رأى الناطق باسم هيئة العلماء المسلمين الشيخ عدنان أمامة ان تعاطي الحكومة مع ملف العسكريين المخطوفين بات بفضل الضغوط التي يمارسها الأهالي اكثر ليونة وسلاسة عما كان عليه في السابق، خصوصا ان السقف الخطابي لدى المتحدثين في مجلس الوزراء وخارجه عن هيبة الدولة وكرامتها أصبح أدنى مستوى بعد ان تأكد لهم ان تحرك الأهالي أكثر تأثيرا على الدولة من توجيهاتهم وتعليماتهم.

 

وإعتبر الشيخ إمامة في حديث لصحيفة “الأنباء” الكويتية أن عملية قطع الطرقات الحيوية وإن كانت تكلفتها مرتفعة، أجبرت بعض الفرقاء الرافضين للمقايضة على الاحتفاظ لأنفسهم بمبدأ كرامة اللبنانيين وعزة نفسهم، لا سيما بعد ان أدركوا ان الملف بخواتيمه لن يكون لمصلحتهم، وسأل: أين هي الكرامة وعزة النفس والهيبة في المفاوضات التي يجريها “حزب الله” اليوم مع “جبهة النصرة” لتحرير أسراه، وأين كانت في المفاوضات التي أجراها سابقا مع العدو الإسرائيلي؟ ولماذا لم يتنبه الحزب الى وجود هيبة للدولة إلا عندما اتصلت المفاوضات بملف العسكريين اللبنانيين؟

 

ولفت الشيخ أمامة الى ان ملف العسكريين لن ينتهي دون مقايضة، وهو ما أكده المسلحون لهيئة العلماء المسلمين قبل انسحابها من المفاوضات، مؤكدا ان المسلحين يبدون مرونة لجهة من تريد الدولة اللبنانية المقايضة بهم من موقوفي سجن رومية، اي انهم غير متمسكين بأسماء معينة سواء كانوا موقوفين او محكومين او ممن تم توقيفهم مؤخرا في أحداث عرسال، معربا عن قناعة هيئة العلماء المبنية على تحليلها للوقائع بأن المسلحين لن يستبدلوا المقايضة بإغراءات مالية عربية، لافتا انتباه القيمين على التفاوض الى ان المسلحين يريدون قبل اللبنانيين الانتهاء من هذا الملف، ويؤكدون أنه لا مصلحة لديهم بالمماطلة والتسويف، لاسيما انهم يعتبرون ان ما حصل في عرسال مع الجيش اللبناني كان عبارة عن فخ سقط به الجميع بدافع من بعض الجهات اللبنانية التي لها مصلحة بتوريط لبنان في النار السورية.

 

وردا على سؤال، لفت الشيخ امامة الى ان البعض في لبنان لا مصلحة لهم بتحرير العسكريين، لا بل ان مصلحتهم تقضي بزج الجيش اللبناني في شراكة كاملة مع جيش النظام السوري تحت عنوان “مكافحة الإرهاب”، بدليل ما يطلقه هؤلاء من دعوات يومية للتعاون والتنسيق بين الجيشين”، مؤكدا ان تلك الدعوات ليست عاقلة ولا تتصل الى الحكمة الوطنية بمكان، لا بل ان اي انزلاق للبنان الى الأتون السوري سيعود عليه بالويلات، خصوصا ان المؤسسة العسكرية قد تتعرض للانقسام والانهيار نتيجة الاختلاف العمودي والحاد بين الطوائف والمذاهب اللبنانية لجهة قراءة للحرب السورية أسبابا ونتائج وتداعيات طويلة المدى، واستدرك قائلا: ان لدى الكثير من القيادات اللبنانية ما يكفي من الحكمة التي تمنع سقوط لبنان حكومة وجيشا وشعبا في مثل تلك الدعوات المشبوهة.

 

وعن مخاوف البعض من نشوب حرب جديدة في عرسال، أكد الشيخ أمامة ان “قيادة الجيش تتفهم بدقة الوضع في البلدة وتزن بالميزان الوطني نتائج اي جولة جديدة من العنف قد تطرأ عليها”. وأشار الى ان العماد جان قهوجي كان واضحا بموقفه الحكيم الذي أكد فيه انه غير مستعد لتدمير عرسال فوق أهلها من أجل تحقيق انتصار يرضي البعض، معتبرا ان هذا الموقف المتميز بالعقلانية يطمئن الغيارى الحقيقيين على لبنان بأن عرسال لن تشهد إراقة جديدة للدماء البريئة في معركة لا مصلحة لأحد بحصولها. لكنه أكد في المقابل ان هذا الموقف للعماد قهوجي لا يعني إطلاقا ان المؤسسة العسكرية لا تستشعر وجود خطر في عرسال يستدعي من وجهة نظرها السهر والتدقيق والتشدد لمنع المتوسلين للحرب من ترجمة هذا الخطر على أرض الواقع”.