كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن هجوم محتمل تقوم به فصائل المعارضة السورية المسلحة على رأسها جبهة النصرة، على بعض القرى البقاعية حيث البيئة الحاضنة لحزب الله، تهديدات لم تهملها قيادة الحزب خاصة بعد إلحاح المجموعات المسلحة على تحقيق نصر معنوي أو إحراج حزب الله في عملية تعيد الى تلك المجموعات الثقة بعد ان توالت عليها الهزائم المتتالية في سوريا وآخرها معارك القلمون التي أثرت بشكل كبير في الصراع الدائر وجعلت المسلحين بين فكي حزب الله من جهة والجيش السوري من جهة ثانية.

ازدادت التهديدات أكثر فأكثر، لمس حزب الله جديّة العملية بعد توافر معلومات عن وضع خطة الهجوم بانتظار تحديد ساعة الصفر، استنفر الحزب عناصره وأوصل الرسالة الأولى ليجنب الأراضي اللبنانية من استضافة أولى المعارك السورية من خلال استعراض عسكري منظم حصل خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد من خلاله جهوزية عناصره لأي محاولة للعبث بأمن لبنان. الرسالة وصلت، وإن أجّلت الهجوم الموعود إلا انها لم تردع قيادات النصرة على القيام بفعلتهم، استغل حزب الله عامل الوقت الذي أتاحته ما سميت بالمناورة، استدعى عناصره صباح الإثنين وكان القرار إفشال أي هجوم محتمل، سرعان ما تبدل هذا القرار بسبب ورود معلومات جديدة عن تحديد ساعة الصفر لعملية "غزو معاقل حزب الشيطان البقاعية" كما سمّتها النصرة وحددتها نهار الأحد، وبدل أن ينتظر مقاتلو الحزب وصول المسلحين الى "المعاقل" باغتوهم في هجوم استباقي بدأ ليل السبت تمكن من خلاله الحزب من الحاق خسائر كبيرة في صفوف المسلحين وقتل ما يقارب 19 مسلحاً بينهم احد قادة المجموعات وسقط لحزب الله ثلاثة من عناصره، كانت تلك العملية بمثابة الصدمة للمسلحين الذين فرّ بعضهم وكان البعض الىخر أمام خيارين إما الإنسحاب او الإنتحار من خلال المواجهة أو الهجوم المضاد، هدأت الجبهات على طول السلسلة الشرقية صبيحة يوم الأحد بعد ضربات موجعة تلقاها المسلحون الذين راحوا يلملمون قتلاهم ويسعفون جرحاهم، ويحددون خيارهم ما بين الإنسحاب أو الإنتحار.. فكان القرار الإنتحار !!

طلبت العناصر المتواجدة في جرود عرسال، دعماً قلمونياً لبدء هجوم مباغت على أحد معسكرات أو نقاط الحزب المتواجدة في وادي فعرة وحددت ساعة الهجوم وقت الإفطار. بدأ الهجوم على وادي فعرة استطاع المهاجمون من تحقيق اصابات في صفوف عناصر الحزب الذين استطاعوا ردع الهجوم بالرغم من سقوط 7 عناصر وجرح أكثر من 30 عنصراً نقلوا الى مستشفيات البقاع. ظن المهاجمون انهم نجحوا في بداية الأمر سرعان ما أدركوا أنهم غير قادرين على البقاء أو إكمال الإشتباك مع مقاتلو الحزب، فاضطروا للإنسحاب بعد ان تمكنوا من سحب جثة أحد عناصر حزب الله. ظنّ مقاتلوا النصرة أنهم حققوا نصراً معنوياً وبإمكانهم العودة والتمركز من جديد في مراكزهم، إلا ان لحزب الله كان رأي آخر..

"نحنا محاصرين.. شو هاد وين الدعم.. حدا يخلّصنا الشهدا بكل مكان وما عم نقدر نسحب ولا واحد" هذا ما قاله أحد عناصر النصرة خلال طريق العودة عبر جهازه اللاسلكي منادياً قيادته ليأتيه الرد " صرنا ساحبين 9 جثث و43 جريح.. والخنازير ما عم يتركوا مجال لوصول الدعم.. اصبروا" وجد مقاتلو المعارضة أنفسهم عالقين في كمين محكم خلال عودتهم، قتل أكثر من 26 منهم وجرح حوالي 70 مقاتلاً، فيما استطاع حزب الله أسر 13 عنصراً لم يعرف مصيرهم حتى الساعة بحسب مصادر النصرة. لم يكتف عناصر الحزب بالكمين الذي نفذوه بل أكملوا بهجوم واسع لم يستطع مقاتلو النصرة مواجهتم وأقصى ما فعلوه الهروب باتجاه عرسال التي وصل مقاتلو الحزب الى تخومها. وبحسب مصادر عرسالية أكدت بأن جثث المسلحين لا زالت حتى الساعة في بساتين البلدة وجرود عسال الورد (حيث دارت أشرس المعارك) لم يجرؤ أحد على سحبها، كما ان المستوصفات العرسالية لم تعد قادرة على استقبال العديد من الجرحى والقتلى.

استطاع حزب الله صد الهجوم وقلب الطاولة على النصرة خلال اشتباكات استمرت حتى منتصف ليل الأحد- الإثنين، نجح من خلالها قطع طرق الإمداد بين جرود عرسال والقلمون بعد سيطرته على معبر الصهريج، مما حتّم على المسلحين فتح طريق لإمدادهم من خلال محاولة السيطرة على معبر الدرة الذي زادت من خسائرهم وحتى اللحظة لم يفلحوا بالسيطرة عليه، إلا ان المواجهات لا زالت مستمرة مع تقدم واضح لحزب الله في ظل تشتت وفرار المسلحين على وقع أصوات الإستغاثة.

المحلق :
فادي نزال