منذ أكثر من شهرين، أوعز وزير الصحة وائل أبو فاعور في خضم حملته العاصفة حول السلامة الغذائية، بإقفال اكثر من 97 مركزاً تجميلياً يفتقد شروط السلامة بعد سلسلة اخطاء فاضحة شوهت مرضى لجأوا الى هذه المراكز بهدف "التجميل"، ولكن خرجوا منها ضحايا لن تنفعهم مئات العمليات التجميلية. فاعتبر هؤلاء ان وزارة الصحة أخيراً ستأخذ بالثأر وتحد من فوضى تلك المراكز المتمترسة بفعل المحسوبيات والاتفاقيات السرية مع من تطال يده لإخراج المخالف كـ"شعرة من العجينة".

 

ولكن لم تنجح توقعاتهم حتى اليوم. فالشوارع لا تزال تغص بإعلانات المراكز التي طبعت اسماءها على اللائحة "الأبوفاعورية" السوداء، لا بل لوحظ أن كمية الاعلانات تضاعفت بعد الفضيحة، وكأن المنافسة المهنية بين المراكز تحولت الى مواجهة بينهم وبين وزارة الصحة ووزيرها.

 

كذلك لا تزال هذه المراكز تعمل بشكل طبيعي، متباهية بذلك امام المعنيين والرأي العام بحجة انها تساوي وضعها، في ظل غياب شبه تام لهذا الموضوع في مؤتمرات وزير الصحة، الذي اكتفى بملاحقتة في مؤتمر واحد فقط، حيث اصدر قراراً يقضي بإقفال الفروع التالية في صيدا: مركز جاين نصار في الهلالية، مركز Seif Beauty Clinic -، ومركز Silkor. واصدر هذا القرار لعدم تنفيذها شروط العمل وإتمام التراخيص، ولعدم تواجد أطباء اختصاصيين متفرغين فيها فستقفل لمدة أسبوعين قابلة للتجديد.

 

فما الذي تغير حتى اكتفى الوزير بإقفال بعض الفروع فقط؟ ولماذا ساد الهدوء بعد صدور قرار الاقفال الأول، الذي لم ينفذ، والذي واجهه اصحاب المراكز بعناد واضح؟ ولماذا لم يطلع أبو فاعور المواطنين على المستجدات كما تعاطى في ملف السلامة الغذائية، في وقت ينتظر المتضررون استرجاع حقهم؟ فهل استطاعت ان تتغلب نفوذ اصحاب المراكز على سلطة القانون؟

 

ماذا يقول أصحاب المراكز؟

السيدة اليز سركيس المديرة العامة لمركز "Seif Beauty Clinic" اكدت انهم يجهلون سبب ادراج اسمهم في لائحة ابو فاعور، مشددة على ان "المركز غير مخالف في كافة مراكزه حتى في صيدا"، فأصرت في حديث لـ"لبنان24" على انه مطابق للقانون. واتهمت بعض وسائل الاعلام بتشويه صورة المركز وتأليف الاشاعات حوله، مؤكدة ان "المركز لم يرتكب اي خطأ مع أي مريضة والحالات التي تعرض على الشاشات مجرد "فبركات"".

 

وأضافت: "نطالب كل من يتهم مركزنا بتشويهه بأن يظهر مكشوفاً في الإعلام، معلناً عن اسمه". كذلك طالبت ابو فاعور بإقفال المراكز الصغيرة، واصفةً اياها بالدكاكين. وعن مدى تأثرهم بهذه الحملة، رأت أن المركز تأثر ولكن بشكل أقل مما يحاول البعض اظهاره في الإعلام. فالمرضى لديهم الثقة الكاملة، خصوصاً وان "Seif Beauty Clinic" من أقدم مراكز التجميل في لبنان، تضيف سركيس.

 

أبو فاعور "يبق البحصة"

بدوره أبو فاعور، وإثر لقائه في احدى الندوات المعالجة لموضوع الفساد الغذائي، أكد لـ"لبنان24" ان الوزارة تتابع ملف التجميل وانها اقفلت حتى اليوم 60% منها، لافتاً الى رفض بعض المراكز قرار الاقفال في البداية الا انها رضخت للامر الواقع. واوضح ان قسماً كبيراً من المخالفين يعملون لترتيب اوضاعهم وقد بلغ عدد المستوفين للشروط 47 مركزاً.

 

وعن سؤاله عن سبب عدم اعلان هذه الاسماء في مؤتمرٍ صحافي، اكد ان الوزارة تنهي بعض الاجراءات قبل الاعلان عن تلك الاسماء قريباً. وواعرب ابو فاعور عن اسفه لتدخل المحسوبيات في كل المشاكل فتعرقل الدولة للقيام بواجبها، مستهزئاً من هذه الحالة بجملة: "جاين نصار اقوى من الحكومة"، مشدداً على "عدم الرضوخ والاستسلام امام هذه الفوضى لأن هذا الأمر سينكسر في النهاية اذا استمرت الوزارات المعنية بعملها".

 

يبدو أن حملة أبو فاعور ستسجل أول خسارة لها في مكافحتها فوضى مراكز تجميل وعشوائية عملها وخطورتها على حياة روادها، حيث يخيم الغموض وعدم تعاطي المراكز بجدية مع هذه الاجراءات، في وقت كان ينتظر المواطن نتائج شبيهة بنتائج سلامة الغذاء، تحصل حقوقه في انتظار قانون واضح ينظم هذا القطاع.

 

("لبنان 24")