اتفق وزراء الخارجية العرب، أمس، على اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ـ "داعش"، والتعاون مع كل الجهود الدولية والإقليمية والمحلية لمحاربة الجماعات المتشددة، معربين عن تأييدهم لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر في آب الماضي، الذي يطالب الدول الأعضاء بالتحرّك لوقف تدفق الدعم اللوجستي والعسكري والمالي للمتطرفين في العراق وسوريا.
وأكد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب على "الإدانة القوية لتواصل أعمال الإرهاب التي تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة العربية وتقويض كيانات بعض الدول العربية وتهديد أمنها وسلامة أراضيها، والتأكيد على دعمهم لجهود الدول العربية فيما يتخذ من تدابير لمواجهة الهجمات الإرهابية والتصدي لكل من يقف وراءها أو يدعمها أو يحرّض عليها".
وأدان الوزراء العرب "جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف العراق، والتي تقوم بها التنظيمات الإرهابية بما فيها تنظيم داعش وما تؤدي إليه من جرائم وانتهاكات ضد المدنيين العراقيين"، على حد ما جاء في قرار وزراء الخارجية العرب.
وشدّد البيان الختامي على ضرورة "منع الإرهابيين من الاستفادة بشكل مباشر أو غير مباشر من مدفوعات الفدية، ومن التنازلات السياسية في مقابل إطلاق سراح الرهائن تنفيذا لقرارات مجلس الجامعة وقرار مجلس الأمن رقم 2133 في هذا الشأن، مع التشديد على رفض ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية أو حضارة وتعزيز الحوار والتسامح والتفاهم بين الحضارات والثقافات والشعوب".
ودعا الوزراء "الدول العربية التي لم توقّع أو تصادق على الاتفاقيات العربية فى مجال التعاون الأمني والقضائي الى أن تبادر إلى فعل ذلك بأسرع وقت ممكن وبخاصة تلك الاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب"، وإلى "المصادقة على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى تطبيق بنودها من دون إبطاء وتفعيل الآلية التنفيذية للاتفاقية".
كما شدّد الوزراء العرب على "تكثيف تبادل المعلومات عن الوقائع المتصلة بالإرهاب حسب الحاجة وعند الاقتضاء ومواصلة الجهود لإنشاء شبكة للتعاون القضائي العربي فى مجال مكافحة الإرهاب".
وحثّ البيان الدول العربية على "وضع إستراتيجيات وطنية وإقليمية للوقاية من الإرهاب"، مرحّباً باقتراح مصر "عقد الاجتماع المشترك لمجلسي وزراء العدل والداخلية العرب لتفعيل الاتفاقيات الأمنية والقضائية العربية ودعوة الجهات المعنية فى الدول العربية إلى المشاركة بكثافة في هذا المؤتمر".
وكان الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أكد، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب، على ضرورة أن يتبنى العرب قراراً "واضحاً وحاسماً لمواجهة شاملة عسكرية وسياسية" للإرهاب.
وأضاف أن "المطلوب، في تقديري، هو اتخاذ قرار واضح وحاسم بمواجهة شاملة: عسكرياً وسياسياً وفكرياً واقتصادياً. عسكرياً، بالاستناد إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك... وسياسياً، بمساعدة الدول الأعضاء على إرساء حكم القانون وتقوية مؤسسات الدولة... وفكرياً وثقافياً باستئصال جذور التطرف من مناهجنا وإعلامنا... واقتصادياً بمواجهة المشاكل المزمنة في المجالات الإستراتيجية كالطاقة والأمن المائي والغذائي ومعالجة البطالة المتفشية".
واعتبر الأمين العام للجامعة العربية أن "التحديات التي تواجهها الدول العربية اليوم هي بحق غير مسبوقة، وتتعلق بالوجود ذاته: ابتداء من الضغوط الداخلية الناجمة عن أوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، وتقلّص قدرة مؤسسات الدولة على القيام بمهامها، بما يترتب عليه من أزمات حكم وثورات شعبية وتدخلات أجنبية، مروراً بانتشار التنظيمات المسلحة ذات الأفكار الممعنة في التطرف، وانتهاء بالتهديدات لوحدة الدولة أو حتى لوجودها ككيان سياسي واقتصادي واجتماعي".
وأضاف "هذه التهديدات تستدعي تحركاً عربياً شاملاً، يتضمن تدابير أمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وثقافية، وتهدف إلى تقوية قدرة الدول العربية على صيانة وحدتها وسلامتها وأمن مواطنيها. وهو أمر لا أعتقد أن الدول العربية قادرة عليه فرادى، بل يستدعي تعاوناً عربياً وثيقاً، لا يزال وبكل أسف بعيد المنال".
وشدّد العربي على أن "ميثاق الجامعة ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي، وهذا المجلس بآلياته وأجهزته ولجانه الوزارية المختلفة، يوفرون للجامعة العربية إطاراً قانونياً وسياسياً يسمح للجامعة بالقيام بكل المهام اللازمة لمساعدة أي دولة عربية على مواجهة التهديدات الموجهة لأمنها وسلامتها ووحدة أراضيها، بما في ذلك الوساطة، ونشر المراقبين، وإنشاء بعثات حفظ السلام وبناء السلام، بل والتدخل العسكري المسلّح إن لزم الأمر"، لافتاً إلى أن "ما يمنع الجامعة عن أداء هذه المهام هو غياب الإرادة السياسية، والتي تترجم إما في صورة تفضيل لتدخل المؤسسات الدولية والإقليمية الأخرى، أو في صورة خلافات بين الدول الأعضاء حول ما يجب اتباعه من إجراءات إزاء التهديدات الأمنية بحيث تجعل من المتعذر على الجامعة التدخل في الوقت المناسب وبفاعلية".
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري بحث في اتصال هاتفي مع العربي التهديد الذي يشكّله تنظيم الدولة الاسلامية عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الاميركية إن كيري والعربي "بحثا ضرورة أن تتخذ الجامعة العربية واعضاؤها موقفاً قوياً في التحالف الذي يجري تشكيله في مواجهة الدولة الاسلامية". وأضاف أنهما "بحثا أيضا أهمية القيام بتحرك حازم لوقف تدفق المقاتلين الأجانب والتصدي لتمويل الدولة الاسلامية ومحاربة التحريض الذي تقوم به"، واتفقا على أن العراق في مقدمة المعركة ضد تنظيم "داعش"، وشدّدا على ضرورة أن يتم "التعاون بين الولايات المتحدة و(دول) المنطقة والمجموعة الدولية لمساعدة العراق في مواجهة هذا التهديد".