قبيل منتصف الليلة الماضية، عاد الحديث عن التوصل إلى تسوية لأزمة عرسال، بعدما أقفلت هيئة علماء المسلمين طرقات كثيرة، رداً على إقفال طريق عرسال. التسوية للأزمة العرسالية لن تنهي معارك البقاع الشمالي. فمصير جنود الجيش المخطوفين لم يُكشف بعد، والمسلحون يرفضون مغادرة الأراضي اللبنانية

بدأ المسلحون بالانسحاب إلى جرود عرسال، لكنهم لم يطلقوا سراح المخطوفين الـ27 (10 عسكريين من الجيش و17 من قوى الأمن الداخلي)، ورفضوا كشف مصير 9 عسكريين من الجيش فقدوا منذ بداية اعتداءات «داعش» وأخواتها على مواقع الجيش في عرسال. حتى فجر اليوم، كانوا قد أفرجوا فقط عن 3 عسكريين من الجيش و3 أفراد من الأمن الداخلي.

هيئة علماء المسلمين التي تؤدي دور الوسيط بين الجيش والمسلحين كانت قد وعدت بالسعي إلى إطلاق سراح جميع المخطوفين. لكنها عادت امس إلى اللبوة بجندي واحد من الجيش، فيما بقي زميلاه المحرران في منزليهما في عرسال. لكن مصادر الهيئة، ومصادر المجموعات المسلحة، اكدت أن جميع المسلحين بدأوا ليل أمس بالانسحاب من عرسال إلى الجرود، بمن فيهم مقاتلو تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش»)، بعدما كان هؤلاء يرفضون طوال نهار أمس الاقتداء بزملائهم في «جبهة النصرة» الذين خرجوا من عرسال إلى جرودها أمس.


أعلن اللواء محمد خير أن طريق عرسال ستكون سالكة أمام المساعدات الغذائية اليوم
أما المسلحون اللبنانيون، فتواروا عن الأنظار داخل البلدة، بحسب مصادرها. لكن الجيش كان بانتظار التثبت من هذه المعلومات، وينتظر معرفة مصير جنوده وتحريرهم. وهنا «اللغم» الذي فخّخ به المسلّحون طريق التسوية، مستفيدين من خفة السلطة السياسية التي وضعت كل بيضها في سلة هيئة علماء المسلمين، التي تلقت تفويضاً من رئيس الحكومة تمام سلام للتوصل إلى حل لأزمة عرسال بعد اجتماع عقده في السرايا الحكومية مع مسؤولين في تيار المستقبل. أما هذا «الفخ»، فمردّه إلى سببين مباشرين: الاول، أن مسؤولين امنيين لا يزالون يشككون في نية المسلحين الإفراج عن جميع جنود الجيش المخطوفين. والثاني، عدم قبول المسلحين بالخروج من الأراضي اللبنانية، وإصرارهم على البقاء في جرود عرسال. فالمسلحون، بحسب مصادر امنية، يحسبون حساب الشتاء القادم بعد نحو شهرين. وهم قضوا فصل الثلوج والامطار الماضي في قرى القلمون السورية. وبعد طردهم منها، لم يعد لديهم سوى الجرود التي لا تطعمهم ولا تقيهم الصقيع.
ولذلك، يريدون البقاء على مقربة من عرسال، إذ ينتظرهم الجيش السوري وحزب الله على المقلب الآخر من الحدود.
ويوم امس، جددت هيئة العلماء تعهدها السعي إلى تحرير جنود الجيش المخطوفين الذين تصفهم بـ«الأسرى»، قبل غروب اليوم. وحتى ذلك الحين، تلتزم قيادة الجيش الصمت، معلقة ما ستقوم به على نتائج الاتصالات