في مقدمة سريعة للإطلالة على العنوان المشار إليه لا بد من التطرق في البداية إلى نظرية الحرب أولا ونظرية الحرب في الاسلام  ثانيا , فالحرب عموما فعل بشري قديم إختلفت تفسيراته بين جماعة وأخرى فالبعض يخوض الحرب بقصد الثأر أو التوسع والغنائم وتدمير الخصم، والبعض الآخر يخوضها دفاعا واضطرارا .
وأما الحرب في الإسلام فلم يرد في القرآن الكريم ولا آية واحدة تدفع المسلمين نحو الحرب ابتداء وكل ما ورد في القرآن هو الحث على الحروب الدفاعية التي يراد منها دفع الظلم ورد العدوان، ولعل الآية المباركة من سورة الحج توضح ذلك بجلاء "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير" وما نص عليه القرآن الكريم في سورة البقرة "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا ان الله لايحب المعتدين" يؤكد أيضا وبجلاء أن الإسلام لا يدعو إلى الحرب الإبتدائية، إنما يدعو الى حرب الدفاع عن النفس والوجود، وحتى حين تكون الحرب دفاعا عن النفس والوجود فإن الإسلام وضع لها قيودا لمنع الاستخدام المفرط للقوة.
فقد قال رسول الله (ص) متوجها الى المقاتلين في جيشه "سيروا بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله، لا تغلوا ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا صبياً ولا امرأة ولا تقطعوا شجراً إلا أن تضطروا إليها، وأيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى أحد من المشركين فهو جار حتى يسمع كلام الله، فإن تبعكم فأخوكم في الدين، وإن أبى فأبلغوه مأمنه، واستعينوا بالله".
فهذا هو منطق الإسلام في الحرب، منطق الرحمة في أشد الظروف بأسا وعنفا، فهو يقيد المقاتلين المسلمين بأحزمة من الرحمة والعطف والصفح لكي لا تكون الحرب مناسبة للقتل المفرط وتتحول من حرب للتصويب وإحقاق الحق إلى فرصة للقتل والتنكيل والتدمير وكما يحصل اليوم في العديد من الدول خصوصا في العراق وسوريا ولبنان وكذلك لم يجعل الاسلام الحرب سببا للفتك والقهر والتدمير والانتقام، إنما هي حروب من أجل الحق ورد الظلم هي بهذا المنطق تختلف عن الحروب عند آخرين من غير المسلمين .
وإن موقف الإمام علي عليه السلام ونحن في ذكرى استشهاده خير دليل على الحدود التي وضعها الاسلام للحرب فقال عليه السلام بعدما ضربه عبد الرحمن بن ملجم :

يا بني عبد المطلب، لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً، تقولون قُتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين. ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي. انظروا إذا أنا متّ من ضربته هذه فاضربوه ضربةً بضربة، ولا يُمثّل بالرجل، فإني سمعت رسول الله (ص) يقول: إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور".
ومن هنا فإن كراهية الإسلام للقتال وإراقة الدماء يعد موقفا مبدئيا وثابتا، والاستثناء هو القتال لرد العدوان، "كتب عليكم القتال وهو كره لكم”، فالبدء بالعدوان على الآخرين أمر مرفوض إسلاميا، وليس له سند في الإسلام.
وإذا كان الجهاد يعني الحرب الدفاعية، فإن ذلك لا يقتصر على القتال، فقد يكون الجهاد بالمال أو بالنفس أو بالفكر أو بأي وسيلة أخرى تساعد على رد العدوان في كل أشكاله وصوره. والهدف هو حماية المجتمع الإسلامي والدفاع عنه وعن عقيدته التي يؤمن بها.
كما أن أن جهاد المسلمين حرب دفاعية مشروعة هدفها رد العدوان فقط. وآيات القرآن واضحة في هذا الشأن، فقد أذن الله للمسلمين بقتال أعدائهم الذين اعتدوا عليهم في قول القرآن: "أذن للذين يقاتَلون بأنهم ظُلموا"، “وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين".
وهذا يبين لنا انه على الرغم من الإذن بالقتال دفاعا عن النفس، فإن القرآن يحذر من مجاوزة الحد في ذلك إلى الاعتداء، فالله لا يحب المعتدين، “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم".
وبالنظر إلى ما يحدث اليوم تحت تسمية الحرب الاستباقية والتي يتخذها حزب الله مبررا وعنوانا  لمعاركه وقتاله في سوريا وتركزت مؤخرا على على الحدود اللبنانية فإن ذلك لا يمت إلى الاسلام ولا إلى تعاليم الإسلام بصلة ويأتي ذلك وفقا لمصالح وأهواء وأجندات سياسية ليس إلا ,وهي تقوم في جوانب عديدة منها على التجني والعدوان وقد لا يختلف حزب الله هنا عن تلك الجماعات الارهابية والتكفيري التي يحاربها هو نفسه فربما أصبح حزب الله من الطينة ذاتها بالانغماس الذي ذهب إليه عن سابق إصرار وتصميم .
ولعل هذه وجهة نظر الكثيرين اليوم أن حزب الله في هذه الحالة لم يعد بعيدا عن تلك الجماعات الارهابية بل لعله أصبح واحدا منها وقد صار عمله الجهادي ضد العدو الاسرائيلي من التاريخ .