للأجواء المتفائلة حيال إمكان أن يحمل شهر أيلول إنفراجات في المشهد السياسي المأزوم داخلياً ما يبررها. ذلك أن هذه الاجواء ليست قائمة على معطيات داخلية بما أن لا سلطة قرار حاسم للقوى السياسية المحلية، بل هي مستندة إلى القراءات للمناخات الاقليمية والدولية الناتجة عن حراك لافت من شأنه إذا نجح أن يسهم في حلحلة الجمود السياسي القائم على الساحة اللبنانية.

يتطلع المراقبون إلى التقدم الحاصل على مسارين مهمين وأساسيين بالنسبة الى مستقبل الصراع في المنطقة: اولهما مرتبط بالعلاقة الاميركية الايرانية والثاني رهن للأول ويتعلق بالعلاة الايرانية السعودية.
وفي رأي مصادر سياسية لبنانية أنه لمعرفة مصير الاستحقاقات الداخلية لا بد من ترقب ورصد تطور العلاقة على هذين المحورين خصوصا أن لبنان وإن لم يكن مدرج على أي أجندا إقليمية أو دولية، لكنه يشكل من حيث موقعه وإمتدادات أطراف الصراع الاقليمي داخله عبر حلفائهم المعتمدين، مسرحا لتبادل الرسائل ولإنتقال نار الازمة الاقليمية اليه.
وفي هذا السياق، تنقل المصادر السياسية عن مصادر أميركية قولها أن أولوية الولايات المتحدة اليوم تصب على إنجاز إتفاق غير مكلف مع طهران. ولهذا فهي ليست في وارد المقايضة في اي من الملفات الثانوية التي لا تردها ضمن اولوياتها، من دون أن ينتقص ذلك من قرارها من ضمن المجموعة الدولية على حماية الاستقرار في لبنان.
وعليه، وفيما تبدو عقدة الملفات السياسية المحلية داخلية بإمتياز في ظل عقدتين أساسيتين تعوقان إنجاز الاستحقاقات العالقة احداها تتعلق بتصلب العماد ميشال عون حيال موقفه من الاستحقاق الرئاسي، والثاني تصلبه حيال عدم مشاركته في فتح ابواب المجلس امام التشريع في ظل شغور موقع الرئاسة الاولى، فإن اي حلحلة على صعيد هذين الاستحقاقين لا بد وأن تكون خارجية وتحديدا من الراعي الايراني لتحالف 8 آذار الذي يعود اليه إبلاغ كلمة السر الى حلفائه المحليين.
وعليه، فإن هذه القراءة تعزز إقتناعات المصادر المشار إليها أن لا حلحلة داخلية قبل التفاهم الاميركي الايراني. ويبقى على القوى المحلية العمل على إحتواء المضاعفات السلبية الناتجة عن تعطل عمل المؤسسات الدستورية على البلاد سياسيا وإقتصاديا وماليا وإجتماعيا في ظل الازمات المتفجرة المفتوحة في وجه الحكومة، وهي السلطة الوحيدة الفاعلة راهناً، علما أن معظم هذه الملفات مفتوحة على خلفية تصفية حسابات سياسية، فيما تبقى الجهود الاساسية منصبة على إحتواء مفاعيل التفلت الامني والامتداد الداعشي الذي لم تنته فصوله بعد في بلدة عرسال، فيما لا تخفي المصادر السياسية عينها خشيتها من فتح الجبهة الحدودية مع اسرائيل بما يضع لبنان مجددا في عين العاصفة التي يعجز عن تدارك لهيبها.