من اللافت أخيراً، تكاثر التحذيرات الإسرائيلية من احتمال حدوث تصعيد مفاجىء على الحدود الشمالية مع لبنان مع "حزب الله". ففي المراجعة السنوية التي تجريها الصحف الإسرائيلية لاحداث العام الماضي وتوقعاتها للسنة المقبلة بمناسبة رأس السنة العبرية، برز التحذير الإسرائيلي من خطر اندلاع مواجهات مع "حزب الله" على الحدود الشمالية.
وبعدما كانت تقديرات الاجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية تميل الى استبعاد تورط الحزب في مواجهة مسلحة مع إسرائيل بسبب انشغاله في القتال في سوريا الى جانب نظام بشار الأسد، والضغوط التي تمارس عليه داخل لبنان، يبدو انتحولاً طرأ في الفترة الاخيرة على هذا الموقف جراء عدد من العوامل أهمها: الخطأ الذي وقعت فيه الاستخبارات الإسرائيلية التي كانت تستبعد اقدام "حماس" على الدخول في مواجهة عسكرية جديدة مع إسرائيل، وقد يكون العودة الى التحذير من مخاطر مواجهة مع "حزب الله" هو من اجل تفادي الوقوع مجدداً في تقديرات مغلوطة؛ الخبرة القتالية الكبيرة التي اكتسبها مقاتلو الحزب من خلال مشاركتهم في القتال في سوريا واحتمال تطبيقها على الجبهة مع إسرائيل؛ الدروس التي استخلصها "حزب الله" من المواجهة الاخيرة بين "حماس" وإسرائيل واحتمال توظيفه لها في مواجهة جديدة؛ والتبدل في سياسة ضبط النفس التي مارسها الحزب سابقاً واعلان قادته عدم سكوتهم على اي اعتداء يتعرض له الحزب من جانب إسرائيل.
ففي رأي الصحافي في صحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور "ان الحزب يبدو اكثر توتراً في الفترة الاخيرة وثمة تخوف من ان الردع الذي سمح بثمانية اعوام من الهدوء قد تراجع". اما المعلق السياسي في "هآرتس" عاموس هرئيل فقال: "الصورة على الحدود الشمالية معقدة. اذ يتحدث زعماء حزب الله عن حساب قديم - جديد مع إسرائيل، مما تفسره شعبة الاستخبارات الإسرائيلية بأنه يعكس تغيراً في سياسة ضبط النفس على الخطوات التي قامت بها إسرائيل ضد الحزب من دون ان تتحمل مسؤوليتها علناً". ويدخل الكاتب في هذا الاطار الحوادث التي وقعت على حدود الجولان خلال العام الماضي، والحادثة التي جرت في 5 ايلول ولم تجذب الكثير من الانتباه المرتبطة بمقتل خبير متفجرات من "حزب الله" في انفجار جهاز تجسسي اكتشف في جنوب لبنان اتهمت إسرائيل بتفجيره بعد انكشافه. وسقوط طيارة إسرائيلية صغيرة من دون طيار في مرجعيون.
اما الباحث في معهد دراسات الامن القومي عومر عينافن، فشدد على احتمال اندلاع مواجهة جديدة مع "حزب الله" يطبق فيها الحزب الدروس التي تعلمها من عملية الجرف الصامد. ويلفت الى ضرورة ان تاخذ إسرائيل في حسابها خطر نشوب مواجهة مفاجئة مع "حزب الله" قد تمتد ايضاً الى هضبة الجولان حيث يملك الحزب وجوداً عسكرياً.
عشية رأس السنة العبرية تبدو إسرائيل خائفة على امنها على حدودها من الجنوب حتى الشمال في ظل توقعات كئيبة ومقلقة بما قد تحمله لها السنة الجديدة من مخاطر.