اختفت الأزمة الرئاسية الأفغانية عن الأنظار، وسط الصراعات والإشتباكات الدائرة في أكثر من بلد في المنطقة العربية الإسلامية، وكادت تتحول هذه الأزمة، إلى حرب أهلية نتيجة شكوك في نزاهة الإنتخابات. بعد اجراء المرحلة الثانية من الإنتخابات الرئاسية، أُثيرت جدل حول نزاهتها من قبل عبد الله عبد الله، المرشح الخاسر وفق النتائج المعلنة.  وفق النتائج، حصل أشرف غني على 56 في المائة، وفاز في الإنتخابات، ولكن عبد الله اتهم رئيس اللجنة التنفيذية للإنتخابات، بالإنحياز للمرشح أشرف غني، مما اضطر رئيس اللجنة للإستقالة من منصبه، ثم كشف عبد الله عن وثيقة صوتية توحي بإرادة حكومية للتزوير لصالح أشرف غني، وجّه عبد الله تهمة التزوير مباشرة لحامد كرزاي الرئيس المنتهي ولايته،. ثم طالب مناصرو عبد الله، منه تشكيل الحكومة وفق الأصوات النزيهة، ولكنه طالب فرصة منهم ليتأمل في الموضوع، مؤكداً على أنه لا يريد عودة أفغانستان إلى حرب أهلية جديدة، رغم أنه لن يسمح لمجيئ حكومة ناتجة من التزوير في نتائج الإنتخابات. في غضون هذه الأحداث، سافر وزير الخارجية الأميركي جان كيري إلى أفغانستان وبعد لقاءات مع الطرفين، أقنع كيري، المرشحين الرئاسيين، على إعادة فرز الأصوات من جميع الصناديق تحت مراقبة دولية إضافة إلى ممثلي المرشحين. ويقال أن عدد الأصوات في الإنتخابات تصل إلى 8 ملايين. يمثل عبد الله عبد الله الطاجيك الأفغان والقوميات الفارسية، بينما ينتمي أشرف زي، إلى طائفة بشتون. تعهدا الطرفان بأن يحترما النتائج المنبثقة من صناديق الإقتراع واحترام صوت الشعب، والإعتراف بالرئيس المنتخب والمشاركة في حكومة الوحدة الوطنية. قبول المرشح الفائز أشرف غني، بهذه المبادرة، كان له تداعيات إيجابية .عبد الله عبد الله، تقدم بالشكرلمنافسه أشرف غني،على قبوله هذه المبادرة. وهكذا يبدو أن الأزمة التي كادت تذهب نحو حرب دامية قبلية في أفغانستان أو إلى تقسيم البلاد، تخمد الآن بفعل مبادرة أميركية.   تجربة حل الصراع الإنتخابي في أفعانستان تجربة يمكن لإيرن أن تستفيد منها، حيث أن الإحتجاجات على نتائج الإنتخابات الرئاسية الإيرانية في العام 2009 أدت إلى اشتباكات دامية وموجة اعتقالات واسعة والإقصاءات وما شابه ذلك. قال أحد المسؤولين الكبار في إيران، قبل أعوام، أنه لو لم تكن هناك الولاية الفقيه تحكم إيران، لكانت إيران  تصير أفغانستان، في إشارة واضحة إلى الخلافات الدامية التي شهدتها أفغانستان بعد سحب الإتحاد السوفيتي قواتها منها.  وها هي أفغانستان الآن أثبتت بأنها قادرة على حل الخلافات بشأن نزاهة الإنتخابات، ولو باستشارة ووساطة أميركية. إن أفغانستان ليس لديها ولاية الفقيه، ليتهم أحد المتنازعين، بالخيانة ويسمي مناصريه بأصحاب الفتنة ويدعم الطرف المتهم، الذي احتكر جميع الوثائق التي من شأنها أن تُثبت التزوير في الإنتخابات نعم، الولي الفقيه في إيران، فتح المجال للحرس الثوري وقوات التعبئة التابعة له لقتل المحتجين على نتائج الإنتخابات الرئاسية، وتم اعتقال آلاف منهم وتعذيبهم في السجون، ولم تسلم إيران من مشاكل تلك الإنتخابات المثيرة للجدل، إلى اليوم، من مشاكل الإنقسام بين القوى السياسية وهروب الأدمغة والرسملة وعدم ثقة الشعب للنظام،ولا يزال المرشحان المعترضان على نتائج الإنتخابات، موسوي وكروبي، باقيان تحت قيد الإقامة الجبرية. ما ذا يقول العقل السليم فيما إذا يكون أي المبادرتين أفضل؟ وساطة كيري بين المرشحين أشرف غني وعبد الله؟ أم انحياز الولي الفقيه إلى المتهم بالتزوير محمود أحمدي نجاد ووضعه المرشح المحتج مير حسين موسوي تحت الحصار؟