لم تحدث المفاجأة في ساحة النجمة، حيث مدّد العدد الاكبر من النواب لانفسهم بـ 95 صوتا، واعترض نائبا حزب الطاشناق. مرت جلسة التمديد اليوم بهدوء، ووفق الخطوات المرسومة لها، على رغم ارتفاع حرارة المجموعات الناشطة وحناجر شبانها في "الحراك المدني للمحاسبة" الذي قام بواجبه على قدر امكاناته وما يمتلكه من سلاح الكلمة المدعوم بصناديق من البندورة والبيض. وفي المناسبة توجه العدد الاكبر من النواب بسيارات لا تحمل اللوحات الزرقاء التي "سيتمتعون" بالتنقل بها لسنتين وسبعة اشهر اضافية بفعل الولاية الثانية الممدة للمجلس.   وكان لنواب كتلة "القوات اللبنانية" الدور الاكبر في اتمام السباق الى التمديد في الامتار الاخيرة، ولو لم تقدم على هذا الخيار، لكان لرئيس المجلس نبيه بري كلمته في هذا الموضوع، من خلال تشديده على توافر الحد الادنى من العصب المسيحي. وساعده نواب "القوات" في هذا المخرح الى جانب كتلة النائب سليمان فرنجية. وهذا ما قاله علناً في معرض رده على اصوات نيابية مسيحية في كتل اخرى.   عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، دخل بري القاعة العامة بخطوات سريعة كعادته وهو يتوجه لاحتلال مقعده، امسك مطرقته وضربها مرة واحدة في اشارة للنواب بالجلوس. وبعدها كان له حديث سريع و"على الواقف" مع النائب انطوان زهرا ثم الوزير بطرس حرب. وتغيبت النائبة بهية الحريري بعذر. وبقيت مقاعد نواب "تكتل التغيير والاصلاح" وكتلة الكتائب فارغة بناء على ترجمة مواقف الطرفين الرافضة للتمديد وحضور هذه الجلسة.       وبعد الوقوف دقيقة صمت عن روح النائب السابق الراحل احمد فتوح، بدأت الجلسة بكلمات سريعة لعدد من النواب استهلها احمد فتفت بالتطرق الى مشاريع الحكومة وخطتها الانمائية والتي لم يحصل قضاء الضنية على اي من ارقامها المالية، "وهي من أفقر من مناطق لبنان"، على حد تعبير ممثلها. وركز فتفت على الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه طرابلس ومناطق الشمال الاخرى. وابدى خشيته من حال طرابلس "المدينة الافقر على شاطئ المتوسط وان نسبة الامية فيها والهرمل تتجاوز الـ 20 في المئة".   ومن يستمع الى بداية وقائع الجلسة، ينسى ان موضوعها الاساسي هو التمديد وليس التطرق الى الاوضاع الاكثر من مأسوية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وتشهد جدران المجلس على معاناة تلك المناطق خصوصاً في الاطراف التي تعمل الحكومات المتعاقبة على النهوض بها "على الورق".   وتعاقب على الحديث عن الانماء وخطة حكومة الرئيس تمام سلام والرد المطول الذي قدمه وزير المال على حسن خليل ودفاع بري عن الشمال وعدم تمييز النواب بين منطقة واخرى صدق النواب على عدد من الاتفاقات في انتظار التوصل الى بند التمديد. وعندما اخذ حرب الكلام، أمل في انتخاب رئيس للجمهورية "لان النصاب مكتمل". وأيده زهرا الذي اعاد التذكير بأن "القوات" غير ممثلة في الحكومة ليمازحه رئيس المجلس" ليش ما توزرتو". ليرد نائب البترون عليه "نحن من اكثر المحرومين".   واقفل الرئيس تمام سلام "السجال الانمائي" بتفهم كلام فتفت وان الحكومة لن تقصر في الالتفات الى المناطق التي تحتاج الى مشاريع انمائية. ولم ينقص هذا الحوار الا صوت النائب سيرج طورسركيسيان ليلطف اجواء الجلسة "لا توجد ميثاقية مناطقية".   بعدها اعطى بري الاذن لعراب "حزب التمديد" النائب نقولا فتوش الذي قدم مطالعة مدروسة يؤكد فيها "صوابية" القبول بالتمديد بدل ضياع مؤسسة مجلس النواب في حال عدم السير بالتمديد قبل 20 الجاري. وشدد على الالتزام بجدول الجلسة وحصرها بالبنود المطروحة. واعترف في البداية ان التمديد مخالف للدستور ويتعرض للوكلة الممنوحة من الشعب. وركز في مداخلته على "الظروف الاستثنائية" ليطلب بري منه الاختصار. ويرد عليه "طول بالك علينا يادولة الرئيس صرنا 3 اشهر عم نتعرض للضرب".   وبينما كان فتوش يتكلم وهو يستذكر ما رافق انتخابات دورة 1992 اختلطت عليه اسماء الرئيس الراحل سعد الحريري وبري والرئيس الراحل رشيد الصلح. وكاد ان يقول "رحمة الله" على بري ليرد عليه بابتسامة الرحمة تجوز على الحي والميت". وتابع فتوش مداخلته ليقول انه "احلى واشرف للمجلس ان يمدد لنفسه في مثل هذه الظروف".   وشدد بري هنا على "زيادة الخير" على اساس تقصير الولاية الممدة للمجلس بعد انتخاب رئيس للجمهورية والتوصل الى قانون للانتخاب. وحذر فتوش من خطورة المؤتمر التأسيسي، وقال: "نشكر الرئيس بري على التفاته الى هذا الموضوع. واخذ رئيس المجلس الكلام وشرح كيف ايد التمديد واستدارته 360 درجة بعد الكلام الذي سمعه من الرئيس سعد الحريري من دون ان يذكر اسمه الرافض للانتخابات النيابية قبل اجراء الانتخابات الرئاسية.   واستهل النائب جورج عدوان كلمته بالقول إن "القوات" لن تكون مع الفراغ. وطلب من بري اجتماع اعضاء كتلته 5 دقائق للاتصال بالدكتور سمير جعجع والعودة بالجواب النهائي الذي جاء بالتمديد بحسب كل التوقعات التي ترددت في هذا الشأن. وحاول نائب رئيس المجلس فريد مكاري الرد على بري وحديث الخير عن العصب المسيحي. وسأل فتوش "النائب المسيحي غير الحزبي الا يمثل المسحيين".   وتلقى بري سؤالا مشابهاً من النائب عاطف مجدلاني: "لو لم تكن القوات في هذه الجلسة هل اعتبرتها غير ميثاقية؟".   رد بري عليه: "ثمة فريقان (تكتل التغيير والكتائب) لم يحضرا، وعلى رغم ذلك عقدت هذه الجلسة، صراحة لو لم تحضر القوات وكتلة سليمان فرنجية كان عندي مشكلة في هذا الشأن".   في هذه الاثناء، عاد نواب "القوات" الى القاعة، ليرد حرب "إجا الصبي" في اشارة الى قبول الاخيرة بالتمديد. بعدها اخذ عدوان الكلام ليغطي التمديد ميثاقيا، الذي انتهى بقبول 95 نائبا لينعم اعضاء المجلس الحالي بهذا النعيم الى حزيران 2017.