كثيرة هي «شوطات» النائب وليد جنبلاط السياسية و«فاولاته» وانقلاباته، لكن لا شيء يضاهي الانفعالات الجنبلاطية وانقلابات جنبلاط على مواقفه ونفسه مثلما يفعل في التعاطي والتدخل في ملف العسكريين، فالنائب وليد جنبلاط يفعل الشيء ونقيضه في آن، تقول مصادر درزية، يخشى ارهاب وبطش «داعش» و«النصرة» وتسللهما الى العمق الداخلي والى الجبل الدرزي ويدافع في الوقت نفسه عن «النصرة» ويصل الى حد وضعها وتصنيفها خارج لائحة الارهاب. الزعيم الدرزي، الذي اوكل الى وزيره وائل ابو فاعور جزءاً او ما تيسر وما كان يمكن الوصول اليه في ملف التفاوض مع الارهابيين، حائر في كيفية مقاربة هذا الملف وهو يحيّر الآخرين في جرأته التي وصلت الى تحدي وزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية التجاذب الحاصل في الملف، فتارة يبدو جنبلاط مرتاعاً وخائفاً على اقليته الدرزية وتارة يحاذر «النصرة» ويدعو الى التروي وعدم اغضاب الارهابيين تفادياً للاعدام.
هذا الموقف الجنبلاطي كما ترى اوساط سياسية لا يخدم قضية العسكريين المخطوفين لدى جماعة الارهاب و«النصرة»، خصوصاً ان جنبلاط دعا الى القبول بالمقايضة دون قيد او شرط، الامر الذي فاجأ المتابعين لملف التفاوض، حيث ان الرضوخ للتمني الجنبلاطي يعني اطلاق سراح عشرات الارهاببين الذين سيعودون لممارسة ارهابهم ومنهم متهمون خطرون ومنهم من صدرت بحقه احكام قضائية بالاعدام، علماً ان الإجراءات التي نفذها الجيش باقفال كل المعابر الجبلية تقريباً من شأنها محاصرة الارهابيين وجعلهم يصرخون بقوة من الاختناق بسبب البرد وانقطاع المواد الغذائية والتموينية مما يعني حكماً المزيد من الاوراق الرابحة لدى الدولة اللبنانية اضافة الى اوراق نساء الارهابيين القابعين في سجون وزارة الدفاع وما ستتمكن القوى الامنية من تحقيقه في المستقبل والذي سيضيف الى رصيدها المزيد من النقاط الرابحة والقوية التي ستساهم في تحرير الاسرى العسكريين. وبالتالي فان وليد بيك الذي قرر النزول شخصياً الى ساحة رياض الصلح لقي من اهالي العسكريين المخطوفين اكثر ترحيب كونه السياسي الوحيد الذي طرح التفاوض المباشر والمقايضة لانقاذ حياة العسكريين بدون الالتفات الى النتائج المترتبة عن اطلاق ارهابيين سيعودون حتماً لقتل المزيد من الجيش والابرياء نظراً للنزعات الجرمية لهؤلاء.
وتقول الاوساط ان لوليد جنبلاط اسبابه في ملف العسكريين ومبرراته ونظراته التي لا يكشف عنها والقائلة بان مصير العسكريين بعد الاعدامات الأربعة لا تقل مأساوية فـ«النصرة» و«داعش» لا يساومان ولا يقدمان التنازلات وهو الذي يدرك ان مصيرهم مع العسكر او بدونهم الموت في الجرود العرسالية التي ستكون مقبرتهم سواء بسبب الحصار والبرد او بالحسم العسكري ربما، وبالتالي فلا شيء يخسره الارهابيون ومن هنا التلويح بتصفية العسكريين الواحد تلو الآخر، كما ان الثابت ان لا مشكلة لدى جنبلاط في الانقلاب على نفسه وعلى مواقعه في اي لحظة وعندما تقتضي الضرورة ومصلحة طائفته ووجوده، هكذا انقلب جنبلاط على 14 آذار عندما لم يقتنع بخطابها، تضيف الاوساط، وهكذا فعل عندما عاد الى حارة حريك، فلم يكن صعباً على وليد جنبلاط الذي اطلق اقسى العبارات بحق حزب الله واعتبره عدوه الاساسي بعد النظام السوري والذي قال يوماً انه يقف على حافة النهر يتنظر وصول جثته لان يخطط للقاء السيد بعد الرسالة الشفوية التي حملها جنبلاط للوزير علي حسن خليل. ولم يكن صعباً على جنبلاط ان يتناول من مكتبته كتاب عن سايكس بيكو ليحمله معه الى الضاحية للأخذ من العبر وما تم تخطيطه ورسمه من خريطة للمنطقة وليضعه على مكتبة السيد. فلم يكن صعباً ان يعود جنبلاط الى حارة حريك وان يجالس الامين العام لحزب الله بعد كل هذه الحقبة من العداء، وان يصبح التنسيق الأمني قائماً على اعلى المستويات بين الاشتراكي وحزب الله بتفويض شخصي لجنبلاط للحزب بالعمل الأمني في بعض المواقع الجبلية المطلة على الضاحية.