رأى مصدر أمني مطلع لصحيفة "النهار الكويتية" ان ما تعرض له الجيش اللبناني في منطقة رأس بعلبك كان متوقعا، غير أن الجيش لا يملك خيارا إلا الذود عن الوطن بشتى الوسائل الدفاعية».

وقال المصدر أن «التسرب المستمر من جانب المسلحين باتجاه لبنان عن طريق جرود عرسال، وتحديدا باتجاه مخيم النازحين السوريين في عرسال أدى دون شك إلى تشتيت قوى المسلحين، ناهيك عن وضعهم الميداني الصعب في القلمون، وتأثير العامل المناخي الضاغط وظروفهم المعيشية القاهرة»، ويعتبر أن «كل هذه العوامل جعلت المنطقة الممتدة بين عرسال وجرودها منطقة خارجة عن سيطرة الدولة اللبنانية على عكس ما يُشاع، خصوصا ان الخروج والدخول من المخيم الى الجرود والعكس يتم بشكل مموه حيث يحلق بعض المسلحين ذقونهم ويدخلون المخيم بصفة عمال، والعكس يحصل عندما يتسرب بعض النازحين من المخيم الى الجرود ويتحولون الى مقاتلين». 

ولفت المصدر الى ان «هذا الواقع نفسه يدفع بالمسلحين الى البحث عن سبل استدراج مفاوضات من نوع آخر لإثبات وجودهم، وفي هذه الخانة يصب كمين رأس بعلبك». ونفى المصدر «وجود اي مراكز مراقبة بريطانية في المنطقة حدت بالمسلحين الى نصب كمينهم للجيش اللبناني»، مؤكدا أن «بريطانيا تقدم المساعدات اللوجستية والامنية اللازمة للجيش اللبناني في حربه ضد الإرهاب وتتشارك معه ربما بعض نقاط المراقبة من خلال اجهزة مراقبة فائقة التطور تزوده بها، إلا أن مركز المراقبة القائم في رأس بعلبك تابع للجيش اللبناني وحده». 

وأكد المصدر ان «تداول المعلومات عن تواجد بريطاني في المركز المذكور قد يكون أحد الأسباب التي دفعت المسلحين لتنفيذ ضربتهم».

وعن ارتباط هذا الكمين بالتفاوض في ملف الأسرى المخطوفين، أكد المصدر لـ«النهار» أن المسلحين لا شك يريدون استدراج مفاوضات من نوع آخر، ويحاولون على أكثر من جبهة وباستخدام اكثر من ورقة من ضمنها ورقة العسكريين المخطوفين، غير انه ليس ورقتهم الأهم، بل هم يبحثون عن مخرج عن طريق البادية، فالواضح أنه بالحسابات البسيطة معركتهم خاسرة وقد وقعوا في مأزق الإستنزاف الذي حاصرهم وسطه النظام السوري وحزب الله وبالتالي يتوقع أن يكثفوا ضرباتهم بشكل تصاعدي»، ونوه الى ان الجيش السوري وحزب الله بموقع قوة في هذا الإطار لأنهم لا يخسرون الا الوقت، وهو اقل كلفة من الدم إجمالا».

على صعيد آخر، تستمر حرب استنزاف الأعصاب في لبنان على وتر وملف العسكريين المخطوفين، خصوصا بعد تهديد «النصرة» الاخير بذبح العسكري علي البزال، والذي ما كان لينتهي لولا رفع أمين عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم لغة التفاوض وتهديده بالمقابل بإعدام مطلوبين من جانب الجبهة. ويرى مراقبون لمسار المفاوضات انه بمقدار حديث الحكومة اللبنانية عن أوراق قوة قد تكون بدأت باستخدامها، بمقدار ضعف الحكومة وتراجع الأمل بإحراز أي تقدم يفلح في تحرير أسرى الجيش والقوى الأمنية من قبضة الإرهابيين».

وفي هذا السياق، يرى مصدر عسكري مطلع على ملف التفاوض انه «صحيح ان تراجع قوة الخاطفين من مستوى الذبح الى مستوى التهديد بالذبح يمكن ان يفسره البعض مصدر قوة لصالح الجانب اللبناني، غير أن المفاوضات لم تدخل حتى اللحظة مسارها الصحيح، بدليل ان الحكومة اللبنانية تملك أوراق قوة أهم بكثير من التهديد بإعدام بعض المطلوبين».
ورفض المصدر تسمية اعتقال مخابرات الجيش اللبناني احدى زوجات الخليفة «الداعشي» أبوبكر البغدادي بـ«الصيد الثمين»، معتبرا ان «في قبضة الجيش والدولة اللبنانية من هم اهم بكثير من النساء ومن يفيد أكثر في كلف التفاوض لإطلاق الأسرى، إذا ما تم التنسيق مع الجانب السوري».

وجزم المصدر بأن «انقسام الحكومة اللبنانية حول التنسيق مع الجانب السوري في الملفات الأمنية العالقة سوف يبقى لبنان في دائرة الخطر وفي دوامة المراوحة حتى أمد بعيد، والخوف من اهتراء ما بقي من الجسم اللبناني وانفتاح الساحة اللبنانية على حرب قد تعرف بدايتها لكن نهايتها ستكون صعبة التوقع او التحديد حتما»!