الحرب الاستباقية وتعني نقل المعركة الى ارض الطرف الاخر أي العدو وتشويش خططه ومواجهة اسوأ التهديدات المحتملة .
ولم تكن نظرية الحرب الاستباقية نظرية حديثة كما يرى البعض وإن كانت هذه النظرية لاقت رواجًا كبيرًا في الآونة الأخيرة مع الحملة العسكرية على العراق وأفغانستان. بل إن هذه النظرية تعود ولادتها إلى الإمبراطورية الرومانية خلال عمرها الذي وصل إلى أربعة قرون, حيث استطاعت أن تحافظ على سلامة وجودها بفضل الحروب الاستباقية التي كانت تشنها بوجه أية دولة تتوجس منها خيفة. إلا أن هذه النظرية كانت شبه غائبة بين الدول العظمى إبان القرن المنصرم, حيث وصفت العلاقة بين المعسكرين الشرقي والغربي بالحرب الباردة, فلم يتم توجيه أية ضربة عسكرية لأي معسكر من قبل المعسكر الآخر في حرب استباقية جنونية. إلا أن هذه النظرية كانت ولا تزال الخيار الاستراتيجي الدائم في فكر الساسة الإسرائيليين؛ فقد قامت إسرائيل بتطبيق هذه النظرية في حرب 67 وبضربها المفاعل النووي العراقي عام 1981م. إلا أنه مع قدوم المحافظين الجدد إلى البيت الأبيض ريتشارد بيرل ,وبول وولفووتيز ,وكوندوليزا رايس , ورونالد رامسفيلد ,وديك تشيني وخصوصًا بعد 11 أيلول 2001م أصبحت هذه النظرية هاجس السياسة الأمريكية في علاقاتها مع الدول المارقة, حيث من وجهة نظرهم يجب معاقبتها وإجبارها عسكريًا على الانصياع والدوران في الفلك الغربي التي تقوده الولايات المتحدة, ولعقد من الزمان نجحت الآلة الأمريكية القوية في فرض أسلوب الحياة الأمريكية في أنحاء كثيرة من العالم, مستغلة ما لديها من قوة اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية.

وأما في الواقع الراهن  فقد لجأ حزب الله إلى هذه الحرب مع تطور الاحداث في كل من سوريا واعتبر حزب الله أن هذه الحرب تسهدفه فسارع للمشاركة في الحرب السورية متخذا من المراقد المقدسة في سوريا حجة المشاركة في هذه الحرب تارة وحماية ظهر المقاومة تارة أخرى من دون ان يرى في ذلك أي إشكال شرعي أو سياسي أو أخلاقي , ثم أعلن نصر الله في إحدى خطاباته  أنه يخوض حربا إستباقية تتمثل هذه الحرب في منع “الجماعات التكفيرية” من السيطرة على سوريا، ومن ثم تمددها نحو لبنان، وهي نظرية تهدف إلى تبرير التدخل في سوريا في كل الاتجاهات فكانت معركة القصير التي كشفت فيما بعد كذب ادعاءات الحزب بالدفاع عن المراقد المقدسة في سوريا .
ومع ان هذه الحرب الإستباقية لم تحقق أهدافها بدليل الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الضاحية الجنوبية معقل الحزب الاساسي ومناطق أخرى ذات النفوذ الكامل للحزب عليها  وهجمات أخرى تعرض لها كل لبنان إستمر الحزب بحربه الاستباقية تلك وها هو يخوض اليوم أشرس المعارك على طول السلسلة الشرقية من الحدود اللبنانية غير آبه بفشل هذه الحرب وبفشل نظريته بالحرب الاستباقية تلك ,هذه الحرب التي جعلت من لبنان بؤرة من بؤر الإرهاب الذي يجتاح المنطقة وقد كانت هذه الحرب الإستباقية أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى ذلك فضلا عن تغذية هذه الحرب للأحقاد الطائفية والمذهبية وخصوصا بين الطائفتين السنية والشيعية .
وبالنظر إلى هذه الحرب من الناحية الشرعية الدينية فقد كانت الحروب أو المعارك التي جرت وتجري بين المسلمين وبين غيرهم من الكفار والمشركين تحدث من قبل المسلمين وفق ضوابط محكومة بالشريعة التي أنزلها الله على رسوله محمد (ص) من غير عدوان على أحد ولا استعجال للمواجهة، ولا رغبة في العلو والاستطالة على خلق الله، وباستعراض سيرة الأئمة الإثني عشر (ع) لم يشر التاريخ إلى أن أحدا من الأئمة (ع) بدأ بحرب استباقية أو غير إستباقية حتى الإمام الحسين عليه السلام لم يبدأ هو بالحرب وكانت حربه حربا دفاعية عن الإسلام .