عندما أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله تبنيه العلني لترشيح الناءئب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، تلقى الأخير هذا الأمر كصفعة وليس كجرعة دعم. وهي الصفعة الثانية من الوزن الثقيل بعد تبلغه أنباء، وإن كانت غير مؤكدة، عن عدم معارضة الرئيس سعد الحريري ترشيح مقرب من عون للرئاسة.

 

وتشير صحيفة “السياسة” الكويتية إلى أن عون خرج عن طوره، أو بالأحرى عاد إلى عادته القديمة بتفجير غضبه السياسي عندما يحشر في زاوية لا فرار منها، فأرسل وفدين رفيعي المستوى إلى حلفائه يعاتبهم ويحذرهم:

 

 – الأول إلى حارة حريك، حيث التقى قيادة “حزب الله” وأبلغها انزعاج الجنرال من حرقه علناً وإجهاض محاولته تقديم نفسه مرشحاً توافقياً. وذهب عون أبعد من ذلك، فاتهم “حزب الله” بأنه أراد حرقه تمهيداً لتبني مرشحه الفعلي سليمان فرنجية.

 

- أما الوفد الثاني، فذهب إلى بنشعي ليبلغ فرنجية نفسه بأن العماد عون لن يتراجع في الموضوع الرئاسي، وهو إن خسر معركة تلميع صورته كمرشح توافقي فإنه ماض كمرشح “كسر عظم”.

 

وتتابع “السياسة”: بعدها خرج عون في إطلالة إعلامية اختار أن تكون من على منبر خاص بـ”8 آذار”- صحيفة السفير- ليقول أموراً عدة ويوجه رسائل في مختلف الاتجاهات:

 

- الرسالة الأولى إلى الحريري بأنه (أي عون) هو الذي قرر قطع الحوار معه لأن الحريري لا يملك تفويضاً سعودياً، ولأن المملكة العربية السعودية, حسب قوله, وضعت فيتو نهائياً على اسمه, فلا بأس من تحويل المعركة إلى معركة تحد وكسر عظم, بصفته مرشح “8 آذار”.

 

- أما الرسالة الأهم فهي إلى “حزب الله” نفسه. ويقول عون ممتعضاً من الحزب: أرادوا حرق اسمي بإعلانهم إني مرشحهم. حسناً أنا مرشحهم حتى النهاية، لأننا في مرحلة “تكامل وجودي”، بدلاً من مرحلة تفاهم ظرفي. فإذا كان “حزب الله” صادقاً فليذهب معي إلى الآخر. وفي الطريق إلى ذلك ينبغي حشد كل قوى “8 آذار” خلفي، وفي طليعتها الرئيس نبيه بري الذي لم ينفك يعمل في الخفاء مع النائب وليد جنبلاط على إبعادي. وكذلك النائب سليمان فرنجية الذي يتحين هدنة إقليمية سعودية- إيرانية بشأن سورية، عله يستطيع أن ينفذ إلى موقع الرئاسة. ولأنه يعلم أن ذلك مستبعد كلياً في هذه المرحلة، فإن عون يراهن على إطالة أمد الفراغ إلى أبعد ما يمكن.

 

- الرسالة الثالثة هي للحريري ولـ”حزب الله” معاً، إذ يجري حديث عن قرب إطلاق الحوار بينهما في وقت يحاول عون أن يفرض نفسه شريكاً مسيحياً ولو بقوة الابتزاز في أي معادلة جديدة. ولأنه يعلم مثل الجميع أن هكذا حواراً لم ينتج تفاهماً إستراتيجياً وإنما اتفاق على استقرار وعمل المؤسسات الدستورية وأبرزها الحكومة، فإنه (عون) يحضر سلاح تعطيل الحكومة من الداخل.

 

عون اليائس أطلق رصاصاته الأخيرة، لأنه خسر معركة الرئاسة مع الحريري و”14 آذار” ووجد نفسه وحيداً في مقارعة التمديد لمجلس النواب إذ تخلى عنه أقرب حلفائه، لذا لم يجد مخرجاً لحشرته سوى التصعيد ضد الخصوم والالتصاق أكثر بالحلفاء، لحشرهم على قاعدة: إذا سقطت تسقطون معي.