في تطوّر خطير ينذر بانفجار ملف المخطوفين العسكريين، نفّذ تنظيم "الدولة الإسلامية " أمس حكم الاعدام بالجندي الشهيد عباس مدلج، مبدداً أجواء التفاؤل في اليومين الأخيرين بعد دخول الوسيط القطري على الخط، وليُطرح التساؤل عن أسباب اقدام "داعش" على هذه الخطوة والرسالة التي أراد ايصالها.
"لقد دخلنا في لعبة أمنية مخابراتية معقدة، ومن الصعب فهم كل رموزها ورسائلها، ومن ضمنها الكلام التفاؤلي الذي صدر في الأيام الأخيرة، والذي تبعه قتل الجندي في الجيش اللبناني، ومع ذلك يمكن فهم رسالة "داعش" بان التنظيم مصرّ على قضية المبادلة والمقايضة بالسجناء الاسلاميين "، بحسب ما قاله رئيس "جمعية السكينة" الاسلامية الدكتور أحمد الأيوبي لـ"النهار".
وفي قراءته، ان "داعش" يملك "مشروعاً كبيراً على مستوى المنطقة، لذلك يحاول الدخول إلى الواقع اللبناني بطرق مختلفة ومن ضمنها قضية الجنود ".
ويرى الايوبي أن "ليس لدى التنظيم أي مشكلة بقتل المزيد من الجنود، فهذه منهجيته وسلوكه، والقيم التي يحملها تختلف عن قيمنا، ووجهة النظر التي يحملها تجاه الأحداث والوقائع مختلفة تماماً عما يمكن أن نفهمه، فمثلاً هم يعتبرون الجهاد قيمة وهو في الحقيقة كذلك، والشريعة الاسلامية بأحكامها العامة والتفصيلية قيمة كبرى، لكن كيف نفهم هذه الشريعة ومقاصدها ونطبقها. والإسلام يحرّم قتل الأسير الذي لديه حقوق تمنع قتله إلا في حالات محددة ومحدودة جداً جداً ".
وعن الحالات التي يقتل فيها الأسير في مفهوم جماعات اصولية كـ"داعش"، يجيب: "عندما يشكل خطراً على أمن المسلمين، فالرسول في احدى المرات أمر بقتل سبعة أسرى من بين مئة أسير كونهم قادة عسكريين يشكلون خطراً على أمن المسلمين، وهذه الحادثة لم تتكرر ربما، لكن اطلاق العنان للتفسير كما يفعل " داعش " هو الاشكال".
عضو "هيئة العلماء المسلمين" الشيخ حسام الغالي رأى انه من غير الواضح ما يقوم به تنظيم "الدولة الإسلامية"، فـ"بحسب البيان الذي نشره كان يعاقب الشهيد مدلج على محاولته الهرب، لكن الله أعلم ما مدى صحة الموضوع ". ولاحظ ان بيان "داعش" لم يربط بين عملية الاعدام والوساطة، وهذا قد يشكل دليلاً على أن التنظيم ليس ضدها".
الغالي لا يزال متفائلاً بالوساطة القطرية، آملاً أن لا يصل ملف المخطوفين إلى نهاية تؤدي إلى إشكالات وتفجير الوضع في لبنان .
في السياق نفسه، توقفت أوساط اسلامية عند تكتيك التنظيم باعادة اعدام مدلج الى محاولته الهرب، في رسالة ضغط واضحة على الحكومة اللبنانية، بحيث يُترك الباب مفتوحاً امام الوساطة، وينفذ الوعيد والتهديد بالمزيد من الاعدامات.
ووفق الاوساط، فان التنظيم يرتبط على صعيد القرار بشكل مركزي بقيادته الام، بحيث لا يترك له اي هامش مناورة. والخطوات التي يقوم بها مرتبطة بعمليات ورسائل على صعيد اقليمي وعالمي، ليس آخرها اعدام الصحافي الاميركي ستيفن سوتلوف. وبخلاف "جبهة النصرة"، فان التنظيم يملك تقييماً هشاً للتوازنات السياسية-الطائفية داخل الساحة اللبنانية،ويتصرف باسلوب انغماسي واحد من الموصل الى الرقة الى جرود عرسال، وفق مفاهيمه، وهنا مكمن الخطورة بحيث ليس لديه مشكلة بقتل المزيد من الاسرى في حال لم تلّب شروطه. وترى هذه الاوساط انه من الصعب الاجابة على سؤال حول وجود جهة وازنة تضغط على التنظيم بشكل مباشر، اذ ان الامر يبدو غير واضح تماماً.

اسرار شبارو
النهار