عاد الاٍرهاب ليضرب لبنان مجددا عبر عملية انتحارية إرهابية نفذت أمس في جبل محسن، فأعادت الأنظار الى هاجس الوضع الأمني، وخصوصا في الشمال، بعدما تحولت الأنظار الى حركة الحوار الدائرة في اكثر من اتجاه في لبنان وتخفيف الاحتقان في الشارع. المهم ان الفاعليات السياسية كلها وخصوصا الأطراف الطرابلسية كلها سارعت الى استنكار العملية الإرهابية ورفضها وإدانتها، مستبعدين ان تثير فتنة مذهبية في طرابلس، علما ان منفذيها من طرابلس وتدربا مع "النصرة" في القلمون السورية.
فماذا عن توقيت هذه العملية، وفي طرابلس تحديدا بعد نجاح الخطة الأمنية في تهدئة الأوضاع في عاصمة الشمال؟ وهل هي رد مباشر على الحوار، خصوصا بين "حزب الله" وتيار "المستقبل"؟ في هذا الصدد يؤكد مصدر ان هذا التفجير الانتحاري له رسائل متعددة،: اولا، الإعلام ذهب في اتجاه الاٍرهاب الذي ضرب باريس، وبالتالي اسقط كل الاولويات الداخلية، ثانيا تحدث الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير منذ يومين عن ان الأمن اصبح جيدا نسبيا، اضافة الى تغني كل الأفرقاء بالخطة الأمنية في طرابلس. من دون ان ينسى المصدر التطرق الى الوضع بين "النصرة" و"داعش" في القلمون والخلافات بينهما، ناهيك عن وضع المقاتلين في الصقيع في الجرود، فقررت جبهة "النصرة" موضوع آخر، اي محاولتها اعادة تسلم "زمام" الامور وفرض امر واقع في الداخل اللبناني، لا سيما ان القادة الشماليين تنصلوا منها، وثمة اتفاق على إعادة رفعت عيد الى طرابلس، كما ان نتائج الحوار الثنائي بين "حزب الله" وتيار "المستقبل" إيجابية بشهادة الطرفين، فجاء هذا التفجير الإرهابي بأبناء طرابلس رسالة الى القوى اللبنانية ردا على كل الخطوات الإيجابية في البلد.
ويؤكد المصدر ان ردة الفعل على هذا التفجير الإرهابي كانت اكثر جدوى من كل الاذى الذي سببته هذه العملية الانتحارية، مثلا مفتي الجمهورية اتصل بشيخ الطائفة العلوية مستنكرا، الاجماع الطرابلسي الواسع ومن كل الأطراف على ادانة هذا العمل الإرهابي من دون وضع أسباب تبريرية كما كان يحصل في السابق مع كل تفجير يقع. اذاً، هدف اثارة الفتنة مجددا في طرابلس سقط، اذ لم تحصل اي ردود فعل سلبية من اي طرف، وشدد الجميع على منطق الدولة والشرعية والعيش المشترك وعدم العودة الى الوراء اي الى منطق الخلافات والجولات القتالية التي كانت سابقاً.