أفادت أوساط معنية لـ"الراي"، أن ثمة معطيات أمنية تثير القلق الشديد من عودة تحريك الخلايا الإرهابية بقوة في الداخل وبرزت عقب التفجير المزدوج الذي ضرب منطقة جبل محسن ذات الأكثرية العلوية في طرابلس السبت، وأن هذه المعطيات تشير الى تحركات اخرى قد تحصل في مناطق اخرى مختلفة، الأمر الذي يملي تصعيداً في الخطوات الاحترازية والوقائية الامنية تحسباً لأي احتمال.

 

علماً أن "جبهة النصرة" التي تبنّت تفجير السبت اعلنت عبر "twitter" رداً على ما حصل في رومية أن على كافة الطوائف اللبنانية تحمل نتائج وتبعات تصرفات الجيش اللبناني الرعناء.

 

ولفتت الأوساط الى أنه بمقدار ما يُظهِر لبنان قدرة على احتواء الاختراقات الارهابية وتَجاوُز تداعياتها لجهة عدم السقوط في أفخاخ الفتنة المذهبية، بمقدار ما تتبدّل أنماط الاستهدافات والمحاولات الارهابية، وهذا ما برز بوضوح في الايام الاخيرة. ذلك أن تفجير جبل محسن جرى الردّ عليه بالتفاف شامل من جانب القوى السياسية كافة ولا سيما منها القوى الفاعلة في طرابلس حول أهالي جبل محسن، فيما قابل هؤلاء هذا الالتفاف بمثله، وبعد ذلك جرى تنفيذ خطة سجن رومية في إشارة حاسمة الى تصاعُد الاستعدادات الأمنية في المواجهة المفتوحة مع الارهاب.

 

وتضيف الاوساط نفسها أن امراً مهماً للغاية تَحقق في الآونة الاخيرة ولم يتمّ تسليط الضوء عليه وبرز في ان الأولويات الأمنية في لبنان لم تعد تثير خلافات سياسية، ولم يكن أدلّ على ذلك من التأييد الساحق لخطة رومية وكذلك عدم تراجُع لبنان عن التدابير التي اتُخذت على الحدود مع سورية لجهة تنظيم دخول السوريين وتقنينه وضبطه، وهو امر يكتسب دلالات معبّرة ومهمة وخصوصاً ان قوى فريق "8 آذار" الحليفة للنظام السوري لم ترضخ للضغوط المتنوّعة التي مارسها النظام خصوصاً عبر سفيره في بيروت علي عبد الكريم علي للتراجع عن هذه التدابير، وهو تطوّر لا يُعدّ عادياً عابراً في لبنان.

 

ومع ذلك لا تقلّل هذه الاوساط من المخاوف والاحتمالات الخطرة التي قد يواجهها لبنان في المرحلة المقبلة والتي تتطلب مزيداً من التحصين الأمني الداخلي، لذا تُطرح تساؤلات عما يمكن ان يؤدي اليه الحراك السياسي الجاري على صعيد الأزمة الرئاسية المفتوحة من دون افق.

 

وتقول الاوساط إن الحوار بين تيار "المستقبل" و"حزب الله" الذي تُعقد جولته الثالثة بعد غد، لا يزال في الإطار الأمني الطاغي على كل شيء ولا يبدو انه مقبل على التوغل الى الأزمة الرئاسية خصوصاً ان الفريقين يريان أن اولوية الاستقرار الأمني هي السقف الواقعي الاساسي الذي يجب ان يبقى الحوار متمحوراً حوله ما دام من الصعوبة بمكان التوافق والتفاهم على الملف الرئاسي.