يستعرض تنظيم الدولة الاسلاميّة المعروف اعلاميّاً بـ "داعش" قوته البشرية والعسكرية في المناطق التي يسيطر عليها يوماً بعد يوم لغاية التأكيد على قدراته في الهيمنة والحكم. استعراض "تنظيم الدولة الاسلامية" للقوة واللجوء الى العقاب الدموي للخارجين عن قوانينه ليس مجاناً ولكنّه، وفق محللين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ارهاب لأهالي هذه المناطق واجبارهم على السمع والطاعة لزعيم الدولة الاسلامية ابو بكر البغدادي والقبول بالتغييرات الجذرية التي يعتقد عناصر "داعش" أنها اصلاح ضروري لحياة الناس.

بالاضافة الى مهمة "الاصلاح" الاجتماعي والثقافي والديني التي تزعمها قيادات "تنظيم الدولة الاسلامية" برزت مهمّة أكبر - غير معلنة - وسريّة للغاية من المرجح أن عناصر "داعش" يحرصون على اتمامها بشكل سري. اذ انها كانت المهمة الكبرى لتنظيم "القاعدة" لكنّه لم يكملها أو فشل في اتمامها على ما يبدو.

ومن المرجح أن تكون المهمة أسهل على تنظيم الدولة الاسلامية بعد أن أصبح له مجال جغرافي سيادي حيوي جدّاً في مناطق في العراق وسورية وحتى في ليبيا كما صار قويّاً لوجيستيّاً وماليّاً. فقد عزّزت ايرادات النفط والغاز المسيطر عليه ثروة تنظيم "داعش"، وهذه الثروة قد ينفق منها مقابل اتمام "المهمة السرية رقم 1" لبقاء التنظيم وعدم زوال "الدولة الاسلامية" كما كان يطمح الى ذلك تنظيم القاعدة.

المهمة السرية تهدف لترسيخ أسس الدولة الاسلامية التي لأجل بقائها استقطب "داعش" الآلاف من كلّ حدب وصوب للجهاد. وعادة ما تتمثّل أهم قواعد ترسيخ الدولة في بناء جيش دفاعي لحماية مصالح وحدود "الدولة". ولأجل ذلك تسعى دول كثيرة وخصوصاً التي تقع طائلة التهديد الى امتلاك سلاح ردع لأجل معادلة ميزان القوى. ومن هذا المنطلق سعى تنظيم القاعدة سابقاً الى امتلاك أسلحة نوعية لكنّه لم يكمل المهمّة بعد سقوط امارة طالبان. وقد تفكر "الدولة الداعشية" في المهمة نفسها لحماية نفسها من فرضيّات ازالتها من قوات دوليّة واقليميّة كثيرة تتربص بها وتنتظر الوقت المناسب لاقتلاع جذورها من المناطق التي سيطرت عليها.

والى حين إتمام "العمليّة السريّة" يسارع عناصر "داعش"، وفق تحليل مصادر مختلفة اعتمدت عليها صحيفة "الراي"، الى زيادة أسطول التنظيم من مختلف الأسلحة ابتداءً من الرشاش الى الصواريخ وذلك من خلال الاستيلاء على الأسلحة والذخائر لكلّ من الجيش العراقي والسوري من جهة، ومن جهة أخرى من خلال شراء أسلحة من السوق السوداء.
ويبقى احتمال لجوء "داعش" الى السوق السوداء للسلاح وارداً خصوصاً وأنّ "داعش" لا يختلف كثيراً في منهجه الجهادي عن القاعدة والتنظيمات الاسلاميّة المتشدّدة الأخرى. وقد يشتري "داعش" ما لم تشتره القاعدة من سوق السلاح بعد توافر التمويل، حيث حذّرت تقارير دوليّة سابقة من مغبة تمويل بعض التنظيمات المتشددة مثل "القاعدة" وما تفرّع منها كـ "داعش" صفقات سرية للحصول على صواريخ باليستيّة ورؤوس نوويّة واسلحة دمار شامل من السوق السوداء. هذا الاحتمال كانت كشفت عنه دراسة للمعهد الأميركي البريطاني للدراسات ومركز "بيلفر" للعلوم والشؤون الدولية بعنوان "الولايات المتحدة وروسيا: تقييم التهديد المشترك للإرهاب النووي".

يذكر أنّ تقريراً أشار الى احتمال امتلاك "داعش" لصواريخ باليستيّة يصل مداها الى 300 كلم". فماذا لو طور هذه الصواريخ وجعل مسافاتها اطول وبذلك قد يهدد كل دول الخليج والشرق الأوسط قاطبة؟

تحدثت تقارير دوليّة كثيرة عن سعي بعض المجموعات الارهابيّة الى شراء مكونات اسلحة نووية بدائية في السوق السوداء في كلّ من جورجيا واوكرانيا ودول افريقا وآسيا وفق تقرير لـ "كارنيغي". ويذكر ان أوكرانيا تعرف حالة فوضى وعدم سيطرة كاملة للنظام الأوكراني على اراضيه ما ينشط ويشجع التجارة غير الشرعية خصوصا للسلاح.

حتى الآن بدا التركيز على تحركات «داعش» داخليا او في مناطق الصراع بين العراق وسورية. لكن لم يتم التركيز على تحركات محتملة لمناصري التنظيم خارجيا واحتمال دعمه ليس بالمال او بالقتال ولكن قد يكون بالوساطة مع تجار الأسلحة المحرمة. ويذكر ان قيمة بيع السلاح في السوق السوداء تصل سنويا نحو 60 مليار دولار حسب صحيفة «وورلد بوليس جورنال».

والى جانب الأسلحة المحرمة التي قد يفكر تنظيم "داعش" في امتلاكها لتحصين نفسه في منطقة تشتعل بالصراعات، فإنّ عناصر التنظيم، وفق جيفري وايت كاتب الشؤون الدفاعية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وهو ضابط كبير سابق لشؤون الاستخبارات الدفاعية، "سيستفيدون من الأموال الطائلة التي استولوا عليها من المصارف العراقيّة والتي تقدرها التقارير بما يصل إلى 495 مليون دولار. وستعزّز هذه المبالغ من قدرة التنظيم على بناء قوّاته وتسليحها، وممارسة الحكم وتوفير السلع والخدمات في المناطق الخاضعة لسيطرته".

الراي