عزلت السلطات اللبنانية "السجناء الخطرين" في سجن رومية المركزي عن العالم الخارجي، وأنهت أي فرصة للتواصل مع متشددين خارج السجن، عبر إجراءات جديدة اتخذت في المبنى "د" الذي نقل إليه السجناء و"الموقوفون المتشددون"، مما ينفي أي إمكانية لتجدد واقع فرضه السجناء منذ حالة تمرد في عام 2011 وحولوا على أثره السجن إلى مقر لتنسيق عمليات تخريبية.

 

واتبعت قوى الأمن الداخلي في إدارة السجن استراتيجية جديدة في توزيع السجناء وفصلهم، لمنع تكرار الحالة التي فرضها السجناء في السابق، وتمثلت في حصولهم على تسهيلات وأجهزة اتصال وغيرها.

 

وقالت مصادر مطلعة على الملف لصحيفة "الشرق الأوسط" إن التوزيع الجديد للسجناء في المبنى "د" "اتبع استراتيجية عزل السجناء الخطرين عن العالم الخارجي، وعن سجناء آخرين كان يتخذهم المتشددون أسرى لديهم في المبنى"ب" من السجن"، مشيرة إلى أن السجناء الخطرين "يبلغ تعدادهم نحو 17 سجينا، أبرزهم الأردني أبو تراب الذي كان بمثابة زعيم السجناء والموقوفين في المبنى "ب".

 

والسجناء الخطرون في العموم معظمهم من جنسيات غير لبنانية، بينهم أردني وليبي ويمني، وكانوا قادة ميدانيين في صفوف تنظيم "فتح الإسلام" الذي خاض الجيش اللبناني معركة ضده في صيف عام 2007 في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين شمال لبنان، أسفرت عن سيطرة الجيش على المخيم وإنهاء حالة "فتح الإسلام" وفرار زعيمه شاكر العبسي من العدالة. و"أبو تراب"- السجين الأردني- موقوف لدى السلطات اللبنانية منذ عام 2007، وهو قيادي في صفوف تنظيم "فتح الإسلام" المتشدد وقائد المعركة ضد الجيش اللبناني في المخيم، ومن أبرز مساعدي زعيم تنظيم "فتح الإسلام" شاكر العبسي.

 

ويضم المبنى الجديد 280 غرفة نقل إليها 370 سجينا، وتوزعوا في الغرف وفق دراسة أمنية لأوضاع السجناء، و"أودع السجناء الخطرون زنزانات انفرادية داخل المبنى الجديد، بهدف عزلهم عن الآخرين".

 

وأوضحت المصادر نفسها أن السجناء الخطرين كانوا يأخذون سجناء في داخل المبنى "رهينة لديهم"، وكان هؤلاء "ينفذون طلبات السجناء الخطرين وزعماء الغرف خوفا من قتلهم"، مشيرة إلى أن هؤلاء السجناء "استسلموا فورا نتيجة الحالة المزرية التي كانوا يعيشونها في ظل هيمنة سجناء خطرين يؤثرون عليهم". أما السجناء الخطرون فحاولوا خلق حالة هرج ومرج لإعاقة العملية، لكن القوى الأمنية سرعان ما طوقت الوضع ونقلتهم في عملية لم توقع إصابات.

 

وبحسب مصادر أمنية ومسؤولين سياسيين، فإن الموقوفين المتشددين كانوا قادرين، نتيجة الفساد السائد في مؤسسات الدولة، والنقص في عناصر الأمن واستخدام بعض رجال الدين والسياسة نفوذهم للضغط على القيمين على السجن، على أن يدخلوا إلى زنزاناتهم هواتف جوالة وأجهزة كومبيوتر. وكانوا على اتصال متواصل مع الخارج. وتوصلت تحقيقات في ملفات "إرهابية" عدة إلى خيوط حول ارتباطات لمتهمين بهذه الملفات بموقوفين في سجن رومية.