ما زالت الاشتباكات مستمرة بين حزب الله وجبهة النصرة في البقاع حيث تشهد السلسلة الشرقية، ولا سيما منطقة القلمون السورية منذ الأحد الماضي، اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة تابعة بمعظمها لـ«جبهة النصرة»، و«حزب الله» والجيش السوري الذي شن طيرانه الحربي، أمس، سلسلة غارات جوية على مناطق جرد عرسال وبساتين وادي نحلة ويونين وفليطا وقارة.
ونقلت صحيفة السفير عن مصادر أمنية تأكيدها أن مقاتلي «حزب الله» تمكنوا من السيطرة على عدد من التلال والمرتفعات الإستراتيجية في المنطقة، ولا سيما «قرن الصياد سلامة» و«قرن شعبة الحمراء»، وهما يتحكمان بمعبرين غير شرعيين يربطان فليطا ببلدة عرسال، وأن المعارك تتركز حاليا في المعرة والبحصاص وعنيفق.
وقالت المصادر إن المعركة الحالية تهدف الى حماية خاصرة المقاومة البقاعية وصولاً الى إقفال جبهة القلمون نهائياً، الأمر الذي من شأنه أن يقي لبنان من خطر السيارات المفخخة والانتحاريين والصواريخ.
ووفق مراسل «السفير»، فإن المسلحين تكبدوا ما يزيد عن مئة قتيل (أبرزهم أحمد عمر اليقظان، وهو أحد مساعدي الشيخ سراج الدين زريقات الناطق باسم «كتائب عبدالله عزام»)، ومئات الجرحى، فضلا عن 17 تم أسرهم.
وتم تدمير عشرات الآليات وتفجير مغاور وأنفاق كان المسلحون يستخدمونها منذ معركة القصير وكان يصعب الوصول اليها نظراً لطبيعة المنطقة، كما تم إقفال معابر عدة للتهريب في عسال الورد وفليطا وراس المعرة وجرود نحلة ويونين.
وأعربت المصادر الأمنية عن خشيتها من أن تكون بعض التجمعات والمخيمات السورية في جرد عرسال، قد تحولت قواعد للمسلحين أو منطلقاً لهم للتحرك في اتجاه الاراضي السورية شرقاً واللبنانية غرباً. وقالت ان هناك آلاف الحصص الغذائية تتحرك يومياً بين عرسال وجردها (تجمعات النازحين)، فضلاً عن رصد تواصل عبر معابر لم تضبط حتى الآن بين مسلحين وعائلاتهم في التجمعات نفسها.
وكان لافتاً للانتباه، أمس، البيان الصادر عن رئيس بلدية عرسال علي الحجيري وأعلن فيه رفضه تحوّل أرض عرسال إلى ميدان للمسلحين. وأكّد أن عرسال تستقبل النازحين السوريين الفارين من الموت كمدنيين، ولا ترغب بأن تتحوّل «إلى ميدان تتغلغل فيه مجموعات مسلحة بذريعة الثورة، تشكل خطراً علينا وعلى النازحين وتمارس عمليات نهب وترويع، فمن يرد الجهاد والنضال لأجل سوريا فليتوجه إلى الجبهة المفتوحة في سوريا». وجدد تأكيد موقف عرسال الداعم للجيش اللبناني والرافض لأي اعتداء على العسكريين، وأعلن الوقوف إلى جانب الجيش «ضد كل من تسول له نفسه الاعتداء عليه».
في السياق نفسه، أشاد مرجع عسكري لبناني بموقف بلدية عرسال، وقال لـ«السفير» إن الخطر الأكبر الذي يتهدد لبنان حالياً يتمثل في وجود مجموعات إرهابية في الجانب السوري من الحدود اللبنانية ـ السورية، «وهذا الأمر يفترض علاجه بأسرع وقت ممكن لأن بقاء الأمور على ما هي عليه الآن، يعني بقاء تلك المنطقة مركزاً للتوترات ومنطلقاً لعمليات تستهدف استقرار لبنان».
ولوحظ أن الجيش اللبناني سحب وحدات عسكرية جديدة من بعض المناطق بهدف تعزيز انتشاره في البقاع الشمالي وخصوصاً في بعض النقاط الحدودية حماية للعسكريين المنتشرين أصلاً هناك، وللقرى والبلدات اللبنانية التي تعيش حالة من القلق جراء الأعمال العسكرية، خصوصاً بعدما راجت في المنطقة أنباء عن خطة كانت تزمع مجموعات مسلحة تنفيذها في المناطق الجردية.
كما عزز «حزب الله» انتشاره على طول الحدود وفي بعض المناطق الجردية النائية، علماً أن مصادر أمنية في البقاع رجحت أن يكون قد سقط للحزب نحو عشرة شهداء.