فتت أوساط خبيرة في شؤون المنطقة لصحيفة “الراي” الى ان “الولايات المتحدة ليست في صدد مواجهة “داعش” للقضاء عليه، انما هي تستشعر خطره وتعمل على منع تمدُّده في شكل يؤثر على مصالحها في المنطقة او يهدد أمنها وأمن اوروبا. الولايات المتحدة ستأخذ في الحسبان في سلوكها في المنطقة الوقائع الجديدة، وهو أمر ينسحب ايضاً على أطراف دولية واقليمية أخرى”.

وفي تقدير هذه الاوساط، التي تعتقد ان لبنان مقبل على انفراج ما، ان “الهدف لم يعد إسقاط النظام في سوريا ولم يعد الرئيس السوري بشار الاسد الهدف رقم واحد. فرغم انه لم يصبح مقبولاً لدى المجتمع الدولي، فان وجوده حاجة لإكمال الحرب على “داعش”، وهي الحرب التي تخاض عبر تحالف دولي – اقليمي عنوانه مكافحة الإرهاب. ولان لبنان في قلب هذا الحراك الاقليمي – الدولي، فان الرغبة في حماية الاستقرار باتت تشكل حافزاً لإنهاء الفراغ الرئاسي، وخصوصاً في ضوء الوقائع الآتية:

* الموقف الحاسم للمملكة العربية السعودية بالوقوف ضد إرهاب الجماعات التكفيرية كـ”داعش” وسواها، مما أرسى تفاهمات غير مباشرة بين الأطراف الاقليميين حول أولوية المرحلة الحالية في المنطقة، وهو ما تُرجم على عجل بهبة المليار دولار للجيش اللبناني غداة معركة عرسال ضدّ المجموعات الارهابية.

* جعلت معركة عرسال الطرفيْن النقيضيْن (قوى 8 و 14 آذار) في خندق واحد بعدما أدرك الجميع خطر الهجمة الارهابية التي تستهدف الطرفين معاً، وخصوصاً في ضوء ما تعرض له المسيحيون وسواهم في الموصل وكسب وسنجار حيث لا مكان للتنوع او التعدّد تحت الرايات السود لـ”الدولة الإسلامية”.

* عودة الرئيس سعد الحريري التي ادت الى “كسر الجليد” في العلاقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو ما يؤشر الى اتجاه لإعادة التواصل التدريجي مع خصومه في ظل زياراته المتتالية المرتقبة لبيروت، الامر الذي من شأنه تنفيس الاحتقان الذي أعقب أحداث 7 مايو 2008 واستمر الى يوم اعلان “داعش” دولة الخلافة في الاول من رمضان الماضي.

ولم تستبعد الأوساط ان “يزهر” خريف لبنان رئيساً جديداً للجمهورية في ضوء ما أفضى اليه الواقعان المحلي والاقليمي وخصوصاً مع ضيق أفق المناورات الداخلية وتَشابُك الاستحقاقات والتعقيدات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية والنيابية والعمل التشريعي في شكل بدأ ينذر بتصدّعات مؤسساتية بالغة الخطورة لا يمكن تفاديها الا بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ما يتيح تشكيل “عازل” أكثر صلابة في مواجهة الأخطار الأمنية.
وبرزت في هذا السياق مجموعة من العناوين المثيرة التي ملأت “الوقت الضائع”، كالحملة “المبرْمجة” لوسائل إعلام قريبة من قوى 8 آذار على قيادة الجيش استناداً الى «خلاصات» معركة عرسال، وتحويل اقتراح رئيس “التيار الوطني الحر” النائب ميشال عون بانتخاب رئيس الجمهورية من الشعب مباشرة على مرحلتين، واحدة مسيحية واخرى وطنية، الى اقتراح تعديل دستوري احيل على البرلمان.

وبدت الاوساط السياسية في بيروت مهتمة بمعرفة مغزى الحملة على قيادة الجيش وأبعادها من القوى التي غالباً ما تولت “مديح” المؤسسة العسكرية في وجه انتقادات كانت تُوجه لادائها غير المتوازن ولا سيما من نواب في “تيار المستقبل” كانوا يأخذون على قيادة الجيش إفراطها في مراعاة اجندة “حزب الله”. “حزب الله” يحرص على النأي بنفسه عن هذه الحملة. فاذا كانت الاسئلة المثارة مطروحة وغير مفتعلة، فان تحويلها حملة اعلامية امر غير مستحب لان من شأنه إضعاف معنويات الجيش”.