هل ستنجح خريطة الطريق الفرنسية - الإيرانية في رفع العقبات التي تمنع انتخاب رئيس للجمهورية؟ باريس واقعية وتعتبر انه لا يزال هناك بعض العوائق الداخلية.

 

تشير مصادر ديبلوماسية إلى أن المشاورات الفرنسية - الإيرانية حول الوضع اللبناني مستمرة وانه تم وضع خريطة طريق لهذه المشاورات التي يقودها عن الجانب الفرنسي مدير شؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية فرنسوا جيرو الذي كان يستعد لزيارة لبنان خلال الأسبوع المقبل للبحث مباشرة مع المسؤولين اللبنانيين في ما آلت اليه محادثاته مع الجانبين الايراني والسعودي لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء على الساحة اللبنانية وتذليل الصعوبات لإطلاق الحوار الداخلي ولسد الفراغ الرئاسي.


غير أن زيارة جيرو أجّلت الى ما بعد زيارة رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام لباريس في العاشر من الشهر المقبل، والتي سيتشاور خلالها مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في المستجدات اللبنانية والإقليمية.


والديبلوماسية الفرنسية التي نسجت عبر التاريخ علاقات مميزة وصداقة حسب هذه المصادر، تعمل لمصلحة وحدة لبنان واستقراره وسيادته، وفي هذا السياق تدعو الى انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت لأن لبنان يواجه تحديات كبرى نتيجة الأزمات التي تهز المنطقة. وتسعى باريس الى إبعاده عن النزاع في سوريا تطبيقاً لسياسة النأي بالنفس.


وقد ترجم هذا الدعم الفرنسي على الصعيد الأمني بعد توقيع الاتفاق الفرنسي - السعودي لتجهيز القوى العسكرية وتعزيز قدراتها من خلال الهبة السعودية وقيمتها ٣ مليارات دولار. ودعم الجيش بالمنظور الفرنسي يعود إلى ادائه في فرض سلطة الدولة على مجمل الاراضي اللبنانية وتثبيت دعائم الامن والاستقرار.


وتقوم في السياق خريطة الطريق الإيرانية - الفرنسية على مبدأ المحافظة على الإستقرار الداخلي وفرض التهدئة لتجنب لبنان ارتدادات الحرب العراقية والسورية عليه وتذليل العقبات أمام ملء الشغور الرئاسي انطلاقاً من حوار بين اللبنانيين تدعمه السعودية وتؤيده لأنه السبيل الأفضل الذي يؤدي الى تحقيق المصلحة الوطنية العليا. ومن نتائجها النبرة البناءة لوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس خلال اجتماعات فيينا حول النووي الايراني، وهي دلالة على تعديل إيجابي في العلاقات بين البلدين.
والنتيجة الثانية ستكون الإعلان عن نيات حسنة لبدء عملية الحوار الداخلي بين "المستقبل" و"حزب الله"، وهي ترجمة عملية لبوادر التفاؤل التي بشر بها الرئيس نبيه بري.


وهدف الحوار بحسب هذه المصادر هو تحييد لبنان عن الحروب المشتعلة حوله والتوصل الى تسوية وطنية يتم بموجبها التوافق على رئيس الجمهورية المقبل الذي سيستمد قوته من توافق الاطراف اللبنانيين على انتخابه، بمعزل عن الاحداث التي تشهدها المنطقة وانعكاساتها على الساحة الداخلية. وهو ضروري بصرف النظر عن النتائج والتوقعات، ولا سيما في انتخاب رئيس سعياً نحو التوازن في مؤسسات النظام لتحصين المرحلة الانتقالية وحماية لبنان من تطورات كبرى آتية على المنطقة في المستقبل القريب.


وباريس في هذا السياق حريصة على صوغ حلول للأزمات السياسية لأنها تريح الوضع الداخلي وتساهم في نقلة نوعية نحو توجه لبنان الى شاطئ الأمان على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية.


فإنجاز الاستحقاق الرئاسي وفق الأصول الدستورية وفي سياقه وضع قانون عصري للانتخابات يضمن صحة التمثيل لكل شرائح المجتمع اللبناني تزيل العوائق التي تحول دون اجراء انتخابات تشريعية في أقرب وقت ممكن.


كذلك سعت باريس وفق هذه المصادر إلى إنشاء مجموعة أصدقاء لبنان لحماية الاستقرار الداخلي وللتصدي لمسألة اللاجئين والنازحين السوريين التي تثقل على لبنان بما يفوق طاقته على التحمل والاستيعاب والحد من الضغط التي تشكله مسألة النازحين.


وما يمكن استنتاجه ان هناك عناصر ضغط ضمنية من خلال هذا التحرك المكوكي لحض المسؤولين على القيام بواجباتهم وإحراج المستمرين في التعطيل داخليا واقليميا للافراج عن هذا الاستحقاق الذي يؤدي الى خلل في المؤسسات الدستورية للدولة نظراً إلى خطورة بقاء البلد من دون رئيس وتعطيل العمل التشريعي.

 

 

 

(سمير تويني)