كل الأنظار المحلية والإقليمية والدولية مشدودة نحو بلدة عرسال وجرودها وقد خرجت المبارزة إذا صح التعبير بين قوى 8 آذار و 14 آذار بالتعادل (1-1) بعد ان حدّد الحكم الإقليمي وقت المبارزة لتسجيل قوى 14 آذار وتحديداً تيار المستقبل هدفاً في الدقائق الأخيرة أعاد التوازن بين الطرفين مجدداً بعد أن فقده في الأيام الأولى لاجتياح الإرهابيين والداعشيين للبلدة وفرض حصار على أهلها وقتل عدد من ابنائها في الجيش اللبناني واحتجاز عدد آخر إضافة الى عناصر قوى الأمن الداخلي...

وقد شكل اجتياح عرسال من الإرهابيين ضربة قاسية لهم استفادت منها قوى 8 آذار وبالتحديد حزب الله الذي يخوض في جرود القلمون معارك ضارية مع التكفيريين إذا كانت المجموعات المسلحة تتخذ من عرسال منطقة دعم لوجستي لها يتمثل بالتموين الغذائي والطبي والعتاد العسكري وهذا ما كان يقلق حزب الله ويجعل من مواجهة المسلحين في الجرود عملية معقدة وصعبة ومكلفة بشرياً ومادياً... وبعد أن أحكم الجيش اللبناني الطوق على الإرهابيين واسترد التلال والمواقع التي احتلها الإرهابيون باتوا في وضع لا يحسدون عليه فهم من جهة محاصرون من قبل الجيش ومن جهة ثانية من مقاتلي حزب الله... وقد كادت الأمور في الأيام الأخيرة تخرج عن السيطرة في ظل الخلاف بين الإرهابيين انفسهم حين عارض الداعشيون الخروج من البلدة ومتخذين من أهالي عرسال دروعاً بشرية ورهائن... وفجأة جاء التدخل السعودي عبر إعلان سعد الحريري دعم الجيش بمليار دولار لتسليحه ومواجهة الإرهابيين واعتماد مبدأ التفاوض معهم لتجنيب البلدة مزيداً من الدماء والدمار لتعيد خلط الأوراق من جديد على ان يخرج الإرهابيون من البلدة نحو الجرود.... وبذلك يكون فريق 14 آذار قد كسب هذه النقطة التي اراحت اهالي عرسال وجعلت قائد الجيش العماد جان قهوجي يتنفس الصعداء إذ ارتفعت في الأيام الأخيرة أسهمه في انتخابه رئيساً للجمهورية كرئيس توافقي...

وبذلك يكون قائد الجيش قد تجنّب معركة قاسية ومكلفة ضد الإرهابيين شبيهة بمعركة نهر البارد... وأيضاً جنب البلاد خضات أمنية واسعة وقد كان نبه منها العماد قهوجي في مؤتمره الصحافي عندما أشار الى الخوف من عنصر المباغتة التي قد تقدم عليه الجماعات الإرهابية في أكثر من منطقة...

فهل تكون عرسال بوابة للإجماع الوطني على محاربة الإرهاب ونافذة على كل الخلافات بين أهل السلطة تتوج بالإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية وحل كلّ المشاكل العالقة وإجراء انتخابات نيابية؟

لعل الأشهر القادمة وما قد تحمله من مفاجآت وحدها القادرة على الإجابة على هذه الأسئلة فيما يبقى القلق سيد الموقف في قلوب اللبنانيين الذين يتمنون خشبة الخلاص في أقرب وقت ممكن...