الجامعة اللبنانية على موعد مع أزمة جديدة. لم يخف وزير التربية الياس بو صعب هذا الأمر، اذ أطلق ما يشبه "الصرخة التحذيرية" في مجلس الوزراء أمس. لم تعرف بعد حيثيّات هذه الأزمة التي تترافق مع تعيينات مديري كليات الجامعة في المناطق. الا أن المعلومات تتحدث عن سلسلة مشاكل بدأت تضرب الجامعة، لعل أبرزها سوء العلاقة بين رئيس الجامعة عدنان السيد حسين ومجلس الجامعة الذي جرى تعيينه مؤخرًا، بسبب الخلاف حول كيفية إدارة جلسات المجلس، وكيفية وضع جدول الأعمال.

 

يؤكد عميد كلية العلوم الإقتصادية وادارة الأعمال الدكتور غسان شلوق أنه ليس على بيّنة من الخلافات الحاصلة في مجلس الجامعة، لكنه يقرّ في حديث لـ "لبنان24" أن هذا المجلس الذي كان مغيّبًا لاكثر من 11 عامًا بسبب التدخلات السياسية، بحاجة اليوم الى "روداج" كي ينطلق بعمله المبني على معايير أكاديمية بعيدًا من أي حسابات أخرى.

 

ويأسف شلوق لدخول السياسة والطائفية في العمل الأكاديمي، مشيرًا الى أن ما يحصل في طرابلس مؤلم: "لا خلل في تعيين الدكتور انطوان طنوس مديرًا للكلية، لأن التعيين تمّ بناء على القانون 66، اذ تمّ ترشيحه من قبل مجلسي الفرع والوحدة واختاره رئيس الجامعة وفق صلاحياته". يعتبر شلوق أن أبعاد الأعتراض تتخطى ربما مسألة التوزيع الطائفي الى قضايا اخرى، يأسف أن تصيب الجامعة اللبنانية، المؤسسة التربوية الاولى في لبنان، وتدمرها.

 

وينصّ القانون 66 على أن يرفع مجلس الفرع إلى مجلس الوحدة خمسة أسماء يتم انتخابهم من بين المرشحين. ويعمد بعدها مجلس الوحدة الى رفع ثلاثة أسماء إلى رئيس الجامعة الذي بدوره يختار اسم مدير للفرع من بين الأسماء الثلاثة.

 

وكان طلاب كلية إدارة الأعمال في الجامعة اللبنانية - الفرع الثالث، في طرابلس، قد أقفلوا  أبواب الكلية، احتجاجًا على تعيين انطوان طنوس مديرًا للكلية، معلنين ابقاء اعتصامهم مفتوحًا حتى إلغاء قرار تعيينه.

 

وأفاد الطلاب أن هذا التعيين يخرق التوازنات الطائفية، لكن بعضهم عبّر عن رفضه هذا التعيين ليس لأسباب تتعلق بطائفة طنوس، بل "لمشكلة في شخص طنوس الذي أطلق تصريحات طائفية لا تتناسب مع نسيج المدينة". ورأى البعض أنه لا يتمتع بالأهلية الإدارية ويستعمل لغة مستفزة، وهو يخرق منذ تفرغه في الجامعة اللبنانية قانون التفرغ ويدرس في جامعات خاصة عدة.

 

في موازاة ذلك، يعتبر عميد كلية الاعلام الدكتور جورج صدقة أن "موضوع التعيينات حمّل اكثر مما يحتمل". واذ يرى في حديث عبر "لبنان24" أن المشكلة ظهرت في فرع أو فرعين من أصل خمسين"، يؤكد أن "الاعتراضات قد تظهر لكن هذا لا يعني أن الجامعة واقعة في أزمة". ويعتبر أن رئيس الجامعة ابدى حرصًا شديدًا في ملف التعيينات، آخذًا بالإعتبار الى جانب المهنية، مبدأ التوازن الطائفي والسياسي، "ففي النهاية، ليست الجامعة اللبناينة الا صورة عن  هذا الوطن".

 

مجلس الجامعة: أين المشكلة؟

اذا كان الوزير بو صعب قد أكد أن لا تدخلات سياسية في مجلس الجامعة وأن الخلافات هي بين العمداء أنفسهم، فإن معلومات  خاصة بـ "لبنان 24" تفيد بأن الوزير بات يتلقى مؤخرًا شكاوى يومية عن خلافات تدور حول طريقة عمل المجلس، الذي يعتبره بو صعب من ناحيته، بحاجة الى مزيد من الوقت كي يتأقلم مع طبيعة العمل الجماعي.

 

وتقول المعلومات إن مجمل الملفات الخلافية تحال الى التصويت، وهنا تتشكل الكتل السياسية،  وتصبّ النتيجة في مصلحة "السلطة النافذة"، ما يشعر البعض بنوع من الاحباط والغبن.

 

غير أن للدكتور صدقة رأي آخر، فيقول: "اتحدى أن يكون هناك ملف أحيل الى التصويت. هذا المجلس يضمّ 37 عضوًا اضافة الى الرئيس، ومن الطبيعي أن تحصل بعض النقاشات والاعتراضات. الا أن المشكلة الحقيقية تكمن في غياب آلية عمل هذا المجلس، اذ لا يعقل أن نمضي ثلاث ساعات في مناقشة ملف منجز، عوض دراسة ملفات أكثر حيوية وأهمية بالنسبة للجامعة". يرى صدقة أن المجلس يجب أن يلعب دور المخطط الاستراتيجي بما يخدم مصلحة الجامعة العليا.

 

وما زاد الطين بلّة، التأخير في دفع رواتب الأساتذة مؤخرًا، اذ تأخر رئيس الجامعة في التوقيع على التحويل، فتوالى التأخير من وزارة التربية مرورًا بديوان المحاسبة ووزارة المالية. الا أنه وبحسب المعلومات قد وجد طريقه الى الحلّ، وينتظر أن تدفع الرواتب قريبًا.

 

ملف التعيينات هو الآخر كان موضع تجاذب في المجلس، علمًا أن لا دخل للأخير فيه ولا حتى لسلطة الوصاية أي وزارة التربية، بل أن ما يحكمه هو القانون 66.

 

ولكن على ما يبدو، فإن الوزير بو صعب ممتعض من هذه المناوشات التي لا تأخذ الوزارة علمًا بها في كثير من الاحيان. من هنا، أعلن بو صعب العمل على حلّ المشكلة، اما إذا تعذر ذلك فالقضية ستطرح على مجلس الوزراء.

 

المصدر: لبنان 24