قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إن "حزب الله" يسعى حالياً لتلطيف الأجواء مع القاهرة فى محاولة للتقرب وإنهاء التوتر الذى شاب العلاقة بين الحزب ومصر خلال السنوات الأخيرة، بعد اتهام الحزب بتورطه فى عدد من العمليات الإرهابية فى شبه جزيرة سيناء.
 وأشارت الصحيفة خلال تقرير لها إلى أن حزب الله يسعى لاستغلال الأوضاع الأمنية المضطربة في المنطقة، وظهور تنظيم "داعش"، فضلاً عن تلميحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية وعدم تعرضه لمسألة عزل الرئيس بشار الأسد، لمحاولة أحداث التقارب مع القاهرة. 

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض التقارير الإعلامية اللبنانية خرجت خلال الأيام القليلة الماضية تشير تحسن في العلاقات بين مصر وحزب الله بعد سنوات طويلة من العداء، لافتة إلى أن صحيفة "السفير" التابعة لحزب الله أرجعت ذلك إلى الأحداث المضطربة بالشرق الأوسط وإرسال حزب الله رسائل إيجابية غير مباشرة للقاهرة لعودة العلاقات بين الطرفين، موضحة أن العلاقات بين مصر وحزب الله وصلت إلى الحضيض، خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، عقب اتهام نصر الله للنظام المصرى فى ذلك الوقت بعدم مساعدة حركة "حماس" فى الحرب الإسرائيلية "الرصاص المصبوب" التى نشبت فى أوائل عام 2009، مما اعتبرته القاهرة تدخل سافر من جانب الحزب فى الشئون الداخلية لها. 
وأضافت الصحيفة العبرية أن تدهور آخر فى العلاقات حدث فى عام 2009 عندما تم اعتقال خلية مسلحة تابعة لحزب الله فى مصر بقيادة "سامي شهاب"، أحد العناصر العسكرية بالحزب، بتهم التخطيط لهجوم إرهابي داخل مصر، وتهريب الأسلحة إلى حركة حماس عبر سيناء، وعقب الإعلان عن اعتقال الخلية هاجمت الحكومة المصرية في ذلك الوقت الحزب بشراسة، موضحة أن ما زاد العلاقات تعقيدا هو هروب "شهاب" من السجن عقب الأحداث التي نشبت عقب ثورة 25 يناير واقتحام عدد من السجون المصرية بمشاركة عناصر من الحزب لتهريب عناصره المعتقلين فيها، وهو ما أدى لهروبه مع عدد من عناصر حركة حماس وجماعة "الإخوان" الذين كانوا معتقلين بالسجون.
 وأشارت "يديعوت" إلى أنه خلال عهد الرئيس المعزول "محمد مرسي" كانت العلاقات هادئة نسبياً مع الحزب اللبنانى، لافتة إلى أن السفير المصري في لبنان، أدلى ببيان غير عادي تضمن رسالة مفادها أن علاقة القاهرة مع حزب الله، كمنظمة لا يمكن تجاهلها، مضيفة أنه قبل بضعة أيام من الإطاحة بمرسي من الحكم قطعت القاهرة علاقتها مع سوريا والرئيس بشار الأسد، حليف حزب الله، على خلفية الحرب الأهلية هناك، وحثت النظام المصرى حينها حزب الله على وقف مشاركته فى هذه الحرب فورا. وأضافت يديعوت، أن الأمر الجديد فى هذه الأيام هو ذوبان الجليد فى العلاقات بين الطرفين، حيث بدأت تصدر إشارات من وسائل الإعلام التابعة للحزب تدعو القاهرة لبناء علاقات جديدة وقوية، حيث رأت أن مصر وحزب الله يقفان وجها لوجه أمام بعض القضايا الإقليمية مثل حماية أمن لبنان، ومحاربة المنظمات الأرهابية العالمية وعلى رأسها "داعش" بجانب القضية المركزية فى الشرق الأوسط وهى القضية الفلسطينية، وضرورة الحفاظ على وحدة سوريا . وقالت الصحيفة العبرية إن الأهم من ذلك كله، أن كلا من مصر وحزب الله فى حاجة إلى إيجاد حل للأزمة فى سوريا، ومكافحة "داعش" والقضاء عليه فى سوريا والعراق، والأكثر من ذلك أن الموقف المتشدد من مصر تجاه سوريا خلال عهد مرسى أصبح الآن أكثر ليونة حالياً، خاصة مع تأكيد مصر على ضرورة إيجاد حل سياسى سلمى للأزمة. 

 ولفتت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن السيسي كان قد أشار في إحدى اللقاءات الصحفية في شهر آب الماضي، إلى أن مصر لا تدعم المعارضة للنظام السوري وليست معارضة لها، بل أنه مصلحة مصر الوحيدة هو الحفاظ على وحدة أراضي سوريا وحمايتها من التقسيم، مضيفة أنه خلال الأسابيع الأخيرة، برغم العديد من المشاكل التى تواجه النظام المصرى، إلا أنه يحاول التدخل فى الأزمة السورية وحلها بصورة سياسية، حيث أعلن السيسى أنه مستعد لرعاية الحوار بين المعارضة النظام السورى، وقد استضافت القاهرة بالفعل زعماء المعارضة السورية فى الأيام الأخيرة لبحث سبل حل الأزمة. وأضافت الصحيفة العبرية أنه فى كلتا الحالتين، هناك شىء واضح وهو أن السيسى لا يتحدث صراحة عن إسقاط نظام الأسد أو التدخل العسكرى، ولكن يتحدث فقط على ضرورة إيجاد حل سياسى، وأنه يلمح بالتأكيد إلى التعاون والتحالف بين حزب الله والنظام السورى، وهو ما رأته الصحيفة العبرية "بوادر للتقارب"، مشددة فى الوقت نفسه على وجود عدة قضايا عالقة بين القاهرة وحزب الله من بينها مصير "سامي شهاب"، رئيس خلية حزب الله في مصر. وأنهت الصحيفة العبرية تقريرها قائلة: "على الرغم من الجدل حول عودة العلاقات لطبيعتها، فإن مصالح الطرفين مشتركة اليوم أكثر من أى وقت مضى، وهناك من يقول إنهم سيحاولون على الأقل مؤقتا وضع خلافاتهم جانبا، ولكن كيف سيحدث ذلك وبأى طريقة لا تزال الإجابة بعيدة".