اشتكى وزير الإعلام السعودي السابق من تغول المؤسسة الدينية، وتراجع هامش النقاش داخل مجلس الوزراء السعودي خلال غياب الملك عن ترؤس اجتماعات الحكومة.

جاء ذلك في رسالة استقالة مفصلة اطلعت عليها مصادر مقربة من الوزير عبد العزيز خوجة.

وأوردت الرسالة ما قالت المصادر إنها شهادة الوزير المستقيل إزاء عدد من القضايا الإقليمية، التي تهم المنطقة.

وقالت المصادر إن خوجة وجه رسالته للعاهل السعودي قبل أكثر من 3 أشهر على استقالته، وأن الاستقالة بحد ذاتها لم تكن مفاجئة إلا لمن لم يكن على علم بالتحفظات التي أوردها خوجة في كتاب استقالته.

اشتكى خوجة من أن مجلس الوزراء لم يعد المكان المناسب والملائم ليتجرأ أي وزير على طرح تصوراته وأفكاره وأن حالة من القمع اللامعقول يفرض على الوزراء في اجتماعات المجلس. وقال “انه ومنذ غياب جلالة الملك عن ترؤس اجتماعات مجلس الوزراء لم تعد اجتماعات المجلس لها أي معنى فالملك شخصيا كان هو من يوفر الغطاء ويعطي الأمان لأي وزير ليطرح أفكاره التي تهدف إلى مصلحة المملكة”.

وفي الرسالة التي ذيلها بطلب قبول استقالته ، تناول الوزير خوجة المفاصل الأساسية التي شكلت أسبابا لاستقالته.

تحدث بالتفصيل عن توغل المؤسسة الدينية في الحياة الداخلية للسعودية وان هذه المؤسسة قد أصبحت الجناح القامع والرادع لأبناء الشعب السعودي محذرا من انه في حالة استمرار توغل السلطة الدينية على الحياة المدنية الداخلية في العربية السعودية فان أمورا لا يحمد عقباها ستحصل بين لحظة أو أخرى.

وقال في رسالته لو تتبعنا مجمل الأحداث اليومية ورصدناها لوجدنا أن مواجهة حقيقية تحدث يوميا بين المؤسسة الدينية والتيار المدني داخل المملكة.

وأضاف أن “النظام القضائي وللأسف يأتي داعما ومساندا للمؤسسة الدينية فلم ألحظ يا جلالة الملك أن النظام القضائي قد أنصف حالة واحدة أمام المؤسسة الدينية مع انكم يا سيدي تعرفون وكلنا نعرف أخطاء وخطايا ترتكبها هذه المؤسسة يوميا في المملكة ففي عصر العولمة والانترنت لم يعد شيء يخفى على أحد في العالم مهما كان صغيرا أكان هنا او هناك”.

وحذر خوجة في رسالته من استمرار الوضع على ما هو عليه و قال “ما يدفعني لكتابة هذه الرسالة وهذا الرجاء هو مجمل قضايا داخلية نعيشها يوميا ومع ما يرافقها من تطورات خارجية تؤثر علينا سلبا آو إيجابا”.

وقال خوجة في رسالته انه بعد اربع سنوات من الأزمة البحرينية ثبت بشكل قاطع ان الحل الأمني المستخدم في البحرين لم يأت ثماره بل على العكس من ذلك زادت وتيرة الاحداث هناك فقد اصبح الرأي العام العالمي اكثر تجاوبا وقبولا للمعارضة البحرينية وان قوات درع الجزيرة التي ارسلت للبحرين لايجاد الحل اصبحت طرفا في المشكلة وللأسف فان عنوان الأحداث في البحرين هو عنوان طائفي.

ان حل مشكلة البحرين يرتكز على حوار بحريني داخلي تساهم فيه المملكة مساهمة فعالة ولا تعني مطالبة البعض بحقوق ما أنهم يريدون التمرد ونسف الدولة وقال خوجة ” إن مشكلة البحرين ستبقى الخطر الأبرز الذي سيعصف بالوضع في دول الخليج مستقبلا وستعطى المبررات للآخرين لرسم سياسات تطال الإقليم بأسره وستكون العربية السعودية بالذات ساحة الارتداد لما سيحصل في البحرين”.

وبشأن ما يعرف بالربيع العربي قال خوجة في رسالته لقد ثبت بان الربيع العربي له أجندته الخاصة وان هذه الأجندة لها من يرعاها دوليا فلم يعد مقبولا بعد الآن أن ننظر ببراءة لما يحدث في المنطقة فقوى الإرهاب التي أصبحت وللأسف عنوانا معبرا عن الربيع العربي لها من يحتضنها ويدعمها ويتبناها وفق أجندة مصالحه، وقال “آن الأوان لنا أن نقيم بشكل أكثر جدية حقيقة ما يحصل”.

إن ما حصل وما يحصل في اليمن حاليا مرشح لان يحصل في لبنان بأي لحظة قادمة وحول الوضع في لبنان طالب خوجة بضرورة أن تستعيد العربية السعودية دورها الحقيقي في لبنان وان نقرأ الخارطة هناك بشكل دقيق وصحيح ” وقال “وانا كسفير سابق في لبنان أرى وما زلت حتى الآن أن العربية السعودية لها مكانة مقبولة عند جميع اللبنانيين والمتصارعين ويمكن للعربية السعودية أن تلعب دورا ايجابيا في حل الأزمة اللبنانية الداخلية وسيكون هذا الدور مقبولا من الجميع”.

وأضاف أن “الوضع الداخلي في لبنان جد خطير ويجب علينا ان لا نبقى جامدين امام الواقع هناك، صحيح ان مسألة انتخاب رئيس تمثل مشكلة لكن المشكلة الحقيقية هي عملية التجييش في المنطقة وارتفاع وتيرة الحرب الطائفية فهي الاشكالية الحقيقية”.

وطالب ” بالغوص الحقيقي في المشكلة اللبنانية ويقر الجميع ان الحل هناك لا يمكن ان يمر الا عبر العربية السعودية فان كان للبعض عندنا تحفظات على شخصية ميشيل عون كرئيس مسيحي قوي للبنان فان خيارات اخرى يمكن للعربية السعودية ان تتبناها من داخل المعسكر الآخر فسليمان فرنجية حفيد الرئيس الاسبق للبنان والذي كان الأقرب للسعودية والأكثر صداقة معها ارى فيه رجلا من الممكن ان يكون مخرجا”.

وقال إن “سليمان فرنجية الحفيد وعلى الرغم من حلفه الوثيق مع سوريا وايران الا انه لم يتطاول يوما على العربية السعودية بل كان يعطيها المكانة الدائمة واللائقة في الحياة اللبنانية الداخلية” وذكر “ان مسألة تسديد الفواتير الشخصية في لبنان له ثمنه الكبير الذي سينعكس .سلبا يوما ما على العربية السعودية هناك، وأرى يا جلالة الملك أن حل المسألة اللبنانية سيشكل مدخلا لخلق جو عربي ايجابي للتعامل مع الآخرين”.

وحول المسألة السورية قال خوجة في رسالته “ارى يا سيدي ان الشعب السوري وحده هو الذي يدفع ثمن ما يحصل هناك فمن وجهة نظري ان الثورة السورية التي كانت تعبر عن حقيقة طموح الشعب السوري قد ولت وان ما يحصل في سوريا الآن هو صراع اقليمي دولي سينعكس باي حال من الاحوال على دول المنطقة وارى ان الوقوف الى جانب الشعب السوري يتطلب من الجميع السير بخطوات جادة من اجل ايجاد حلول سياسية تصون الدم السوري بأسره وتحفظ وحدة سوريا”.

وبخصوص العلاقة مع إيران قال الوزير خوجة ” ارى يا سيدي ضرورة مواصلة الحوار مع جارتنا ايران وعدم ربط الحوار معها بأي تحالفات إقليمية ودولية وعلينا أن نخوض الحوار بصورة مباشرة مع إيران وفق مصالحنا وبما يضمن أمننا وعدم ربط هذا الحوار بقوى دولية او إقليمية فلقد ثبت لنا بالدليل القاطع أن هذه الدول لا يهمها إلا مصالحها وعلينا أن لا ننسى أن إيران دولة جارة ولها تأثير لا يمكن تجاهله” .