري الحالي اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، وأنه قد غادر إلى لبنان خصيصا لإبلاغ الحريري بأن الأسد ينوي اغتياله.


وفي حوار أجرته “الوطن” مع نائب الرئيس السوري المنشق عن نظام الأسد “الابن” من مقر إقامته في العاصمة الفرنسية باريس، طالب أن تجتمع مصالح العرب، ليكون شأنهم أقوى في العالم، رافضا في الوقت ذاته تسمية “داعش” بالمقاومة، ووصفها بـ”منظمة القتل”.


وعدّ خدام أن إسقاط إيران في سوريا هو قطع لرأس الأفعى، وأن حزب الله لن يمكث في لبنان بعد سقوطه في الداخل السوري أكثر من شهرين. كل ذلك وغيره من تفاصيل في اللقاء، فإلى الحوار:


كنت أحد مَن سُمعت أقوالهم في اغتيال الرئيس اللبناني رفيق الحريري، بماذا انتهى ذلك الملف؟


لم يتم استدعائي وإنما حضر المحققون إلى هنا في باريس، وذكرت لهم حقيقة الاغتيال ومن يقف وراءه.


وما تلك الحقائق التي ذكرتها؟


أحد الأدلة والحقائق هي أننا كنا مجتمعين في مقر الحزب في سوريا قبل مقتل الحريري بأسبوعين، وكان بشار الأسد يكره رفيق الحريري بشكل كبير، وأثناء الاجتماع تحدث بشار بأن الحريري عميل لفرنسا وأميركا وأن بقاءه يشكل خطرا على لبنان وسوريا، ومنذ تلك اللحظة تأكدت أن هناك مؤامرة لتصفيته، اتجهت بعد ذلك إلى لبنان والتقيت الحريري سرا في منزله وتناولت معه وجبة غداء، وأبلغته أن النظام السوري يهدف إلى تصفيته وطلبت منه مغادرة لبنان فورا فقال لي الحريري “ولكن ماهر الأسد طلب استضافتي” أجبته بأن هذه مجرد تطمينات، ولكن لم يقتنع وبعد لقائي به بأسبوع تم اغتياله.


هل تم الجلوس مع بشار الأسد والتحقيق معه؟


جاء إليه محقق واحد وجلس معه بعض الوقت وتم سؤاله بعض الأسئلة الشكلية وغادر فورا، لأنه كان خائفا أن يتم إغتياله.


هل كانت هناك بوادر أزمة سياسيه قبل رحيلك من سوريا؟


منذ عام 2006 أي قبل الثورة بخمس سنوات تنبأت بأن البلد سيمر بأزمة، وأبلغت الدول العربية الكبرى ودول العالم أن الشعب السوري إذا لم يتم الالتفات إليه سيكون يوما من الأيام ملاذا لكل المتطرفين من بقاع العالم، ولم يقتنع أحد بكلامي وفي كل مقابلة كنت أكرر مثل هذا الأمر ولكن دون جدوى.


هل ما يجري في سورية مقاومة حقيقيه أم فصائل عسكرية ذات أهداف سياسية؟


أقولها صريحا، إن الفصائل التي تتحدث باسم المعارضة تتحمل مسؤولية كبيرة، لأنهم أرادوا مقاتلة نظام الأسد الفاسد وهم متفرقون، وهو يواجههم متحدا مع روسيا وإيران وحزب الله، لذلك أي شعب يحارب العدوان وهو متفرق لن يستطيع تحقيق أهدافه، وهناك تنازع بين بعض الفصائل للأسف، وأحد أسباب ذلك التنازع هو المساعدات التي كانت تصل من دول إلى فصائل معينة دون أخرى.


لكنك لم تجب عن سؤالي، هل تلك الفصائل لها أهداف سياسية أم أنها فصائل مقاتلة فقط؟


هل ترى أن الحركات المسلحة مثل “داعش” أجهضت المقاومة السورية؟


“داعش” منظمة تمارس القتل للقتل فقط والتدمير تحت غطاء لا علاقة للإسلام به. هي تشكل خطرا حقيقيا على الدول العربية جميعا، كان يمكن السيطرة عليها من جهة عدم السماح بنشأتها لو حسنت تلك الدول ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لأن التطرف لا يأتي من السماء، ولكن تعيش هذه الجماعات وتبيد الشعوب لأنها تسللت وسط ظروف أمنية سيئة في سورية والعراق.


هل تؤمن أنها صناعة استخباراتية بشكل أكبر؟


قبل الإجابة هناك تساؤل: من أين تأتي هذه الأسلحة التي يملكونها؟ هناك تأكيدات أنها تابعة لدولة أو دول هدفها زعزعة أمن المنطقة.


هناك تذمر عربي وخليجي من تدخلات إيران في شؤون الدول الداخلية. كيف ترى مثل هذا الاتهام؟


إيران للأسف لم يأخذها العرب على محمل الجد بأنها دولة لها استراتيجية وأهداف كبرى. إيران تقدم نفسها على أنها الدولة الكبرى التي يجب أن تقود المنطقة، وبالتالي إيران في مطلع الثورة الإسلامية الإيراينة كان هدف الخميني قيام نظام إسلامي دولي في العالم تقوده إيران، ولكن هذا الهدف فشل بعد حرب العراق وإيران.


تغير توجهها بعد ذلك إلى الاعتماد على أمرين هما: إثارة العصبية المذهبية للشيعة في دول المنطقة، وجعل انتماءهم لـ”قم” كتوجه ديني، لأن استخدام الدين كوسيلة ليس له دواء. والأمر الثاني هو تركيز الجهد على تقوية استخدام العلم، وبذلك استطاعت بمساعدة روسيا أن تنتج جميع أنواع الأسلحة.


والحل الوحيد ليس في مواجهة إيران مباشرة عسكريا، لكن بمساعدة الشعب السوري في مواجهتها، لأن إيران إذا سقطت في سوريا ستسقط مباشرة في لبنان والعراق، ولن يبقى حزب الله بعد ذلك أكثر من شهرين متتاليين، وستنحصر ضمن حدودها الإقليمية وتواجه صعوباتها الداخلية، وبذلك يكون قد تم قطع رأس الأفعى.


ولكن السياسة الإيرانية تختلف من رئيس لآخر، فقد يأتي رئيس متصالح مع دول المنطقة ومن يخلفه يأتي بهدف التأجيج؟


هذه سياسة إيرانيه قديمة، فالرؤساء يأتي الأول ليمد يده، والذي بعده يمد خنجرا، ويتحدثون في اجتماعاتهم مع دول الجوار عن أهمية الأمن، ومع هذا عملهم يختلف تماما على أرض الواقع.


أحمد الجربا هل تراه مستقبلا للسياسة السورية؟


لا أعتقد أنه الشخص المناسب في الفترة المقبلة إن أُسقط الأسد، لأن السياسة ليست بهذه السهولة. البلاد تحتاج إلى أكفأ منه، وكذلك هو لم يقم بواجبه الوطني يوم أن كان في الائتلاف السوري، وأرى أن الحل هو عقد مؤتمر وطني سوري برعاية دولة كبرى مثل السعودية، يكون مؤتمرا مدعوما من جميع دول المنطقة، ويتم ترشيح شخصية متفق عليها من جميع الأطياف السورية. ولدى المملكة وزير خارجية مُحنك. فالأمير سعود صديق حميم ذكي جدا، لعب دورا كبيرا في رسم سياسات المنطقة العربية، وله تأثير في القرار الدولي، وله موقف لن أنساه ما حييت بخصوص القضية الفلسطينية، فقد كانت مواقفه في الأمم المتحدة مدافعا عن فلسطين أكبر من دور الممثل الفلسطيني آنذاك، وأنا معجب بأدب الفيصل ومصداقيته، ومن هنا يمكن أن تكون فكرة رعاية الرياض لمؤتمر كما ذكرت الدور الكبير.


على مدى عملك في المجال السياسي هل مرت علاقة السعودية وسوريا بتوتر كما هي الآن؟


في الحقيقة منذ أن كنت وزيرا للخارجية في عهد حافظ الأسد، كانت العلاقات مميزة، ولكن بدأ التوتر منذ تولي بشار الأسد مقاليد الحكم، وهو لم يكن شخصا مؤهلا سياسيا، وتم اصطياده من إيران وأخذوه في صفهم، وفرضت عليه السياسة الإيرانية ألا يمد يده إلى الدول العربية، وأن يخرج بتصريحات مسيئة لتلك الدول.


أنا أعدّ السعودية الدولة التي بيدها مساعدة جميع الشعوب العربية وبالتالي الإساءة لها أمر مرفوض.


كثر الحديث عن مؤتمر جنيف ونتائجه كيف ترى ما تم اتخاذه من قرارات؟


مؤتمر جنيف عقّد الأمور ولم يحلها، وبعض قراراته كأنها تريد أن يكون هناك انقلاب عسكري عبر أحد ضباط الجيش ليحكم البلاد وسيكون سيناريو مشابها لبشار الأسد.


في الخليج هناك مقترح سعودي من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز لإقامة اتحاد خليجي هل تتوقع نجاحه؟


أفضل قرارات الدول الخليجية أخيرا هو مصالحة الملك عبدالله لدول الخليج، واستضافته لتلك الدول واتفاقهم مع بعضهم بعضا، لأن مصيرهم واحد، ولا شك أن إقامة الاتحاد خطوة مهمة ومتقدمة ونتمنى أن تتم، وتتبعه الدول العربية الأخرى بمشاريع مشابهة.


التقارب الأميركي الإيراني في الفترة الأخيرة، ما آثاره على دول المنطقة؟


في وجهة نظري، أن أميركا أخطأت خطأ كبيرا بقدر حجمها كدولة عظمى، لأن اتفاقها مع إيران لن يجدي، والسبب أن إيران لن تقدم شيئا يخدم السياسات الأميركية، وهي تلعب على وتر القنبلة النووية الذي ليس موجودا أساسا لتستفيد أكبر وقت ممكن، فالهند وباكستان تملكان القنبلة النووية، ولم يتم استخدامها في صراعاتهما، وإيران لو هددت بالقنبلة النووية ستسقط على رأسها 200 قنبلة نووية تمحوها من الخريطة.
 

  المصدر : الوطن السعودية