لا يصدق أحد في العالم ولا حتى الصهاينة أن يكون للكيان الصهيوني مناصرين من أمثال هذا الصحافي العربي الذي  يكتب مقالاً يشجب فيه فصائل مناضلة فلسطينية متهماً إياها بفرض حرب ضد الشعب الفلسطيني كما يعتبر أن هذه الحرب، ثمن أو فاتورة لعودة حماس إلى أحضان طهران. بل وأتفه من ذلك يبرر الكيان الصهيوني ويطهرها من دنس الرغبة ببدأ الحرب ويعتبر أن هذا الكيان، كانت تتجنب الحرب وتريد التهدئة!   

أولا القضية الفلسطينية تمثل قضية استراتيجية للجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ انتصار الثورة في العام 1979 ويكفي لمعرفة أهميتها لإيران، أن نعرف بأنه في نفس الوقت الذي كان قوات فلسطينية تقاتل الإيرانيين في الحرب العراقية الإيرانية، لم تغلق إيران، السفارة الفلسطينية في طهران، بل ولم تكترث لهذا الموضوع واعتبرها قضية بسيطة وغير مؤثرة على مسار الحرب، فإيران كانت خلال هذه الحرب، تجد أغلبية الدول العربية - باستثناء القليل منهم- في معسكر المجرم المعتدي صدام حسين، فلم يكن لمشاركة مئآت أو الآلف من الفلسطينيين في الحرب ضد إيران أهمية يُذكر.   

فإذا لم يدفع وقوف ياسر عرفات بجانب صدام حسين،  إيران بتغيير سياساتها تجاه القضية الفلسطينية فهل من المعقول أن يغير مشاركة فصائل فلسطينية تابعة لحركة حماس، في الحرب ضد النظام السوري، في سياساتها؟ كلا، وبات من المعروف أن إيران مستعدة للتحالف مع أي طرف يقف بوجه الكيان الصهيوني المحتل

ثانياً عند ما سُئل خالد مشعل بعد خطاب ألقاه في جامعة طهران قبل خمسة أعوام، فيما إذا يكون رد فعل حركة حماس تجاه أي هجوم إسرائيلي على إيران، وردّ بأننا سندعوا الله ونصلي من أجل إيران! لم تمتعض إيران منه، ولم تتوقع إيران من حركة حماس أو أية حركة أخرى أن تساعدها في المواجهة المحتملة مع إسرائيل، فإيران لديها ما يكفي للردّ لأي اعتداء ومن ينبغي من الإسرائيليين أن يعرف هذه الحقيقة يعرفها جيداً وماسرّ تأجيل الهجوم الإسرائيلي على إيران، إلا أنها تعرف بأن هذا الهجوم سيتبع ثمناً باهظاً ليس بمقدور هذا الكيان دفعها.

ثالثاً: الجماعة التي كانت تقول حتى قبل شهر بأن تنظيم داعش صنع إيراني سوري، وبعد زحف هذا التنظيم الوحشي إلى العراق أصبحت تفهم بأنها كانت واهمة، ولكنها لما تعترف بجهلها، اليوم تنسج قصة مصلحة إيران في المجزرة التي قامت بها الكيان الصهيوني، لإنهاء الإنتفاضة الشعبية التي قد انطلقت بعد خطف وحرق الشاب الفلسطيني الشهيد محمد أبو خضير.

ورابعاً وأخيرا لم يتم زيارة مشعل لإيران، في الأشهر الأخيرة ولا في السنوات الماضية ولو كان يُقدر أن يزور إيران، خلال الأشهر الماضية لكان البعض يقول بأن الحرب على غزة ليست إلا نتيجة خضوع مشعل للضغوط الإيرانية كما هو الآن يقول إن هذه الحرب، فاتورة لاستمالة إيران، من قبل حركة حماس. بينما ليست حركة حماس دمية بيد إيران، بل لها مبادئ وخبرات واستراتيجيات وشخصيات تتمكن من إدارة الصراعات وتصريحات مشعل في الأسابيع الأخيرة وخاصة بعد لقائه لمساعد الوزير الخارجية الإيراني التي حاول مشعل من خلالها، رأب الصدع مع بشار الأسد، دليل واضح على براغماتية هذه الحركة, ولم لا، بينما موازين القوى تغيرت وهذه حقيقة بدأ الكثيرون يعرفونها ويعترفون بها.

ويبقى قضية الشعب الفلسطيني غامضاً طالما هناك، من يبرر تصرفات اسرائيل الوحشية وتطهرها وتُحمل المسؤولية على من دفعت أثماناً باهظة من أجل الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني الأبي.  .