المشهد المأساوي نفسه يتكرر، من ضهر البيدر الى ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، استعان اهالي العسكريين المختطفين من قبل تنظيمي جبهة النصرة وداعش في جرود عرسال بأجسادهم وافترشوا الارض غضبا، نار الدواليب التي احرقوها لا توازي نار قلوبهم التي تغلي كالمرجل.

 

بعد 16 يوما من الاعتصام المتواصل على طريق ضهر البيدر، انتقل اهالي العسكريين المختطفين الى مرحلة جديدة من التحرك، فنصبوا الخيم في ساحة رياض الصلح قبالة السراي الحكومي.

 

والد الجندي المخطوف محمد حسين يوسف يروي لـ «الأنباء» تصميم الاهالي على الاستمرار في الاعتصام «لعل المسؤولين السياسيين المعارضين من نواب ووزراء يشعرون بمسؤوليتهم تجاه هذه القضية، نحن مازلنا نتصرف كالبشر فلا تجعلونا نتصرف كالوحوش».

 

ويلفت حسين يوسف ان احد المشايخ اوفد من قبل الشيخ عدنان امامة الاسبوع الماضي ونقل الى الاهالي رسالة من جبهة النصرة وتنظيم داعش مفادها ان المفاوضات بشأن العسكريين المخطوفين متوقفة وقد انسحب الموفد القطري نتيجة عدم التعاطي مع موضوع الاسرى بشكل جدي وصادق من قبل الحكومة، حيث كان الاتفاق على خروج نحو 45 من سجن رومية مقابل اطلاق سراح ثلاثة عسكريين، الا ان العملية فشلت لأن الطوائف اختلفت فيما بينها.

 

ويضيف يوسف: حتى اليوم الحكومة تتعاطى مع قضيتنا بشيء من البرودة واللامبالاة احيانا، وانا اعتقد ان الامور متأزمة، حيث ان الحكومة تسعى مع الاتراك والقطريين للمساعدة، فاذا كانت غير قادرة فلتقل لنا علنا ومن دون مواربة او تذهب الى البيت وتستقيل.

 

ولا يتوقف والد الجندي يوسف عند التسميات فيما يخص طريقة التعاطي مع الملف «لا تهمني المقايضة او المفاوضات او اي تسمية اخرى، ما يهمني فقط عودة ابني محمد الى اهله ووالدته ومؤسسته العسكرية، ما يعني لي اولا كرامة الوطن لا ارهابي او غير ارهابي».

 

ويعلق على دعوة داعش اهالي العسكريين الى الاستمرار في التحرك بالقول: قد يكون الامر كذلك، انما نحن لا احد يوجه لنا اللوم لأننا اصحاب قضية، وارواح اولادنا في مهب الريح، الحكومة تقول ان لديها اوراق ضغط نحن لسنا ضد ان تكون لديها هذه الاوراق وتفاوض من موقع قوة، انما نحن ضد هذا التباطؤ الحاصل لأنه يؤدي الى خسارة ابنائنا.

 

واوضح ردا على سؤال حول ما اذا كان اتصل بابنه طوال هذه الفترة: تلقيت ليلة عيد الاضحى المبارك اتصالا من رقم لم يظهر عندي على الشاشة، وقال لي احدهم واعتقد انه «امير» ما حرفيته: اذا اردت التحدث مع ولدك معك دقيقة واحدة لا غير وممنوع عليك ان تسأله اي سؤال إلا ما يتعلق فقط بصحته، فأجبته على الفور: لن أسأله لأنه واقف الى جانبك انما اناشدكم باسم رب العالمين ألا تظلموا ولدي وباقي رفاقه لأنهم ضحية مؤامرة سياسية لبنانية، ونحن بكل اسف منقسمون جهة تشد للشمالي واخرى لليمين.

 

ولاحقا، ابلغ يوسف اهالي المخطوفين المعتصمين في ساحة النجمة بان الشخص الذي اتصل به ابلغه عزمه قتل جميع الرهائن اذا لم تتحقق مطالبه، في خلال يومين، الامر الذي اثار قلق الاهالي الذين نقلوا مخاوفهم وغضبهم الى مجلس الوزراء ومجلس النواب.

 

وزير الصحة وائل ابوفاعور قال: الدولة لا تراوغ، لكن التعقيدات تخطت الدولة والاهالي، وامل من الخاطفين الا يحملوا العسكريين وزر سواهم، وكرر التأكيد على وقوف كتلته النيابية برئاسة وليد جنبلاط الى جانب المقايضة بين العسكريين ونزلاء سجن رومية.