كشف مصدر سياسي مطلع على سير المحادثات الجارية بين القوى السياسية أن التسوية التي يتم بحثها تنص على التمديد لمجلس النواب قبل انتهاء ولايته في تشرين الثاني المقبل، على أن يتم انتخاب رئيس خلال الأسابيع القليلة التي تلي التمديد، ومن ثم يصار إلى حل مجلس النواب بإجماع الفرقاء وإجراء انتخابات نيابية جديدة على أساس قانون جديد تقود إلى إعادة تكوين السلطة. 

وأشار هذا المصدر، في حديث الى صحيفة "السياسة" الكويتية، إلى أن مدة التمديد ليست ذات أهمية في إطار هذه الصفقة، سواء كانت ستة أشهر أو سنتين وسبعة أشهر بحسب اقتراح النائب نقولا فتوش، لأن المجلس لن يكمل الفترة وسيتم حله لاحقاً، على أن تكون التسوية برعاية دول ضامنة للاتفاق ومؤثرة على فريقي "8 و14 آذار". 

وإذ لفت إلى أن بعض القوى غير الأساسية في الفريقين ما زالت بعيدة عن أجواء الصفقة بانتظار اكتمال ملامحها بين المعنيين في لبنان وفي دول إقليمية، أوضح المصدر أن النقاشات الجارية حالياً تتركز على نقطتين أساسيتين، هما: التوصل إلى لائحة تضم اسمين فقط من الأسماء المرشحة للرئاسة التي تنطبق عليها صفقة التوافقية تمهيداً لحسم الخيار بينهما في ربع الساعة الأخير والاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية. 

وفي ما يتعلق بالنقطة الأولى، تتحدث المعلومات عن اتجاه لاستبعاد قائد الجيش العماد جان قهوجي من قائمة المرشحين التوافقيين استناداً إلى رؤية دولة أوروبية مؤثرة تعتبر أن التجربتين السابقتين للرئيسين ميشال سليمان واميل لحود لم يكتب لهما النجاح، وهي تفضل الذهاب نحو خيار آخر إلا أن بعض الأطراف ترفض استبعاد قهوجي في المرحلة الأولى وتصر على أن يكون أحد الاسمين اللذين سيتم الاختيار بينهما في المرحلة الأخيرة، بعد استطلاع آراء القوى المسيحية وبكركي وأخذ موافقتها النهائية على أحدهما. 

وبحسب المصدر، فإن الأسماء الأربعة الأكثر حظوظاً من بين المرشحين التوافقيين في هذه المرحلة، هم إضافة إلى قهوجي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزيرين السابقين زياد بارود وجان عبيد، على أنه من غير المستبعد توصل الفرقاء في ربع الساعة الأخير إلى التوافق على اسم من خارج هذه اللائحة، على اعتبار أن العماد ميشال عون لم يدل بدلوه النهائي بعد في هذا الشأن، وإن كانت التسريبات تشير إلى استعداده لدعم أحد أعضاء تكتله النيابي أو أحد حلفائه السياسيين من غير المحسوبين مباشرة على فريق "8 آذار". 

وفيما يستمر البحث عن اسم المرشح التوافقي للرئاسة، تدور نقاشات جدية بشأن القانون الذي ستجري الانتخابات على أساسه بعد حل مجلس النواب الممدد له، حيث يصر عون على مشروع قانون "اللقاء الأرثوذكسي" الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة ومذهب نوابهما، فيما يرفض "تيار المستقبل" تحديداً هذا المشروع, لكنه لا يعارض حلاً وسطياً يرضي الفريق الآخر. 

وفي هذا السياق، تتركز المحادثات التي تجري بعيداً عن الأضواء على الوصول إلى صيغة تحمل في طياتها بعضاً من مطالب عون، على اعتبار أن هكذا قانون يرضي جميع الفرقاء المسيحيين، خصوصاً "القوات اللبنانية" و"الكتائب"، وهنا يمكن تنازل "تيار المستقبل". 

وأوضح المصدر أن الصفقة المحتملة تتطلب تنازلات من جميع الفرقاء وإذا كتب لها أن تبصر النور فهي تعني أن عون تخلى عن تشبثه بالرئاسة فيما "تيار المستقبل" وافق على السير باقتراح شبيه بـ"الاقتراح الأرثوذكسي"، مشيراً إلى أن الحكومة المقبلة المفترض تشكيلها بعد انتخاب الرئيس الجديد ليست خارج البحث وإنما تدخل في صلبه, وسط معلومات عن اتفاقات ومقايضات شبيهة بالمقايضات التي أفضت إلى الإفراج عن التعيينات الإدارية الأخيرة التي صدرت في آخر عهد الرئيس السابق ميشال سليمان في ايار الماضي. 

وختم المصدر بالإشارة إلى أن هذه الصفقة – التسوية للملف اللبناني قطعت شوطاً لا بأس به إلا أن الاتفاق على المبدأ والخطوط العريضة لا يعني أنها نضجت بشكل كامل، وإنما تنتظر بالدرجة الأولى التوصل بين الفرقاء اللبنانيين إلى حلول للنقاط العالقة كافة، تمهيداً للحصول على الضوء الأخضر الخارجي لتسلك طريقها نحو التنفيذ.