صدَّع ملفّ الجامعة اللبنانية سقفَ التوافق الذي وضعته الحكومة لعملها ولتضامنها الوزاري، وبانَ في جلسة مجلس الوزراء أمس، والتي دامت 7 ساعات، حجمُ الخلاف بين مكوّنات الحكومة على الملفّات الحسّاسة، وسادَ توتّر هو الأوّل من نوعه في عهد انتقال الصلاحيات.

 

وقد توتّر الجوّ عند النقاش في ملف الجامعة، خصوصاً عند طرح تعيين مجلسها وتوزيع أعضائه العمَداء على الطوائف.

 

وفي المعلومات أنّ وزير العمل سجعان قزي طلبَ الكلام في بداية الجلسة، فقال: “سبقَ لنا أن تحفّظنا عمّا هو مطروح في مشروع تفريغ الأساتذة، وعندما أُطلِعنا على تفاصيل المشروع، وعلى رغم الثغرات المحدودة التي اكتشفناها، واقتناعِنا بأنّها لا تشكّل مخالفات كبرى، أيّدناه ونتمنّى بتَّه اليوم”. فقاطعَه وزير التربية الياس بوصعب، قائلاً: “لا يمكننا بتَّ مشروع التفريغ من دون بتّ مجلس العمَداء، وقد توافقتُ وتيّار “المستقبل” على التلازم بينهما”.

 

ودار سجال حادّ بين بو صعب والوزير وائل ابو فاعور الذي سأل عن سبب تغيير عميد كلّية الطب الدكتور بيار يارد ( كاثوليكي) “لأنّه يتمتع بكفاية عالية جدّاً والكلّ أجمعوا عليه”. فردّ بوصعب أنّ عميد كلّية الطب هو من حصّة الطائفة المارونية عُرفاً، ولذلك تمّ استبداله، وقال: “إذا تقرّر الإبقاء عليه فإنّ هذا الأمر سيضطرّني إلى إعادة النظر في توزيعة العمَداء الـ 18، لإعادة التوازن إلى المعيار الطائفي”.

 

ودارَ نقاش حول إمكانية تعيين مجلس العمَداء وتأجيل تعيين عميد لكلّية الطب فقط، ريثما يتمّ الاتفاق عليه، فيما يتحوّل يارد عميداً لها بالوكالة. فرفضَ الحزب التقدمي الاشتراكي هذا الاقتراح وطلب تعيين مجلس الجامعة رزمةً واحدة.

 

ثمّ طُرح ملفّ تفرّغ الأساتذة، فساد نقاشٌ حول إمكانية تجزئة ملف الجامعة، بحيث يُقَرّ التفرّغ ويؤجَّل مجلس الجامعة. لكنّ وزراء “المستقبل” رفضوا هذا الاقتراح مُصرّين على عدم الفصل بين الملفّين، لأنّ مجلس الجامعة هو من يجب أن يدير التفرّغ. فاستمهلَ رئيس الحكومة تمّام سلام الوزراء بعض الوقت لإجراء مزيد من الاتصالات، الأمر الذي أغضبَ وزير التربية ووتّرَه. ولدى استكمال النقاش في البنود الأخرى المُدرَجة على جدول الاعمال، و لا سيّما منها بنود التوظيفات، كان هناك بندٌ يطلب توظيف 10 أجَراء في وزارة الصناعة، و7 عمّال تنظيفات في وزارة العمل، والتعاقد مع أساتذة في الجامعة أُحيلو إلى التقاعد، للإفادة من خبراتهم. فاعترضَ بو صعب على هذه البنود، الأمر الذي استفَزّ وزيرَ الصناعة حسين الحاج حسن الذي قال له: ما هي المعايير التي تفترضها لتعيين أجَراء؟ هل عليهم أن يكونوا حائزين على شهادات دكتوراه؟

 

وتَدخّلَ قزّي فخاطبَ بوصعب قائلاً: “مِن المعيب ربط عدم إقرار ملف الجامعة ببَقية بنود جدول الأعمال، ما هكذا تُدار شؤون الناس، ولا هكذا تُدار شؤون الجامعة”. عندها توتّرَ جوّ الجلسة، فتَدخّل سلام طالباً تجميد كلّ بنود التوظيفات إلى جلسةٍ تكون الأجواء فيها قد هدأت. ثمّ استكمل البحث في البنود العادية.

 

وقالت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”: نحن نعترف بأنّ وزير التربية يبذل جهوداً كبيرة من أجل بتّ ملف الجامعة، لكن من بين الـ 18 عميداً هناك 5 عمَداء من حصة “التيار الوطني الحر”، و2 من الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي ينتمي إليه بوصعب، وهو لم يقبل في كلّ مسار البحث التفاوضَ عليهم، وكان يفاوض في حصص الكتائب و”القوات” و”المستقبل” وحركة “أمل” وحزب الله، ويصرّ على تعيين عميد جديد لكلّية الطب، والإسم الذي اقترحَه لها قريب من “التيار”.

 

وتوقّعت المصادر استمرار الإشكالية وأن يستمر مجلس الوزراء في تجميد ملفّ الجامعة، ولا مؤشّرات توحي بإمكانية إقراره في الجلسة المقبلة، في ضوء أجواء جلسة أمس، حيث تأزّمت الامور وتحوّلت عناداً سياسياً وتشبُّثاً في المواقف.

 

وتطرّقَ مجلس الوزراء إلى استحقاق قونَنة صرف الرواتب لموظفي القطاع العام المالي والتي تفرض انعقاد مجلس النواب في جلسة تشريعية لهذه الغاية، فأكّد وزراء حزب الله وحركة “أمل” أنّهم لن يرتكبوا مخالفة قانونية وأنّ الموضوع يحتاج الى تشريع في مجلس النواب. فيما تحدّث وزراء 14 آذار عن وجود سابقات يستطيع فيها المجلس ان يقرّ سلفة خزينة في مجلس الوزراء.

 

وخلال الجلسة طالبَ وزير الداخلية بتصويب الخطة الأمنية في طرابلس لتحقيق المساواة والعدالة. وأيّده وزير العدل أشرف ريفي، مشيراً إلى أنّ ضابطاً أمنياً هو مَن يحرّك الشارع في عاصمة الشمال. وأكّد مجلس الوزراء أن “لا عودة إلى الوراء في استكمال تنفيذ الخطة الأمنية”.

 

توازياً، علمَت “الجمهورية” أنّ هناك اتّجاهاً لِعَقد جلسة تشريعيّة لمجلس النوّاب، يكون على جدوَل أعمالها 3 بنود، هي: سلسلة الرُتب والرواتب للعاملين في القطاع العامّ، الطلب من الحُكومة إصدار الـ”يوروبوند”، فضلاً عَن فَتح اعتماد لتغطية رواتب موظّفي القطاع العام.

 

وأشارت المعلومات إلى احتمال انعقاد هذه الجلسة الخميس المُقبل، استناداً إلى المواقف الإيجابيّة التي يُبديها جميع الأطراف.