اذا كان الخطر الامني الداهم والتمدد الداعشي من العراق وسوريا في اتجاه لبنان من بوابة عرسال حتم اتخاذ خطوات عربية وتحديدا سعودية لدعم الجيش وسائر القوى الامنية عبر هبة المليار دولار لصد محاولة استباحة لبنان من الاصوليين والمتطرفين، فان عدم وضع هبة المليار وسابقاتها من هبات الثلاثة مليارات السعودية والطائرات الروسية التي وعد بها لبنان منذ سنوات موضع التنفيذ طرح اكثر من علامة استفهام حول جدوى الاعلان عنها ما دام اي منها لم يؤمن حتى الساعة للمؤسسة العسكرية الاسلحة الضرورية للوقوف في وجه الارهاب والارهابيين.

ويقول مصدر وزاري مطلع على الملف لـ"المركزية" ان هبة المليار دولار الاخيرة لا تشبه في اي شكل سابقاتها ذلك انها منفصلة تماما عن دوامة الروتين والشروط الادارية التي تؤخر مسار الهبات، وان عدم دخولها حتى الساعة حيز التنفيذ شأن لبناني محض لا علاقة لأي دولة اخرى به خلافا لهبة الثلاثة مليارات.

ويكشف ان الهبة التي قبلها مجلس الوزراء واعتبرها عينية موضوعة في تصرف الحكومة التي اتخذت الاجراءات الواجبة لوضعها في حسابها في مصرف لبنان المركزي هي راهنا قيد البحث في الالية الواجب اعتمادها بين المعنيين في الدولة من اجل الاتفاق على كيفية انفاقها غير المشروطة من الدولة الواهبة لا بنوعية السلاح ولا الدول المراد شراؤه منها، اذ ان المملكة العربية السعودية لم تحدد سوى هدف تسليح الجيش والقوى الامنية سريعا لمواجهة الارهاب.

وينتظر وزير الدفاع سمير مقبل تحديد هذه الآلية من جانب مجموعة المعنيين بها في لبنان لابداء رأيه، مع حرصه الشديد وفق ما نقل عنه زواره على اتمامها مباشرة من دولة الى دولة بعيدا من الرشاوى والسمسرات والصفقات المشبوهة.

الا ان الآلية ما زالت حسبما يؤكد المصدر الوزاري في طور الاعداد لا سيما لجهة كيفية توزيعها وضبط الانفاق والمبلغ الذي سيخصص لكل جهاز امني بعدما برزت بعض التباينات المتصلة بقيمة المبالغ التي وزعت في شكل غير نهائي علما ان المليار دولار مخصصة حصرا لشراء المعدات والاسلحة استنادا الى حاجات كل جهاز وليس لأي غرض آخر، وتبعا لذلك مطلوب تقسيم المليار دولار بحسب الحاجات الملحة الواجب توافرها لمواجهة الارهاب.

اما هبة الثلاثة مليارات، فيشير المصدر الى ثلاث محطات اساسية يجب اتمامها لتدخل حيز التنفيذ:

1- التوقيع الرسمي اللبناني- الفرنسي عليها استنادا الى اللائحة التي اعدتها قيادة الجيش بالحاجيات واتفقت في شأنها مع شركة Odass المشرفة على التنفيذ وذلك بعد جولة زيارات واجتماعات لمسؤولين عسكريين في البلدين وابلغت المملكة العربية السعودية انذاك بالاتفاق.

2- توقيع بروتوكول الهبة بين الدول الثلاث المعنية، السعودية – فرنسا –لبنان. وابرز ما يؤخر هذه الخطوة استنادا الى المصدر الوزاري الاجراءات الروتينية الادارية خصوصا ان هبة الثلاثة مليارات ليست مستقلة بل تقع من ضمن صفقة سعودية فرنسية بمليارات الدولارات لتزويد المملكة بمعدات عسكرية ومدنية تبدو دخلت على خط انجازها بعض المعوقات والضغوطات الاقليمية والدولية.

3- التوقيع على الآلية التي وضعتها الدولة الفرنسية وارسلتها الى السلطات المختصة في السعودية من اجل التوقيع بدورها وهو ما لم يتم حتى الساعة.

ويقول المصدر ان عدم انجاز المحطات الثلاث وصعوبة اتمام صفقة الثلاثة مليارات سريعا حمل المملكة على تقديم هبة المليار دولار غير المشروطة دعما للجيش والقوى الامنية في مواجهة الارهاب.

الجدير ذكره ان رئيس مجلس النواب نبيه بري طالب سفراء الدول الخمس الذين زاروه في عين التينة بناء على استدعائه، بالاسراع في دعم الجيش والقوى الامنية وتجاوز الآلية التقليدية والبروتوكولية لتلبية الحاجات الملحة نسبة للمخاطر التي تهدد لبنان محذرا من تكرار حوادث عرسال وانتقالها الى مناطق اخرى.